تفاعلات قضية الصحراء مستمرة سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي و يبدوا أنها ستتشعب أكثر في القادم من الأسابيع. فخلال الأسبوع الذي ودعناه طفت إلى السطح مجموعة من الأخبار المتفرقة من أكثر من مكان في هذا العالم و التي تتناول في مجملها تطورا أو تحمل موقفا لجهة ما ارتباطا بملف الصحراء. والغريب جدا أن جوقة السياسيين المغاربة أدارت الظهر لشيء اسمه قضية الصحراء وانغمست في أوحال ممارساتها و حروبها الداخلية المراهقة في انتظار ''نغزة إجماع '' أخرى، فسلسلة شباط بنكيران أجدر بالمتابعة و التركيز من مسألة لطالما أقنعونا عبثا أنها قضية المغاربة الأولى و المصيرية الاستثناء الوحيد الذي خرج عن جوقة إجماع التيه الشباطي سجله حزب اليسار الاشتراكي الذي أعلن عن تنظيم ندوة مهمة حول الصحراء يوم السبت 25 ماي الجاري ستتناول القضايا الحقوقية و السياسية و الاستراتيجية للنزاع و ستعرف مشاركة أسماء مهمة معروفة بمواقفها المنتقدة لتدبير الدولة لنزاع الصحراء من أمثال قيادي جيش التحرير بالجنوب محمد بنسعيد ايت ايدر و الصحفي على أنوزلا و الحقوقي لحسن موثيق بالإضافة إلى حقوقيون يمثلون الجمعية المغربية لحقوق الانسان و المنظمة المغربية لحقوق الانسان ، اضافة إلى ممثل هيومان رايتس ووتش ابراهيم الانصاري و آخرون
لا أحد انتبه إلى الأخبار القادمة من وراء البحار و التي حملت اشارات سلبية جدا للمملكة المغربية في علاقة بقضية الصحراء. البداية كانت من جوهانيسبورغ حيث استطاعت زعيمة الكوديسا امينتو حيدار اقناع أعضاء البرلمان الافريقي من اتخاذ موقف مندد بانتهاكات المغرب لحقوق الانسان بالصحراء واستصدار توصية وجهها للاتحاد الافريقي تحثه على تحميل الاممالمتحدة مسؤولية الاسراع بتصفية الاستعمار من الصحراء. الخطير في موقف البرلمان الافريقي لم يكن بيانه أو توصيته للاتحاد الافريقي لأنها تعتبر مسألة روتينية و متوقعة خصوصا و الاجتماع ينعقد بجنوب افريقيا ، بل التغيير الجذري الذي عبر عنه برلمانيي بعض الدول التي كانت داعمة للمغرب إلى وقت قريب وخصوصا العربية منها مثل ممثلا السودان و تونس اللذان كانا واضحين في مواقفهما الداعمة للبوليساريو.
وفي الشق الحقوقي عرف الاسبوع الذي نودعه هذا اليوم صدور إشارتين قويتين لم نسمع أي رد فعل حولهما من طرف سياسيينا باستثناء بيان لوزارة الداخلية . الاشارة الأولى حملتها رسالة لمنظمة العفو الدولية والتي اتهمت عبرها السلطات المغربية بتعذيب محتجزين صحراويين و اكراههم على الاعتراف بارتكاب أفعال تحت التعذيب ، ودعتها إلى التحقيق في تلك المزاعم و محاسبة المسؤولين عنها و ضمان محاكمة عادلة للمعتقلين. اتهامات نفاها بيان وزارة الداخلية و شكك في نوايا أًصحابها واعتبره موجها من جهة ما ضد المصالح الأساسية للمغرب .
الإشارة الثانية كانت تقرير مركز القاهرة لحقوق الانسان و الذي بات يهتم بشكل كبير بنزاع الصحراء في اطار تقييمه لأوضاع حقوق الانسان بالمنطقة العربية . وقد اعتبر تقرير المركز أن النزاع حول الصحراء يعتبر المغذي الأول لاستمرار انتهاك المغرب لحقوق الانسان بالصحراء ، واستعرض مجموعة من الأمثلة لذلك في غياب تام لرد فعل مغربي حول التقرير سواء للتوضيح أو التفنيد خصوصا و الحالة أن البوليساريو بدأت تتوغل شيئا فشيئا في المنطقة العربية التي يبدو أن ما سمي ربيعا عربيا بها قد زعزع علاقات المملكة ببعض أنظمتها.
بيان آخر حول تطورات قضية الصحراء و تفاعلاتها جاءنا من العاصمة البريطانية لندن، حيث حمل بيان الخارجية البريطانية و الكومنويلث إشارات قوية إلى الرباط لكن للأسف لم نسمع أن أحدهم التقطها ، تمركزت حول استمرار دعم واهتمام بريطانيا باحترام حقوق الانسان بالصحراء و مواصلة تبني نفس المواقف التي برزت أثناء مناقشات مجموعة اصدقاء الصحراء بمجلس الأمن لمسودة القرار الأمريكي المتعلقة بتوسيع صلاحيات المينورسو و التي دعمتها بريطانيا بشكل لافت.
بعيدا عن كل ما سبق ، وقبل يوم واحد من احتفالات جبهة البوليساريو بالذكرى الأربعين لاندلاع الكفاح المسلح و التي تصادف عشرين ماي من كل سنة حيث يخلد الصحراويون معركة الخنكة التي شكلت أول عملية عسكرية ضد المستعمر الاسباني ، عبئت قيادة البوليساريو كل امكانياتها و عتادها و عناصرها من أجل التحضير لأكبر احتفال و تجمع بشري استعراضي ستشهده منطقة اتفاريتي في تاريخها وهي التي يعتبرها المغرب منطقة عازلة و تعتبرها الجبهة محررة و تمارس عليها سيادتها.
ملاحظة خارج السياق :
شهد محيط احدى المؤسسات التعليمية قبل يومين حادثة سير جراء اصطدام سيارة في ملكية مواطن صحراوي بسيارة للشرطة كانت مرابطة قرب المؤسسة التعليمية ، وقد كان سبب الحادث عدم تمكن السائق من السيطرة على سيارته بعد توقف الكوابح عن العمل و تعطل مقود السيارة ، مما أدى إلى اصابات متفاوتة الخطورة في صفوف أربعة رجال أمن . السائق انسحب من مكان الحادث وذهب للتبليغ عن الحادث بنفسه و حضر من أحل تحرير المحضر . العجيب في هذا كله هو محاولة بعض وسائل الاعلام شيطنة كل ما هو صحراوي و محاولة تفسير الحادث العرضي على أنه انتقام انفصالي و استهداف لرجال الأمن و تسويق صور عداء لا توجد إلا في مخيلة أصحابها. رجاء لا تجعلوا الوطن يدفع ثمن ضغائن البعض و كبت و عداء آخرين.