غوتيريش يرصد دينامية التنمية بالصحراء    إعفاء جبائي على اللحوم وزيت الزيتون    رصاصة شرطي توقف جانحا بالعرائش    المنصوري تعترف بوجود "أمناء جهويين عاجزين" في حزبها متعهدة بتطبيق إصلاحات جديدة على فروع "الجرار"    تراجع مفرغات الصيد البحري بميناء طنجة    نادية فتاح: النجاح في تنزيل الأوراش الإصلاحية والتنموية لا يمكن أن يتحقق دون الحفاظ على توازنات المالية العمومية    غنام أفضل لاعب في مواجهة تنزانيا    حسنية أكادير يعود بفوز ثمين من تطوان    اعتقال زوجين جزائريين حاولا دخول سبتة المحتلة بجوازات سفر إسبانية مزورة    الحكومة تتوقع تحقيق نسبة نمو تعادل 4.6% خلال 2025 ومحصول زراعي في حدود 70 مليون قنطار    إشبيلية يندم على بيع النصيري ويفكر في استعادته خلال الميركاتو الشتوي    مجلس الحكومة يصادق على عدد من مشاريع المراسيم    الحكومة تعلن إحداث أزيد من 28 ألف منصب شغل وهذه أكبر القطاعات الوزارية المشغلة        توقيف جزائري حامل للجنسية الفرنسية فار من الإنتربول ومقيم بطريقة غير شرعية في مراكش    تخزين وترويج تمور فاسدة تسقط عشرينيا في يد الشرطة    وفاة مفاجئة لأستاذة بينما كانت تباشر مهامها داخل مؤسسة تعليمية بتزنيت    عرض تقسيم الصحراء المغربية للمرة الثالثة..    أداء سلبي في تداولات بورصة الدار البيضاء    المضيق تحتضن الملتقى الجهوي الثاني للنقل    "العدل والإحسان": السنوار مجاهد كبير واستشهاده لن يزيد المقاومة سوى ثباتا في مواجهة المحتل    إسبانيا.. توقيف عنصرين مواليين ل "داعش" بالتعاون مع "الديستي"    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون مستجدات قضية الصحراء المغربية وموقف غوتيريش من مقترح الحكم الذاتي    "ميتا" تجرب فيديو الذكاء الاصطناعي مع استوديو لأفلام الرعب    حماس: قصف ليلي يقتل 33 شخصا    جوزيب بوريل يدعو لوقف إطلاق النار بعد موت السنوار    مغاربة يصلون صلاة الغائب وينعون السنوار في أزيد من 100 مظاهرة في 58 مدينة    شمال غزة يٌباد.. جيش الإحتلال يقصف المخيمات والمدارس والمستشفيات وتحرم الناجين من الماء والغداء والإنرنيت    بعد عملية قلب ناجحة…مزراوي يعود للتدريبات مع مانشستر يونايتد    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    عمدة طنجة يُعلن إطلاق إسم نور الدين الصايل على أحد شوارع المدينة    طائرة مسيّرة من لبنان تستهدف مقر إقامة لنتانياهو    لجنة الأخلاقيات تعلن إقالة أبو الغالي من المكتب السياسي لحزب "الجرار" وشغور مقعده بقيادته الجماعية    ستة فرق تتنافس على الصدارة وقمة القاع تجمع الكوكب المراكشي بأولمبيك خريبكة    الأمم المتحدة لا تعتبر ما قاله ديميستورا حول تقسيم الصحراء المغربية اقتراحا    كرطيط رئيسا جديدا لاتحاد طنجة خلفا للشرقاوي    افتتاح الدورة ال 24 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة    تكريم ديفا الأطلس حادة أوعكي يُزين حفل افتتاح مهرجان "أجدير إيزوران" بخنيفرة    جيش إسرائيل يعلن مقتل ناصر رشيد    جدة تحتضن مباريات كأس السوبر الإسباني    الجيش الملكي يفوز على ضيفه الفتح في ديربي الرباط    مهنيون: غلّة الزيتون ضعيفة.. وسعر لتر الزيت يتراوح بين 100 و110 دراهم    تكريم الشوبي والزياني يزين حفل افتتاح المهرجان الوطني للفيلم بطنجة    فرقة ثفسوين من الحسيمة تتوج بالجائزة الوطنية للثقافة الامازيغية    المغرب يسجل حالة وفاة ب"كوفيد- 19"    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    ياسين كني وبوشعيب الساوري يتوجان بجائزة كتارا للرواية        شفشاون تحتضن فعاليات مهرجان الضحك في نسخته الرابعة    علماء يطورون تقنية جديدة لتجنب الجلطات الدموية وتصلب الشرايين    المديني: المثقفون العرب في فرنسا يتخوفون من إبداء التضامن مع قطاع غزة    تسجيل أزيد من 42 ألف إصابة بجدري القردة بإفريقيا منذ مطلع 2024    دراسة تظهر وجود علاقة بين فصيلة الدم وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسائل من وحي الانتخابات الجزئية الأخيرة
نشر في كود يوم 25 - 10 - 2012

بالرغم من محدودية الدوائر الانتخابية التي جرت فيها، وقلة عدد المقاعد المتنافس حولها، وضعف تأثيرها على خريطة التوازنات السياسية على صعيد البرلمان والحكومة، فقد كشفت الانتخابات التشريعية الجزئية، التي جرت في كل من مدينتي طنجة ومراكش، عن معطيات و رسائل، ذات أهمية تسمح بإمكانية فهم "تموجات" الحقل الانتخابي، كما تعطي صورة عن طبيعة التدافعات التي يعرفها الحقل السياسي، ونوعية التقاطبات التي تتجه إليها الحياة السياسية في بلادنا.

أول هذه المعطيات، يكمن في هذا الاهتمام الذي أضحت تحظى به الانتخابات الجزئية. فهذا النوع من الانتخابات لم يعد كما كان يمر في "صمت وبدون ضجيج"، بل أضحى ذا رهان ويحظى باهتمام إعلامي وسياسي كبير. وهذا الأمر إذا كان قد تحقق، إلى حد ما، خلال الانتخابات الجزئية التي جرى تنظيمها بتاريخ 17 و 19 شتنبر 2008، والتي مثلت أول محك ل"الوافد الجديد" في الساحة السياسية والانتخابية، فقد كان واضحا خلال الانتخابات الجزئية الأخيرة. فمع هذه الانتخابات كنا أمام نزال سياسي قوي بين حزبين لكل منهما رهاناته الخاصة، أحدهما (العدالة والتنمية) كان يسعى، من خلال استعادة مقاعده الملغاة، التأكيد على أن شعبيته لم تتأثر بالأداء غير المقنع لعمل الحكومة التي يقودها، أو ببعض الاعتراضات التي يواجهها من طرف خصومه السياسيين، في حين وجد الحزب الآخر (الأصالة والمعاصرة)، وهو الذي يتولى الإشراف على تسيير شؤون المدينتين، في هذا الاقتراع فرصة سانحة لضرب أكثر من عصفور بحجرة واحدة. فهذه الانتخابات كانت بالنسبة إليه بمثابة "ترمومتر" لقياس ما إذا كان قد استطاع أن يتجاوز آثار احتجاجات 20 فبراير والجراح العميقة التي خلفتها في صفوفه، وبالتالي الإعلان عن ولادة جديدة له. كما كانت بالنسبة إليه مناسبة لإلحاق الهزيمة بخصمه السياسي اللذوذ والتأكيد على أن الظرف السياسي الذي قاد هذا الغريم نحو قيادة الحكومة قد ولى وانتهى بانتهاء لهيب الاحتجاجات. ويمكن أن نضيف إلى ذلك، أن هذا الحزب كان يريد عبر هذه الانتخابات التأكيد على أن نفوذه السياسي ونتائجه الانتخابية السابقة (اقتراع 2009) لم يكن مرتبط، كما يقول عنه خصومه السياسيين، بالضرورة بوجود "صديق الملك" في قيادته، أو بالتوظيف الكبير للموارد العمومية (الإعلامية والبشرية، واللوجستيكية..).
المعطى الثاني، يتمثل في النتائج التي تمخضت عن هذه الانتخابات وما إذا كان يجوز الانطلاق منها للحكم على التجربة الحكومية ككل، وبصفة خاصة على أداء الحزب الرئيسي فيها. ذلك أن نجاح حزب العدالة والتنمية في استعادة ثلاثة من أربعة مقاعد انتزعت منه بقرار للمجلس الدستوري أثار الكثير من النقاش حول ما إذا كان قد استند على حيثيات ومبررات مقنعة وحول التداخل الممكن بين السياسة والقانون في هذا القرار، إذا كان قد مكنه من التنفيس من حدة الضغط الذي عانى منه في المرحلة الأخيرة، فمع ذلك يصعب الانطلاق من هذه النتائج واعتبارها بمثابة "استفتاء ثقة" على الحكومة الحالية وعلى أدائها. وهناك ثلاثة اعتبارات على الأقل تبرر مثل هذا الاستنتاج:

أولا، إن النتائج المتمخضة عن هذه الانتخابات لم تخرج عن "القاعدة العامة" التي حكمت معظم الانتخابات الجزئية السابقة، وهي إعادة تزكية نفس الوجوه التي فقدت مقاعدها، ومن هذه الزاوية لا يبدو حزب العدالة والتنمية استثناء. ويكفي أن نذكر هنا بالانتخابات الجزئية لسنة 2008، التي تحدثنا عنها، إذ على الرغم من نزول "الوافد الجديد" بكل ثقله، والدور الذي يفترض أن تكون الإدارة قد لعبته لصالحه في ذلك الوقت، فقد كانت نتائج ذلك الاقتراع في كل المدن التي جرى فيها (تزنيت، آسفي، مراكش والمحمدية) لفائدة المرشحين الذين ألغيت مقاعدهم، أي المرشحين المنافسين للائحة الأصالة والمعاصرة...
ثانيا، إن الكرة خلال هذه الانتخابات الجزئية لعبت في مرمى العدالة والتنمية باعتباره المالك الأصلي للمقاعد الأربعة المتبارى حولها، إذ بمنطق الربح والخسارة لا يبدو أن الأحزاب التي نافست "الحزب الإسلامي"، وبالتحديد الأصالة والمعاصرة، على تلك المقاعد قد خسرت أي مقعد، بل إن هذا الحزب الأخير لم يفقد خلال هذه الانتخابات أصواتا كثيرة مقارنة بتلك التي حصل عليها في الانتخابات التشريعية السابقة...

ثالثا، إن عدد المصوتين على حزب العدالة والتنمية قد تراجع بما يقارب النصف مقارنة بالانتخابات التشريعية السابقة، وهذا التراجع حتى ولو كان مفهوما بالنظر إلى أن الانتخابات الجزئية عادة ما تكون نسبة المشاركة فيها ضعيفة، فإنه يبدو ذا دلالة إذا ما افترضنا أن الذين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع هم من المنتمين إلى القاعدة الانتخابية المتلزمة التي اعتادت الإدلاء بأصواتها لصالح حزب عبد الإله بنكيران (المنخرطون، العاطفون،الإسلاميون الآخرون..)، وأن الذين تخلفوا عن التصويت هم "الكتلة الناخبة العائمة" التي صوتت في انتخابات 25 نونبر لفائدة "الحزب الإسلامي" تقديرا منها أنه العنوان الوحيد الذي يجسد "الحاجة إلى التغيير" في ذلك الاقتراع...

المعطى الثالث، يهم انحصار المواجهة السياسية والانتخابية بين حزب الأصالة المعاصرة وحزب العدالة والتنمية. فهذا الانحصار، وإن كان يجد تفسيره في أن الحزب الأول هو الذي يسير المجالس المنتخبة في المدينتين اللتين جرى فيهما الاقتراع وأن الحزب الثاني هو الذي حصد أغلبية المقاعد البرلمانية في تلك المدينتين، بل ويمتلك قاعدة مهمة من المستشارين الجماعيين، فإنه يبدو مؤشرا دالا على أن التقاطب بين "حزب الدولة" و"الإسلاميين" قد عاد لكي يفرض نفسه من جديد، بعد أن كانت الحركية التي عرفها الشارع المغربي ونتائج انتخابات 25 نونبر، قد أشرت على نهاية الترتيبات السياسية السابقة.
والذي يبرر مثل هذا القول، هو أن الكيفية الباهتة التي خاضت بها الأحزاب الأخرى، خاصة الكبرى منها (الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال...)، هذا الاستحقاق، وطبيعة المرشحين الذين زجت بهم في هذه المنافسة، فضلا عن النتائج الهزيلة جدا التي حصدتها، تبدو كما لو أنها تزكية واعترافا بهذا النوع من التقاطب، وأن المرحلة السياسية اللاحقة ستكون مطبوعة بهذه الازدواجية: من مع العدالة والتنمية ومن مع الأصالة والمعاصرة؟.. ويصبح مثل هذا التقاطب أكثر إثارة للانتباه عندما نعلم أن "رأسي الحربة" فيه محسوبين على جناح المحافظة، إما في بعدها الفكري والإيديولوجي (العدالة والتنمية) أو في بعدها السياسي (الأصالة والمعاصرة).

المعطى الرابع، يتجلى في حصول مرشح الاتحاد الدستوري على المقعد الوحيد الذي ضاع من حزب العدالة والتنمية خلال هذه الانتخابات، في وقت كان فيه الجميع يتوقع أن يكون ذلك المقعد من نصيب الأصالة والمعاصرة. فإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الذي فاز هو "المرشح الدستوري" وليس "الاتحاد الدستوري"، الذي يكاد يكون حزبا بدون حياة، يظهر الدور الذي لا زال يلعبه الأعيان والمال والنفوذ في الانتخابات المغربية، بل قد لا نبالغ إذا ما قلنا أن هذا الجانب يمثل، في الوقت الراهن، القوة الوحيدة القادرة على الحد من النفوذ الانتخابي المتزايد "للحزب الإسلامي".

المعطى الخامس، يتمثل في إعادة التأكيد على الارتباط الوثيق القائم بين نتائج الانتخابات المحلية وإمكانيات الفوز بالمقعد البرلماني. فالأحزاب التي اندحرت في هذه الانتخابات الجزئية، ولم تحصل إلا على أصوات ضعيفة، هي الأحزاب التي نالت صفر مقعد خلال انتخابات 2009 الجماعية (الاتحاد الاشتراكي، حزب الاستقلال..)، بينما الأحزاب التي حصلت على عدد كبير من الأصوات وعلى مقاعد أو كانت قريبة منها (العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة..) هي التي تتوفر على حضور انتخابي محلي في المدينتين. مع ملاحظة هنا، تبدو أيضا ذات دلالة، وهي أن هذه الانتخابات أبرزت كيف أن التسيير لا يعني بالضرورة ضمان الفوز بالمقعد البرلماني. فالحزب، الذي استطاع أن يحصل على مقاعد وأصوات أكبر هو الحزب الذي يوجد في المعارضة بينما الحزب الذي يتولى التسيير هو الذي خرج خاوي الوفاض في هذا النزال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.