— يُعرِّف حزب العدالة والتنمية المغربي نفسه بأنه: "حزب سياسي وطني يسعى، انطلاقا من المرجعية الإسلامية وفي إطار الملكية الدستورية القائمة على إمارة المؤمنين، إلى الإسهام في بناء مغرب حديث وديمقراطي، ومزدهر ومتكافل. مغرب معتز بأصالته التاريخية ومسهم إيجابيا في مسيرة الحضارة الإنسانية".
لايخفى على أحد أن حزب العدالة والتنمية ، تنين برأسين، الجناح السياسي المتجسد في الحزب ومكتبه السياسي وشبيبته وفريقه البرلماني ، الذين يعملون وفق قواعد اللعبة الديمقراطية ومؤسسات الدولة الحديثة ؛ وحركة التوحيد والإصلاح ،الجناح الدعوي والفقهي للحركة ، والذي وضيفته التعبئة والإستقطاب ،والدعوة إلى خطاب إسلاموي أخلاقوي متكلس.بفضل هاته "الشراكة" الاستراتيجية، استطاع الحزب والحركة ،تحقيق المعادلة الصعبة التي تجمع بجدارة بين إيجابيات الحركة الإسلامية من جهة ، وإيجابيات العمل السياسي الاحترافي من جهة أخرى. *تقليدانية حزب العدالة والتنمية وسيادة الخطاب الأخلاقوي . حزب العدالة والتنمية لايختلف عن باقي الأحزاب الدينية الشمولية ،التي تنطلق من مرجعية لاهوتية مطلقة ،لاتقبل النقاش أو المراجعة. الديمقراطية بالنسبة لأبناء عبد الكريم الخطيب ،لايتم تبنيها إلا في جانبها التقني ،فهي ليست إلا صندوق إقتراع و وسيلة من أجل بلوغ سدة الحكم وتمرير تصورات الحزب والإبقاء على مايعتبره الحزب إرث ديني وثقافي للمجتمع المغربي. العدالة والتنمية ، تعادي روح الديمقراطية و كل قيم الحداثة ،الداعية إلى المساواة بين الجنسين و ضمان الحريات الفردية وإعتبار المواطنة قيمة عليا ، والفصل التام والكلي بين السلط وعلمنة مؤسسات الدولة وحصر الدين في المجال الخاص بالأفراد . حزب بن كيران ،ورغم ظاهره العصري ، فإن باطنه ممتلئ بالرجعية والتصورات القرأوسطية البائدة ، فالحزب كباقي تيارات الإسلامي السياسي ، ينظر إلى المجتمع ،من منظور أخلاقي ،يحكمه فهم تقليدي وجامد للنص الديني ، حيث تسعى من خلاله هاته الجماعات تأبيد وأحيانا فرض نماذج سياسية وإجتماعية وقيمية،ماضوية ،يتم نهلها مما يعتبره أصحاب الإسلام السياسي ، العصر الذهبي للبشرية .
*العدالة والتنمية والليبرالية الإقتصادية. لا يمكن وضع حزب العدالة والتنمية في خانة الحركات والأحزاب الإسلامية الليبرالية ،التي تحاول المزواجة بين الإسلام كمعتقد ،وبين الليبرالية ،كتصور شمولي ،للمجتمع والسياسة والإقتصاد..إلخ. يمكن إختزال السماة المميزة لهذا التيار الليبرالي الإسلامي في :
-استقلالية الفرد في تفسير القرآن والحديث. -فحص أكثر حيوية وتنوعاً للنصوص الدينية، بدلاً من السوابق الإسلامية التقليدية. -التساوي الكامل بين الذكر والأنثى في جميع أوجه الحياة. -انفتاح أكثر مقارنة بالتيار المحافظ وخاصة في مسائل الجمارك واللباس –والممارسات الشائعة والهندام. -اللجوء إلى استعمال "الفطرة"، إضافة إلى الاجتهاد في تحديد الخطأ من الصواب. حزب العدالة والتنمية ،بجناحيه ،السياسي والدعوي ،بعيد كل البعد عن هذا التصور الليبرالي الإسلامي ، لكنه يتبنى ليبرالية إقتصادية كاملة ،ضاربا بعرض الحائط ،أدبيات مايسمى الإقتصاد الإسلامي .
فور وصول السيد عبد الإله بن كيران وإخوانه إلى الحكم ، شرعوا في تنفيذ سياسة إقتصادية إصلاحية ليبرالية، بدأها بتحرير الأسعار تدريجياً ،والدعوة إلى تخلص الدولة من عبء صندوق المقاصة ، والكف عن دعم بعض المواد الأساسية ،والرفع من الأسعار .إن أهم إجراء إقتصادي نجحت الحكومة التي يقودها الحزب الإسلامي في إنجازهه،هو إصلاح نظام التقاعد ، حيث تم قص ولصق ،الإصلاحات والإجراءات التي اعتمدتها الدول الليبرالية في هذا المجال ، مع الإلتزام بتوصيات البنك الدولي.
تصريح السيد ابن كيران الأخير أمام رؤساء الدول الإفريقة ،وقوله بضرورة رفع الدولة يدها عن مجموعة من القطاعات الخدماتية، مثل الصحة والتعليم، وفسح المجال أمام القطاع الخاص لكي يتولى هاته "المهمة" ، يؤكد بشكل لا ريب فيه ، تبني سياسية إقتصادية ،تسعى إلى إتمام خوصصة القطاعات الكبرى و تخلي الدولة عن أخر القطاعات الحيوية .