بعض الحمقى من بني الجلدة احتفوا بكلام الجعفري مندوب بشار في مجلس الأمن بشأن المغرب. انطلقت الحكاية ببوست على الأنترنيت وضعه عضو من العدل والإحسان, سارع مباشرة بعد تنبيه الجماعة له إلى سحبه, لكن بعض المتياسرين _ لا سامحهم الله _ التقطوا الرسالة وتبنوها وشرعوا هم الآخرون هم في التنويه بما قاله الجعفري في المجلس عن ضرورة إلغاء مظاهر العبودية من المغرب قبل أن يتحدث المغرب عن وقف قتل الناس في سوريا من طرف نظام بشار. معذرة على الكلمة, ولكن موقف هؤلاء المتياسرين موقف نذل ومخجل بامتياز. أن تناقش مظاهر وطقوسا ف بلدك تعتبرها غير قابلة للبقاء في عصر الناس هذا شيء, وأن تناصر نظاما قاتلا, همجيا, دمويا, طائفيا, قبليا, قائما على سحق أهل الشام منذ القديم وأن تجعل كلامه شهادة لك شيء مخالف تماما. والحق أننا فرحنا بالفعل لمهاجمة نظام بشار للمغرب أيما فرح, واعتبرنا جميعا مثلما قال لولييشكي في رده باسم المغرب على كلام الجعفري أنه لا رد إلا البيت الشعري الشهير "إذا أتتك مذمتي من ناقص". والناقص هنا فعلا لا قولا فقط هو دكتور العيون المسمى بشار الذي فقأ عيني الصبية الشامية الجميلة بعد أن سبقه أبوه حافظ إلى اغتصابها في وقت سابق بانقلاب عسكري, ثم بالبقاء في الحكم اعتمادا على الدم والنار, وقتل الآلاف من السوريين في حماة وغيرها, قبل أن يتوج مساره الدموي الفظيع بترك البلد كله رهينة بين يدي بشار دون أن يمتلك هذا الأخير _ ولا شقيقه في القتل ماهر _ أي مشروعية للبقاء على رأس السوريين. لذلك فرحنا, وقلنا إنه من الجيد لنا أن يهاجمنا نظام مثل هذا النظام, لأن الأمر يعني أننا في الطريق السليم. لكن حين استفاق بععض بني الجلدة من سباتهم العميق, وأعلنوا التأييد للجعفري بل وتبادلوا فيما بينهم كلماته في الخطاب فهمنا أن داء الغباء والبلادة هو داء لا يتوقف عند حدود, وأنه من الممكن في معركة الهباء الكبرى أن يستظل الإنسان بأبشع أنواع الحرق هربا من الشمس, وأن يجد اليوم الوقاحة اللازمة لكي يعتبر كلام نظام يقتل يوميا مالايقل عن مائة من أبناء شعبه, كلاما يستدل به على شيء ماز هل هو الفراغ فعلا؟ هل هو عدم العثور على شيء من الممكن أن يهيج الجموع , ومن ثمة اللجوء إلى "الخاويات" من أجل تحميلها ما لاتحتمل؟ في الحقيقة هما المسألتان, ومعهما مسألة أخرى أخطر تتمثل في التبعية العمياء لجزء من هؤلاء المتياسرين لمنظمة البعث الدموية. وقد االتقينا واحدا من هؤلاء عشية مسيرة تضامنية مغربية مع الشعب السوري, وسألناه _ وهو المتعود على الوجود في كل المظاهرات حتى تلك التي لاموضوع لها _ إن كان سيحضر, فأتانا رده مرعبا وهو يجيب "نحضر باش نلعب اللعبة ديال الإمبريالية الصهيونية؟". تبادلنا والصديق الذي كان معي يومها نظرات معينة ولم نقل شيئا, لكننا في أعماقنا كنا نحس أن ثمة مشكلا فعليا لدى جزء من فاعلييا السياسيين أو المحسوبين على السياسة, هو مشكل التيه الكبير الذي مسهم والذي يجعلهم اليوم غير قادرين على التمييز بين الأمور وإن كانت من النوع الفادح الفاضح الذي لايقبل أي التباس لدى الناس الأسوياء. إذن لابأس من بعض التذكير لهواة النضال الفارغ هؤلاء: _عدد قتلى نظام بشار حتى يوم الناس هذا يناهز المائة ألف, وإن كان الإعلام غير قادر على تقديم رقم مضبوط بسبب الحصار المضروب على عمل الصحافة في سوريا. _ ماهر وبشار قاتلان محترفان, ورثا عن والدهما حافظ الإيمان العميق بأن الطائفة "العلوية" (وهي طائفة لا علاقة لها بعلويي المغرب) وحدها تستحق الحياة, وأن قتل الطوائف الأخرى أمر مسموح به, بل مرغوب فيه ومحبب جهد الإمكان. _ المغرب حين انخرط في الجهود الدولية لمحاربة نظام بشار ولوقف نزيف الدم في البلاد التي كانت بلاده يوما, والتي لفظته اليوم, فعل ذلك من منظور التضامن الذي كان ديدنه الدائم, علما أن دماء مغربية زكية خضبت التراب السوري بداية السبعينيات تلزمنا بذلك أيما إلزام. _ القاعدة التي سترث نظام بشار بعد سقوطه من خلال تمظهراتها المختلفة هي أيضا كائن سرطاني تجب محاربته, لكن عدم القبول بالقاعدة وإسلامييها, لا يعني القبول باستمرار بشار في قتل الأهل في سوريا دون أن يجد من يصرخ في وجهه أن كف يا هذا _ أخيرا, نقاشاتنا المغربية, وضمنها نقاش حفل الولاء, هي أمور مستحيلة بالنسبة للمواطن السوري الذي لايستطيع الحديث عن القاتل بشار إلا بالنبس, وعلى من لايعرف دول البعث حقا أن يجرب العيش فيها قليلا, وبعدها إذا أراد أن يستشهد بناقصيها وهم يذمون هذا البلد العظيم, فمرحبا, لكن لا كلام قبل التجريب, خصوصا بالنسبة لمن لم يجرب شيئا على الإطلاق في حياته كلها, ويكتفي اليوم بالكلام