قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن 60 شخصا قتلوا أول أمس برصاص الجيش والشبيحة والأمن السوري، معظمهم في الرستن وحمص وحماة وريف دمشق. فيما تسعتد قوات «الأسد» للهجوم على «إدلب» بعد سقوط «بابا عمرو»، في وقت دعا فيه وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي إلى اتخاذ إجراءات وتدابير حاسمة لدعم إرادة الشعب السوري في التغيير والإسراع في رفع معاناته وحقن دمائه، يأتي ذلك بالتوازي مع تصريحات أطلقها نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية تفيد بأن هناك مؤشرات عن تغير في موقف روسيا والصين من الأزمة في سوريا وأن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سيحضر اجتماع مجلس الجامعة في دورته 137 على مستوى وزراء الخارجية السبت المقبل. وقصفت قوات النظام السوري، بالصواريخ براً وبحراً، مدينة «الرستن» مما أدى إلى مقتل وجرح العشرات، بينهم عائلة من 6 أشخاص. وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن من بين قتلى الأحد 8 أطفال و3 نساء في الرستن إثر سقوط قذيفة على منزلهم خلال القصف الذي تتعرض له المدينة. كما أفاد ناشطون سوريون أن 7 أشخاص قتلوا بينهم 6 من أسرة واحدة (سيدة وخمسة أطفال) في المدينة التي تتعرض لقصف عنيف من قوات النظام السوري. وأضاف الناشطون أن المدينة شهدت تحليقا للطيران الحربي استهدف عددا من المواقع التي يعتقد أنها تنتمي «للجيش الحر»، بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف. من جانبه، قال أحد أعضاء تنسيقية مدينة «إدلب» للثورة السورية: «إن المظاهرات المعارضة لنظام الأسد امتدت إلى وسط المدينة بعد أن كان زخمها يتركز في الريف بعد اقتحام مدينة حماة وإنهاء حالة التظاهر فيها التي بلغت ما يعادل الربع مليون متظاهر، حينها تصدرت إدلب المشهد فامتلأت ساحاتها بالمتظاهرين المطالبين بإسقاط نظام بشار الأسد»، بحسب صحيفة «الشرق الأوسط». وأضاف «بعد اقتحام بابا عمرو وتنفيذ مجازر دموية بحق سكانه، واقتحام معظم مناطق ريف دمشق وإخماد المظاهرات فيها، لم يبق أمام النظام السوري سوى مدينة إدلب التي يخرج الكثير من مناطقها عن سيطرته وتتحصن فيها عناصر منشقة تقوم بحماية المظاهرات المعارضة له». وتوقع الناشط أن «تقدم القوات النظامية الموالية لنظام الأسد بتنفيذ عملية عسكرية كبيرة ضد المدينة وريفها خلال الأيام القليلة المقبلة، تكون أكثر دموية من القصف والاقتحامات التي تمارسها هذه القوات حاليا ضد المنطقة». وأشار إلى أنه يتوقع أيضاً بالمقابل مقاومة شرسة، لا سيما في منطقة جبل الزاوية، حيث لن يتمكن النظام من محاصرتها بسهولة مثلما فعل في بابا عمرو بسبب اتساع مساحتها، إضافة إلى تحضر عناصر الجيش السوري الحر في المنطقة لخوض معارك ضارية ضد قوات الأسد. جدير بالذكر أن أهالي إدلب (في شمال سوريا)، يمتلكون ذاكرة سيئة مع نظام عائلة الأسد. فالمحافظة التي تضم أكثر من عشرين منطقة تتوزع على مساحة جغرافية تقدر بنحو 6100 كيلومتر مربع، تعرضت خلال سنوات الثمانينات لمجازر مروعة، أبرزها مجزرة جسر الشغور التي راح ضحيتها مئات القتلى من نساء ورجال وأطفال، حيث عمدت قوات تابعة لسرايا الدفاع التي كان يرأسها في ذلك الحين رفعت الأسد (عم الرئيس الحالي بشار الأسد) إلى قصف القرى واقتحام بيوتها. وكانت الهيئة العامة للثورة قد أفادت بأن من بين قتلى الأحد 8 أطفال و3 نساء في الرستن نتيجة القصف العنيف على المدينة، و13 شهيدا بمجزرة في حربنفسه بريف حماة. وقالت الهيئة إن 19 شهيدا بينهم سبعة أطفال وسيدتان قتلوا على يد قوات الأمن في محافظة حماة، فيما قتل 17 في محافظة حمص بينهم أطفال ونساء، كما قتل خمسة في إدلب وأربعة في درعا واثنان أحدهما طفل في حلب واثنان في دير الزور وثلاثة بينهم سيدة في ريف دمشق. وقال ناشطون إن الجيش النظامي قصف بلدات حيالين والتريمسة والجلمة والجبين وتل ملح وكفرهود في حماة. كما قتل 13 موظفا أثناء توجههم إلى عملهم برصاص الشبيحة. كما تجدد القصف في حمص على عدد من الأحياء، إضافة إلى قصف الرستن وتلبيسة في ريفها. أما في إدلب فقد قصف الجيش بلدات خان شيخون والبارة وشن حملة دهم واعتقالات في عدد من البلدات. اشتباكات واعتقالات من جانبهم، أكد ناشطون تعرض مناطق عدة في إدلب ودرعا وريف دمشق لحملات دهم واعتقال. كما تحدث ناشطون عن وقوع اشتباكات بين الجيش النظامي والجيش الحر في محيط جوبر بدمشق وحي الجورة في دير الزور. وفي أحدث التطورات، قال ناشطون سوريون إن قتالا عنيفا اندلع خلال ليلة أول أمس بين قوات مدرعة موالية للرئيس بشار الأسد ومعارضين شنوا هجمات منسقة على حواجز للجيش في مدينة درعا، جنوب سوريا على الحدود مع الأردن. وأضاف الناشطون أن معارضين منضوين تحت لواء الجيش السوري الحر كثفوا هجماتهم على أهداف موالية لنظام الأسد في جنوب سوريا وشمالها وشرقها في الأيام القليلة الماضية لتخفيف الضغط عن مدينة حمص المحاصرة. وقال أحد الناشطين واسمه ماهر عبد الحق ل«رويترز» من درعا إن الجيش السوري الحر هاجم عدة نقاط تفتيش وتحصينات في الشوارع في وقت واحد، وإن الدبابات ترد بإطلاق قذائف مضادة للطائرات من عيار 14 مليمترا على الأحياء السكنية، كما يقوم قناصو الجيش بإطلاق النار على أي شيء يتحرك حتى الأكياس المصنوعة من النيلون. وأضاف أن نحو 20 حافلة تقل جنودا شوهدت تتجه من ملعب كرة القدم في الشمال إلى القطاع الجنوبي من المدينة على الحدود مع الأردن. وبث ناشطون سوريون صورا لما قالو إنها عملية مشتركة شنها الجيش السوري الحر في دمشق وريف دمشق على فرع المخابرات الجوية. وتظهر الصور أثار العملية التي نفذها الجيش ليلا. كما بث ناشطون سوريون صورا على الإنترنت تظهر مظاهرة في أحد الأسواق الشعبية قرب مبنى قيادة الشرطة في دمشق. وقد ردد المتظاهرون شعارات مناوئة للنظام، ورفعوا لافتات تطالب بإسقاطه. كما هتف المتظاهرون بنصرة المدن السورية الأخرى الواقعة تحت حصار الجيش النظامي. من جانب آخر، قال ناشطون سوريون وشهود عيان إن الجيش النظامي قصف بلدة القصير في محافظة حمص قرب الحدود مع لبنان, مما أدى إلى فرار عدد من السكان إلى الأراضي اللبنانية سيرا على الأقدام. وفي هذه الأثناء، قال متحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة, إن ما لا يقل عن 2000 لاجئ يعبرون الحدود إلى شمال لبنان فرارا من العنف في سوريا. وقد حصلت الجزيرة على صور لعدد من اللاجئين السوريين الفارين بعد تعرض قراهم للقصف. الخليج: ضرورة دعم الشعب عربيا، دعا وزراء خارجية مجلس التعاون إلى اتخاذ إجراءات وتدابير حاسمة لدعم إرادة الشعب السوري في التغيير والإسراع في رفع معاناته وحقن دمائه، وقال وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل إن من حق الشعب السوري أن يطلب تسليح نفسه لمواجهة ما وصفه بجور الجيش السوري. وحث وزراء الخارجية الخليجيون المجتمع الدولي والمنظمات المدنية العالمية على حقن دماء الشعب السوري باتخاذ إجراءات حاسمة، وأكد وزراء الخارجية في اجتماعهم بالعاصمة السعودية الرياض، أول أمس، على التزامهم بسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها. وأعلن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في مؤتمر صحفي عقب اجتماعات المجلس أن نظام الرئيس السوري بات «عبئا على شعبه». وكشف الأمير الفيصل أن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز اتصل بالرئيس السوري بشار الأسد 3 مرات، وأكد عليه بالقول «أنت تسير في المسار الخاطئ، وعليك أن تصحح مسارك، وإن لم تكن لديك خطة لتصحيح المسار اترك الفرصة لغيرك». وقال الفيصل، في كلمة افتتح فيها اجتماع الدورة ال122 للمجلس الوزاري الخليجي، إن “الاتحاد لن يمس من بعيد أو قريب سيادة أي من الدول الأعضاء أو أن يكون مطية للتدخل في شؤونها الداخلية، فالمشروع الاتحادي لا يتعدى كونه وسيلة تتيح لدول المجلس إمكان العمل من خلال هيئات ومؤسسات فاعلة ومتفرغة”. ودعا الفيصل “أصدقاء سوريا” إلى نصح دمشق بالكفّ عن سياستها في قتل البشر، وقال إن السوريين لا يريدون النظام الذي يصرّ على البقاء في السلطة بالقوة، ولهم حق مشروع في الدفاع عن أنفسهم. وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، إنه يأمل من أصدقاء سوريا “أن ينصحوها بالكفّ عن سياسة قتل البشر”، متمنياً أن ينضموا إليهم في محاولة إقناع سوريا بالتوقف، نريد حماية الشعب السوري وأن يعيش في استقرار. وأشار إلى أنه إذا وقف نزيف الدم في سوريا وأفرج عن المعتقلين فسيكون هناك مكان للحوار، مؤكداً أن النظام السوري الآن يقوم بأعمال عدوانية ضد شعبه. وعبّر الفيصل عن “خيبة أمل من الموقف الروسي من سوريا”، موضحاً أن دول الخليج رفضت المحادثات مع روسيا عبر مجلس التعاون الخليجي، لأن القضية عربية يفترض أن تناقشها القمة العربية، وأضاف “قلنا لهم إن هذه مشكلة عربية وليست مشكلة خليجية”. وقال الفيصل “نتألم عندما يصوب الجيش السوري مدفعه لصدر السوري”، مرحباً بالجهود الدولية لحل الأزمة السورية، وعبر عن أسفه لأنها “فشلت في وقف المجازر” . وكانت جامعة الدول العربية قد أعلنت، أول أمس، أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، سيحضر اجتماع مجلس الجامعة في دورته 137 على مستوى وزراء الخارجية السبت المقبل. وأعرب أمين عام الجامعة نبيل العربي في افتتاح مؤتمر الاستجابة الفورية للحاجات الإنسانية للمتضررين من أبناء الشعب السوري الذي تستضيفه الجامعة، عن أمله صدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في سوريا، وفتح المجال للمعونات خلال أسبوع، وقال إن “هناك مؤشرات إيجابية للتغيير في الموقفين الصيني والروسي”، لافتاً إلى “اتصالات تجريها الجامعة مع الجانبين”، ومؤكداً أهمية تضافر الجهود لإغاثة الشعب السوري، ومشيراً إلى “تأزم الوضع وخروجه عن المقبول”.