أقرب الحيوانات إلى الإنسان الكلب .. الكلاب صديقة للبشر مثل القطط و القردة و طيور الدوري التي تضع أعشاشها فوق السطوح. من بين العلامات الدالة على صداقة الإنسان بالكلاب حكاية أهل الكهف في القرآن..
ثلاثة و رابعهم كلبهم .. الحمار قيل فيه " إن أنكر الأصوات لصوت الحمير.. لم ينل المسكين حظه و لم ينل ما يستحقه من حسنات رغم ما قدمه للبشرية من خدمات جليلة.. الكلاب مثل الإنسان هناك من تصادفه و من أول نظرة يدخل إلى قلبك و هناك من لا تطمئن إليه و لا ترتاح معه ..ربي خلق و فرق.. الشكل طبعا شكل الحيوان شيء حاسم في هذا الشعور..ذ
الكلاب أصدقاء الإنسان و في أمريكا أقاموا أمس عيد الكلب كما نحن عندنا سوق الكلب..عندنا أيضا " بني كلبون " للإشارة إلى خسة قوم و حقارتهم ...نحن قوم لا نربط الأعياد بالكلب..الكلب قاموسه هو قاموس السب و القذف و التحقير. لا يمكن أن تقول عندنا أن فلانا بحال الكلب و يفهم منها انه وفاء و إخلاص الكلب.. علاقتي بالكلاب كانت علاقة خوف و توجس و تجاهل .
عادت العلاقة جيدة يملؤها المودة المتبادلة و الحب بعد أن ربيت العام الماضي "شيفا" الكلبة بيرجي البلجيكية الجميلة.. عشت مع ذئبة عشقها أبنائي و أتووا بها من طنجة في شقة ضيقة و لم أشعر بالضيق قدر ما شعرت بالاطمئنان معها و ربينا الكبدة على بعضنا بعضا. اكتشفت أن "شيبا" القوية التي تشبه ذئبة أفضل من كثير من الصنف الذي سماه المغاربة "بني كلبون " لم يكن ممكنا أن تظل الكلبة الرائعة محاصرة معنا في منزل ضيق..يوم فراق " شيبا" بكينا .
اللغة عندنا عاهرة ناكرة خير و منافقة متملقة...نشبه البليد و الغبي و التافه و الحقير بالحمار و نقول فلان غير حمار..الكلب أيضا كأن شمسه لم تشرق يوما..فلان غير كلب..شوف كيف حالتو بحال جرو..الجرو تقال في الشمال ..
لماذا كل هذه الحقرة تجاه أجمل الحيوانات التي رافقت بني آدم من أول التاريخ في حياته و ترحاله و سعيه و حروبه و في السراء و الضراء... في أمريكا عنهم عيد الكلاب هذه الأيام.. يفرحون بها و يتباهون بجمالها و أناقتها و عفتها و قوتها و ذكائها و وخفتها .و في ذلك فليتنافس المتنافسون. كم تكلف الكلاب من ميزانيات تفوق ميزانية شعوب بكاملها..ما يصرف على الكلاب من تغذية و ترفيه و مأوى و صحة أكثر بكثير مما يصرف عن بني آدم في بعض البلدان الفقيرة التي تكالبت ضدها الطبيعة و الجفاف و التسلط و الفساد و اللصوص..
تعجبني احتفالات الكلاب بعيدها .. كل أعراس الكلاب مقبولة لكن شيء واحد مقزز إحذوره البيتبول المصيبة .. مؤخرا قرأنا كيف قضم بيتبول في إحدى الشواطئ فخذ فتى ..كل كلاب الكون مقبولة ماعدا تلك الكارثة المسماة بيتبول و أشباهها.. أحذروا ذاك الوحش و تجنبوه ...قمة الجبن و الحقارة و التخلف هو أن تربي كلب بيتبول أو كلب آخر من فصيلة عدوانية و تخرج للشارع لإرهاب الناس . الكلاب التي نحب تشبه كلب قصص ريمي و كلب أهل الكهف و كلب محمد شكري و كلاب و ذئاب "الأنياب البيضاء" وسط الغابة الموحشة الثلجية التي صورها الروائي جاك لندن .أما كلب الرئيس جورج بوش فيبدو مدللا أكثر من اللازم تنفره النفس..
هناك الملايين من الناس يقتلون الضجر بمرافقة الكلاب و القطط و الطيور و العيش معهم تحت سقف واحد..تدخلا ثملا في آخر الليل فتجد الكلب في انتظارك يقفز فرحا ينتظرك بشوق .
العرب الذين نزل عليهم البيترودولار كما نزل المن و السلوى على قوم موسى لا يعرفون فنون العيش رغم كل الثروات التي يملكون..قيم البداوة و قيم قريش ما زالت متحكمة في خيالهم ..رأينا أحد أثرياء الخليج يسوق الكات كات المصبوغة بالذهب و يرافقه في الكرسي الأمامي نمر جاكوار..
النمر و ليس مشيشة او شيواوا او كانيش .شوفوا العبقرية. كلاب الأطلس الوحشية الجميلة بدأت تنقرض. لا احد يهتم بمصيرها لأننا ليس لنا عيدا للكلاب مثل أمريكا..