إذا حزمت حقائبك وعقدت العزم على التوجه إلى عاصمة النخيل مراكش فاعلم أن النوم لن يجد طريقه إلى جفونك إلا في ساعة متأخرة من الليل. فالمدينة الحمراء لا تعترف بشيء اسمه "لاهوت سيزون"، لأن الفنادق تسجل على طول السنة إقبالا كبيرا، سواء من حيث العدد أو نوعية الشخصيات التي تختار الهروب من صخب البلدان والمدن التي تعيش فيها للاستماع بالهدوء وأشعة الشمس في ضيافة السبعة رجال. ورقة المغرب الرابحة احتلال مراكش المركز السادس كأفضل وجهة سياحية، من بين 25 عبر العالم، لم يكن محض الصدفة. فرهان المغرب على تحقيق رؤية 2020، ببلوغ 20 مليون سائح، لا يمكن أن يصبح واقعا بدون توظيف هذه الورقة الرابحة للسياحة بالشكل الصحيح. على هذا الأساس جرى إطلاق عدد من المشاريع التجارية والمؤسسات الفندقية الضخمة حتى تكون المدينة حاضرة في لائحة كبريات المدن السياحية في العالم، لكن دون التفريط في أصالة عمرانها وأسلوب سكانها الفريد في حسن الضيافة. لكن هل هذا كل ما جرى الاهتمام به في مراكش؟ زعامة بنات كازا إن الإجابة على هذا السؤال تحتاج منك أن تلبس ثوب السائح وتتجول في أهم شوارع المدينة وتتردد على أشهر فضاءاتها لتقدم جوابا شافيا لا يفضح عللك المعرفية.. وهذا ما فعلته "كود"، التي ارتدت ثوب سائح عربي "يالله حطاتو الطيارة". وحتى تكون الانطلاق صحيحة، فإن البداية كانت من محطة القطار، حيث وجدت نفسي مضطرا إلى "التحول" لمرشد، رغم عدم إلمامي الكبير بجغرافية المدينة، لمجموعة من الفتيات من الدارالبيضاء وصلن للتو للمدينة الحمراء لقضاء عطلة نهاية الأسبوع. وهكذا دار الحوار "ممكن سؤال؟... نعم تفضلي...يمكن ليك توريني مكان...؟ نعم.. أول طريق على اليمين وبعد ثلاث إشارات ضوئية تسألي أي واحد يدلك على المكان.... هل أنت ذاهب في الاتجاه نفسه لنوصلك معنا... لا شكرا". جرأة "بنات كاز" أعطتنا فكرة أن المغامرة التي سنقوم بها ستكون حبلى بالأحداث المثيرة، وأن "شي دريات زادو فيه شوية". الإثارة الموعودة عقارب الساعة تشير إلى التاسعة ليلا.. نايضة بجيليز.. حياة أخرى بقًوام.. (آسف على هذا الخطأ في الرقن) بمقومات ليست متاحة للجميع. ورغم أننا بدأنا المغامرة في وقت مبكر، إلا أن عقارب الساعة توجهت بسرعة لمنتصف الليل.. وهنا تبدأ حكاية أخرى. فما إن بدأت المقاهي الفاخرة والملاهي الليلية والحانات تفتح أبوابها، لاستقبال روادها، حتى انطلق موسم عروض الأزياء بألبسة جريئة في شوارع المدينة، استعدادا للنشاط الذي يستمر حتى ساعات متأخرة من الليل. "الإثارة الموعودة" جاء وقتها بعد ساعتين من منتصف الليل. سياسيون في أحزاب بالحكومة والمعارضة، ورجال أعمال معروفين، وأمراء من السعودية وقطر، ومشاهير، محيحين في المدينة الحمراء. كل واحد منهم يستمتع ويسترخي بعيدا عن صخب العمل والسياسة والإدارة بطريقته الخاصة في مراكش، حيث يكون حرا أكثر من أي مكان آخر.. وهي الحرية التي سنحترمها بعدم ذكر أسمائهم، رغم أن بعضهم "قتلونا" في خطاباتهم بالدفاع عن الطبقة المتوسطة وتقاسم همومها وتصديهم ل "أعداء القدرة الشرائية للمواطن البسيط.....". "ولاد لمرفحين" ممخلينش حقهم.. فأي فضاء ولجته إلا وتجدهم "كيجدبو" على إيقاع أغاني بلغات مختلفة. غوارديولا.. وما خفي كان أعظم ضيف خاص استقبلته عاصمة النخيل.. إنه محبوب الساحرة المستديرة مدرب نادي بايرن ميونيخ، الإسباني بيب غوارديولا، الذي اختار مراكش للاحتفال رسميا بعقد قرانه، الذي سيقام، اليوم السبت. وأوردت الصحيفة الرياضية (موندوديبورتيفو)، اليوم الجمعة، أن مدرب نادي برشلونة السابق استأجر طائرة لنقل ضيوفه من كتالونيا إلى مدينة مراكش السياحية. توقع مسؤول في شركة حراسة خاصة أن يكون نجوم من فريق برشلونة ضمن الضيوف الذين سيحضرون الحفل، لكنه رفض الكشف عن أسمائهم. وأكد المصدر نفسه، في تصريح ل "كود"، أن "أمراء من دول أوروبية ومشاهير كبار ورؤساء دول يصلون إلى مراكش في سرية تامة"، حتى لا تترصد تحركاتهم عدسات المصورين. وأوضح المصدر نفسه أن بعضهم ينزل في رياضات أو يستأجرون فيلات، حتى لا تتسرب أي أخبار عن وجودهم في المغرب. لي حصل يودي هذه الشخصيات الوازنة، والعدد الكبير للزوار، يفرض وضع خطة محكمة لتفادي أي أحداث قد تفسد أجواء الفرح والنشاط في المدينة الحمراء. وفي الجولة الليلية، وجدنا صعوبة كبيرة في التقاط الصور بسبب التواجد الكثيف لرجال الأمن، حتى ساعات متأخرة جدا من الليل، وهو الوقت الذي تلفظ فيه الحانات والملاهي الليلية زبنائها. وعاينت "كود" عمليات التدقيق في هويات عدد الأشخاص الذين أثارت تحركاتهم الشكوك، وهو ما أثمر عن إيقاف، ليلة أمس الجمعة، 12 مبحوثا عنه في جنح مختلفة. وخلق ذلك التواجد الأمني المكثف حالة من الارتياح والطمأنينة لدى الزوار، الذين شوهد عدد منهن يتجولون بعد منتصف الليل في أماكن خالية دون أن يعترض سبيلهم أي منحرف أو يسلب ما بحوزتهم. وحتى لا نكون متحاملين، فإن المستوى الذي وصلت إليه المدينة في التنظيم يفرض أن يكون دافعا للساهرين على باقي المدن الأخرى، حتى يعبدوا الطريق لإيصال مدينتهم للمرتبة التي تستحقها.