في الأصل ولدت ميدي 1 سات فكرة سياسية بنفس دبلوماسي ودعم مالي مغربي فرنسي. وما إن أكملت سنتها الثانية، حتى صارت تدفع ضريبة هذه الهوية المبهمة، لدرجة أن إفلاسها كان وشيكا. لتجد نفسها أمام برنامج إنقاذ استعجالي جربت فيه كل الوصفات المالية والقانونية والتقنية والتحريرية. والنتيجة انتعاشة ملحوظة في مسار القناة. حيث استبدلت المساهمة الفرنسية برأسمالي مغربي مائة بالمائة، وتحولت من قناة خاصة إلى قناة عمومية، وانتقلت من البث الفضائي إلى البث الأرضي، ومن قناة إخبارية إلى قناة عامة. لكنها لم تدرج ضمن القطب العمومي للعرايشي. بعد تحولها إلى قناة عمومية، صاغت حكومة عباس الفاسي دفتر تحملات لها على المقاس، لم يثقلها بإكراهات الخدمة العمومية كما هي مفروضة على القناتين الأولى والثانية، وذلك من أجل فسح المجال لها بشكل أكبر للحصول على مداخيل إشهارية تسمح لها بالخروج من الضائقة المالية.
اليوم ومع التحسن المالي والتحرير الذي صارت تستشعره القناة في أفق تحويلها إلى قناة مغربية ثالثة بديلة وغير منافسة بالضرورة للقناتين الأولى والثانية، يقترب موعد مراجعة دفاتر تحملاتها على شاكلة القطب العمومي من طرف حكومة بنكيران خلال السنة المقبلة، وهو ما يجعل القناة متخوفة من مستقبلها خصوصا بعد الضجة الكبيرة التي أثارتها دفاتر تحملات القطب العمومي إلى درجة استدعت معها التحكيم الملكي في الملف. حيث ظلت القناة رغم أنها عمومية، تحتفظ بمسافة كبيرة من الحكومة، إذ لم يسبق لها أن تلقت أي دعم مالي مباشر من الدولة في صيغة عقد برنامج على شاكلة القطب العمومي. بالإضافة إلى أن الجميع يعلم بالعلاقة غير الودية على الأقل فكريا، بين الخلفي والعزوزي مدير القناة المقرب من منير الماجيدي. فهل تنجح ميد1 تي.في في ممارسة ضغط مماثل لذاك الذي مارسه الشيخ والعرايشي وسميرة سيطايل في دفاتر التحملات؟ وهل يستفيد الخلفي من دروس القطب العمومي، فيترك القناة بهويتها الخاصة المتراوحة بين العمومي والخاص؟ أم أن شوطا جديدا من الصراع بين الحكومة والتلفزيون سينتقل من الرباط والدار البيضاء إلى طنجة؟