ستتحول النساء مع الوقت إلى رجال، وكل العقود التي قضينها في الدفاع عن حقوقهن انتهت إلى هذه النتيجة المخجلة، وفي المستقبل من الصعوبة بمكان العثور على امرأة، لأنك ستكتشف بعد الارتباط بها أنها رجل. النساء طبعا مازلن يضعن سوتيانات ويتزين ويلبسن تنورات ولم تنبت لهن بعد لحية، كما أن أعضاءهن الحميمة لم يطرأ عليها أي تغيير ومازالت كما هي، إلا أنهن ولينجحن فضلن التخلي عن كل الشعارات النسوانية القديمة وتغييرها بأخرى ترى أن أفق المرأة هو الرجل.
هذه تقريبا هي الخلاصة التي انتهت إليها الفيلسوفة الإنجليزية نينا باور في كتابها"المرأة ذات البعد الواحد"، والتي قدمت نماذج معروفة من النساء أصبحن رجالا، مثل مارغرت تاتشر.
أما المثال الصارخ، فهو الأمريكية سارة بالين، التي تعترف بعظمة لسانها أنها "كلب شرس يضع أحمر شفاه"، ويحب حيازة السلاح، ولكي تكون رجلا فحلا بالفعل فقد سخرت من الرئيس أوباما، وشتمته أمام الملأ، قائلة إنه لا يملك أي شيء تحت سرواله، وسيأتي الوقت المناسب لتخبر العالم أجمع أنها هي من يملك ذلك الشيء تحت تنورتها، ولهذا السبب تتغزل بها البنات في الفيسبوك ويتمنين النوم معها.
فرويد بقضه وقضيضه وقف حائرا أمام النساء، إلا أنه لم يقل إنهن نوع آخر من الرجال، بل تساءل بعد أن لم يجد جوابا: ما الذي تريده النساء، دون أن يتوصل إلى نتيجة.
استعارت نينا باور سؤاله الشهير وحاولت أن تجد الإجابة المناسبة بعد أن شبع فرويد موتا، وقالت إن ما تريده النساء اليوم نلاحظه جميعا في المجلات ويتمثل في رغبة الحصول على حقائب يد غالية الثمن وعلى هزاز للإثارة الجنسية وشقة ورجل في آخر المشوار، وهذا هو ذروة النجاح الذي استطاعت تحقيقه، لتنتقل المرأة من ضحية للتشيئ في الماضي إلى ضحية للاستهلاك في الوقت الحالي.
لا يخلو موقف هذه الكاتبة التي أخذت على عاتقها تقريع بنات جنسها من يساروية وتبسيطية في التحليل، فالرأسمالية في نظرها هي أعز صديقة للبنات اليوم، وآلاتها المشتغلة لحسابها مثل الإعلانات والموضة والبرامج التلفزيونية جعلت الفتيات يدخن ويولين اهتماما بالكرة ويشترين سيارات كي يكن متحررات كما يريد لهن النظام ذلك.
هذا ما انتهى إليه إذن نضال الحركات النسوية: عمل شاق وراتب أقل من الرجل وفساتين في المجلات يعجزن عن شرائها وموديلات فاتنات يوهمنهن أنهن بمجرد الاستهلاك سيصبحن مثلهن تماما، ثم وزيرة إسلامية في المغرب ضد حقوق بنات جنسها، همها الوحيد الآن هو توقيف تفعيل الأجندة الحكومية من أجل المساواة، لأن كلمة أجندة هي مذكر في الفرنسية، وقد تحولت جنسيا في العربية وأصبحت أنثى، مع ما يعنيه ذلك من نشر للشذوذ وللكلمات الغريبة عن ثقافتنا.