دار الزمان دورته لتنقلب المفاهيم والشعارات، وأصبح الممقوت بالأمس مرغوبا اليوم. ما بال القوم يغيرون اتجاهاتهم، ماذا حصل؟ هل غيرت الشمس مشرقها؟ أم أن القمر يضيء النهار لتضيء الشمس ظلام الليل؟ أسئلة قد تبدو للوهلة الأولى مذهلة، لكنها إلى ذلك قريبة، بعد أن كنا نسمع عن عنف الرجال ضد النساء ها نحن نسمع بشبكة مغربية للدفاع عن حقوق الرجال، وبعد أن كان 8 مارس يوما يهلل فيه الكل للنساء، ها نحن نسمع رجالا يريدون أن يكون لهم من هذا اليوم نصيب... والحكاية المضحكة المبكية من بين كل هذا وذاك ما وقع لإحدى السيدات يوم 8 مارس، فقد قالت هذه السيدة إنها امتطت سيارة أجرة صغيرة لبلوغ نشاط أقيم بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وما إن بلغ السائق منتصف الطريق المؤدية إلى قاعة علال الفاسي بالرباط حيث تتضامن نساء مغربيات مع شقيقاتهن الفلسطينيات، حتى بدأت السيدة تمزح مع السائق بأنها لن تؤدي له ثمن الركوب لأن اليوم يوم المرأة، فما كان من السائق إلا أن رد عليها: حتى أنا غير ولية. لقد بدأ بعض الرجال يلاحظون أن مطالبة المرأة بالحقوق قد تجاوزت في بعض حالاتها حدودها، وقد بدأت حقوقهم مهددة لذلك فهم يريدون أن يتداركوا الأمر قبل أن تدوسهم الأقدام. البعض يفسر الأمر بالنتيجة الطبيعية لتفشي الأنانية والبعض الآخر يفسر الأمر بالمولود الطبيعي للحركة النسوانية التي بدأت في أواخر القرن التاسع عشر وعرفت تطورات متشعبة. مضى زمن كانت المرأة تمتطي أي وسيلة لتتشبه بالرجل لكونها ترى في التشبه به قوة وإثباتا للوجود، فمن النساء من ظنن أن تدخين السيجارة مثل الرجال سيمكنهن من تبوء مكانة أفضل من مكانتهن، ومنهن من رأت في قص الشعر إلى ما فوق الرقبة سيلحقها بركب الرجال الأقوياء، ومنهن أيضا من رأت في التشبه بلباس الرجال ما يجعلها فوق بنات جنسها... الآن وقد جعل للمرأة خط أخضر تشكو فيه عنف الرجل، وأعطيت حقوق لنساء القرن الواحد والعشرين كانت أحلاما لنساء القرن العشرين والتاسع عشر، استفاق بعض الرجال ليروا أن التشبه بالنساء ربما سيدر عليهم عطف الترسانة القانونية الوطنية والدولية، لهذا لا غرابة أن نسمع رجلا ينعت نفسه بـ الولية. همسة في أذن الرجل والمرأة: لا الرجل يمكن أن يكون امرأة ولا المرأة يمكن أن تكون رجلا الله خلق الرجل والمرأة للتكامل وليس للتماثل وإلا لما أخذت الأسرة زينتها باحترام كل جنس لما خلق له.