هل يمكن لأحد أن يتخيل حزبا كبيرا مثل حزب الاستقلال، يقوم أعضاء لجنته التنفيذية عن بكرة أبيهم، ويجتمعوا من أجل التداول واتخاذ القرار المناسب في ما يتعلق بالحكم الصادر في حق ابن شباط، والذي قضى بإدانته ثلاث سنوات سجنا نافذة، بتهمة الاتجار في المخدرات. وهل يمكن تخيل أن تنحرف نقابة شباط الأب عن دورها، وهو الدفاع عن مصالح العمال وحقوقهم، لتنظم ندوة صحفية، وربما خوض أشكال نضالية واحتجاجات ومسيرات في الشوارع واعتصامات أمام البرلمان، إلى أن يطلق الابن ويعود إلى والده. وهل يمكن لأحد أن يتوقع أن تكتب جريدة الحزب أن هذا الحكم هو استهداف لقياديين في الاستقلال ومحاولة للانتقام من حميد شباط وأن الملف مطبوخ للانقضاض على"الأخ"نوفل شباط. نعم، كل هذا ممكن في حزب مثل حزب الاستقلال، يتوفر على قيادي مثل حميد شباط، حزب بنى قوته بمنطق العائلة، وبمنطق الأب والابن والزوجة ثم الأتباع المخلصين والمستفيدين والذين يدورون في فلك هذه الدائرة التي تكبر بكبر حجم الأب وقوته وانتمائه العائلي.
ولنتخيل الزعيم عباس الفاسي يظهر من جديد بعد طول غياب لاتخاذ موقف سياسي يتعلق بقضية مخدرات، ولنتخيل أيضا، وفي إطار الانسجام والتحالف الحكومي، أن يدلي بنكيران هو الآخر بدلوه دفاعا وتضامنا مع حليفه في الأغلبية.
يشعر الاستقلاليون أن حميد شباط مازال قويا ورقم أساسيا في معادلة القيادة داخل الحزب، وأنه مازال متحكما وذا نفوذ، وأنه يمكن أن يقلب الطاولة في أي وقت شاء، ولذلك يجدون أنفسهم مرغمين على الحديث عن المؤامرة وعن تصفية الحسابات وعن الحكم الجائر، لكن منهم من يعتقد أن زمن شباط انتهى، وأن فاس لم تعد له، وأنه مع الوقت سيدفع ضريبة كل حماقات الماضي، تاركين ذلك لحكم الوقت، كي يتخلصوا من شخص كان يشكل عبءا على العائلة الأصلية التي تملك الحزب، قبل أن يأتي ذلك البدوي ويفرض شروطه ويبسط هيمنته.
إن آخر ما كان يتوقعه شباط هو أن يزج بابنه في السجن، ولذلك نتفهم لوعة الأب، الذي لا يمكن إلا أن يقف في صف ابنه ظالما أو مظلوما، لكن أن تتخذ القضية بعدا سياسيا، وأن ينشغل بها الحزب والنقابة، وأن تلتئم اللجنة التنفيذية وتستنفر فروع الاتحاد العام لللشغالين والعصبة المغربية وجراميز الكشفية، ففي ذلك إساءة لشباط الأب ولحزب الاستقلال، الذي ليس من مصلحته أن يلعب هذه اللعبة، كما أنه ليس من حق الإعلام والخصوم السياسيين أن يوظفوا صورة الابن وقضيته التي لا دخل لوالده فيها لتصفية حساباتهم السابقة مع عمدة فاس، ليقولوا له إن ابن الوز عوام؟