من حسنات الربيع العربي ونجاح الإسلاميين في الانتخابات ووصولهم إلى السلطة أنهم أصبحوا مرنين ومبتسمين و"كول"، وغيروا صورتهم ومكيجوها لتتلاءم مع الوضع الجديد، إذ لم نعد نرى ذلك التهجم والعبوس اللذين كانا في السابق، فأصبح كل وزراء العدالة والتنمية مستعدين للضحك، ولو دون أدنى سبب، كي لا يتهمهم أحد بالرغبة في تحويل المغرب إلى مأتم كبير. من علامات ذلك تلك الصورة الملتقطة لعزير الرباح وهو محاط بفتاتين جميلتين وسيكسي، والقبلة التي رسمها رئيس الحكومة على خد زوجة السفير الأمريكي، حيث كان من المستحيل أن تحدث مثل هذه الأمور لولا الحراك العربي، الذي جعل الإسلاميين يقبلون على الحكم وعلى الدنيا بكل ملذاتها، ويصبحوا مثلنا تماما يضحكون ويتمتعون بالنظر إلى الحسناوات ويقفون إلى جانبهن، ولولا الحرج لحضروا إلى مهرجان موازين ورقصوا كما يرقص كل الناس.
هذا التحول لم تسلم منه حتى جريدتهم المحترمة والعفيفة وبنت الأصل "التجديد"، والتي ارتأت، انسجاما مع التغيرات وفي إطار المقاربة التشاركية والتدافع بين الصحف، أن تخصص صفحة بالكامل للمنوعات والأخبار الطريفة، ولأول مرة أصبح بإمكان قارئ هذه الجريدة الدينية أن يضحك، وأن ينتقل من مقالات ونصائح الفقهاء المملة إلى تلك الصفحة التي اكتشفت أنها ممتعة حقا ويستحقون عليها كل التنويه.
ولكي أشرك القارئ الذي له موقف مسبق من تلك الجريدة، ولأؤكد له أنها تغيرت بالفعل، وصارت أكثر انفتاحا على الحيوانات والبشر المختلفين، ولأشجعه على اقتنائها والبحث عنها في الأكشاك، سأقدم بعض المواضيع المهمة التي تطرقت لها في عدد أمس، ومنها خبر مثير يتعلق بدجاجة تبنت صغار بط، رغم أنهم لا يشبهون أمهم في شكلها ونقنقتها، والعهدة على مدير النشر محمد الحمداوي، مع صورة تؤكد صحة الخبر، وبقليل تفكير نستشف أن خلف نشر هذا الخبر توجد حكمة ثاوية تتعلق بالتعايش بين الأجناس المختلفة وبرفض لدعاوى صراع الحضارات والتعصب الديني.
ونقرأ في خبر آخر عن زرافات تنفق بسبب الضغط النفسي وعن عاطل عن العمل يصنع غواصة ويبيعها ب31 ألف دولار، في تلميح من الجريدة إلى الدعوة التي وجهها بنكيران إلى العاطلين بالتوجه إلى التجارة والأعمال الحرة والتخلي عن تشبثهم بالوظيفة العمومية.
ومن المعجزات خبر يتعلق بمصري يستيقظ أثناء جنازته وبعد أن قام أٌقرباؤه بتغسيله وتكفينه استعدادا لدفنه، إضافة إلى مواضع أخرى مسلية وساخرة تقطع مع توجه التجديد المتجهم.
شيء واحد مازال ينقص جريدة الحزب الحاكم هو صفحة للجميلات وعارضات الأزياء، مع أننا نتفهم الحرج الذي يحول بينهم وبين أن يخطوا هذه الخطوة، والذي يمكن أن يزول مع الوقت، وفي انتظار ذلك ليس عيبا أن ينطلقوا في هذه المغامرة بالتدريج مكتفين بنشر صور حنان ترك وصابرين وشمس البارودي بالحجاب طبعا، قبل أن ينتقلوا إلى المرحلة الثانية وينافسوا بذلك بقية الجرائد.