كثفت إسرائيل ضرباتها على قطاع غزة وحذرت من ان الحرب ستكون "طويلة وصعبة" داعية المدنيين الفلسطينيين مجددا إلى التوجه جنوبا، رغم الدعوات إلى وقف التصعيد أمام "معاناة لا تحتمل" تلحق بالمدنيين الفلسطينيين بحسب الصليب الأحمر. منذ مساء الجمعة يجري الجيش الإسرائيلي عمليات على الأرض مع جنود ومدرعات ويستمر بموازاة ذلك بتكثيف قصفه لقطاع غزة الممتد على 362 كيلومترا مربعا ويسكنه 2,4 مليون شخص. ويشن الجيش الإسرائيلي قصفا مدمرا منذ 7 أكتوبر ردا على هجوم غير مسبوق نفذته "حماس" داخل إسرائيل وأسفر عن مقتل 1400 شخص معظمهم مدنيون حسب السلطات. وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس ليل السبت الأحد أن أكثر من 8 آلاف شخص قُتلوا في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل نصفهم من الأطفال. وأضافت أن "عددا كبيرا" قتل ليل السبت الأحد في ضربات جوية على مخيمين للاجئين في شمال قطاع غزة. وفي وقت سابق حذرت القيادة العسكرية الإسرائيلية سكان مدينتي أشدود وعسقلان في جنوب إسرائيل من رشقات صواريخ. ولم تسجل فرق الإسعاف وقوع أي إصابات. وأصيب ثلاثة أشخاص خلال نهار السبت بعد إطلاق صواريخ من غزة. وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السبت ب"تصعيد غير مسبوق في عمليات القصف" التي "تقوض الأهداف الإنسانية" داعيا مجددا إلى وقف فوري لإطلاق النار. وأعربت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش السبت عن "صدمتها لمستوى المعاناة الإنسانية التي لا تحتمل" منددة ب" فشل كارثي لا ينبغي للعالم أن يسمح به". وأضافت "من غير المقبول ألا يكون لدى المدنيين مكان آمن للجوء إليه في غزة وسط القصف المكثف"، مضيفة أنه "مع الحصار العسكري المفروض، لا توجد أي استجابة إنسانية كافية ممكنة في الوقت الحالي".
وقال الرئيس الدولي لمنظمة "أطباء بلا حدود" خريستوس خريستو "إزاء قصف متواصل ومرعب لا مكان للناس يلجؤون إليه. يجب وقف إطلاق النار فورا". وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو خلال مؤتمر صحافي السبت إن الحرب ضد "حماس" في قطاع غزة ستكون "طويلة وصعبة ونحن جاهزون لها" مشددا على أن الجيش "سيدمّر العدو على الأرض وتحتها". وأكد بعدما التقى عائلات رهائن احتجزتهم حماس وتقدر السلطات عددهم ب230 ، أن إسرائيل باشرت "المرحلة الثانية من الحرب والهدف منها واضح، تدمير القدرات العسكرية لحماس وقيادتها وإعادة الرهائن إلى ديارهم". وقال حاييم روبنشتاين الناطق باسم عائلات الرهائن إن هذه الأخيرة مستاءة جدا من "انعدام اليقين المطلق" الذي تواجهه بشأن مصير الرهائن ولا سيما فيف ظل عمليات القصف الكثيف مؤكدا أن "العائلات لا تنام تريد أجوبة وتستحق أجوبة". وأفرج عن أربع نساء من بين الرهائن حتى الآن فيما تفيد حركة حماس أن "نحو خمسين" منهم قضوا في القصف. وأعلن رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة يحيى السنوار السبت أن الحركة مستعدة "فورا" لإبرام صفقة تبادل للأسرى مع إسرائيل. وقال "جاهزون فورا لعقد صفقة تبادل تشمل الإفراج عن جميع الأسرى في سجون الاحتلال مقابل الإفراج عن جميع الأسرى لدى المقاومة". ودعا الجيش الإسرائيلي المدنيين في غزّة إلى التوجّه نحو الجنوب، قائلا إنّ الجهود الإنسانية في تلك المنطقة من القطاع المحاصر "ستتوسّع". أعلن الجيش عبر منصة إكس (تويتر سابقا) "يجب على المدنيين في شمال غزة وفي مدينة غزة أن ينتقلوا موقتا إلى جنوب وادي غزة، نحو منطقة أكثر أمانا حيث سيكون بإمكانهم الحصول على مياه وغذاء ودواء. وغدا (الأحد)، ستتوسع الجهود الإنسانية... بقيادة مصر والولايات المتحدة". وكان الجيش جدد السبت نداءه لسكان مدينة غزة في شمال القطاع "إلى المغادرة فورا" باتجاه الجنوب مؤكدا أنه بات يعتبر المدينة ومنطقتها "ساحة معركة". في مخيم الشاطئ للاجئين قرب مدينة غزة، أحدث القصف أضرارا كبيرة. ووصف علاء مهدي (54 عاما) ما حصل في المخيم من دمار جراء القصف الإسرائيلي ليل الجمعة السبت بأنه "زلزال" وقال "ما حصل في الشاطئ زلزال بل أعنف من زلزال، لو كان زلزالا ربانيا لكان أهون مما تسبب به قصف البحرية والمدفعية والطيران، كلهم قصفوا الناس المساكين ... هذه مجزرة، إنه إعدام بشري". وقال جهاد مهدي أحد سكان مدينة غزة "أصبح الناس في الشوارع جثثاً تسير". وقال حسن حمود الذي ما زال يسكن مدينة غزة "نفضل أن نموت في منازلنا بدل الذهاب إلى الجنوب". قالت منظمة "نت بلوكس" لمراقبة الشبكات إن خدمة الإنترنت بدأت تعود تدريجا إلى قطاع غزة الأحد بعدما انقطعت الجمعة خلال عمليات القصف المكثفة. وذكرت "نت بلوكس" عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا) أن "بيانات الشبكة في الوقت الحقيقيّ تُظهر أن الاتصال بالإنترنت يعود" تدريجا في قطاع غزة. وأكد أحد المتعاونين مع وكالة فرانس برس في مدينة غزة أنه تمكن من الاتصال بالإنترنت وبشبكة الهاتف المحمول وأنه استطاع الاتصال بأشخاص آخرين. في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر أحكمت اسرائيل حصارها على غزة قاطعة المياه والكهرباء والمواد الغذائية عن القطاع الذي كان يخضع أصلا لحصار بري وجوي وبحري منذ تولي حركة حماس السلطة فيه في العام 2007. منذ 21 تشرين الأول/أكتوبر، دخلت 84 شاحنة محملة مساعدات إنسانية من مصر إلى غزة، حسب الأممالمتحدة، في حين أن هناك حاجة إلى مئة شاحنة على الأقل يوميا، وفق المنظمة الأممية. وقالت منظمة أطباء بلا حدود أن قطاع غزة يعاني نقصا في الأدوية وتجري بعض العمليات الجراحية من دون تخدير كامل بسبب النقص في مواد التخدير. ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أسرائيل السبت بأنها "مجرمة حرب" واتهم الغرب بأنه "المذنب الرئيسي في مجازر غزة". وردت إسرائيل باستدعاء دبلوماسييها من تركيا. ودانت السعودية "أي عمليات برية تقوم بها إسرائيل". وحذّرت من "خطورة الاستمرار في الإقدام على هذه الانتهاكات الصارخة وغير المبررة والمخالفة للقانون الدولي بحق الشعب الفلسطيني الشقيق". ويخشى المجتمع الدولي اتساع نطاق النزاع في المنطقة، في حين وجهت إيران الداعمة لحماس تحذيرات عدة للولايات المتحدة. والتوتر مرتفع جدا أيضا في الضفة الغربيةالمحتلة، حيث قُتل أكثر من مئة فلسطيني في أعمال عنف منذ 7 أكتوبر. ويتصاعد التوتر أيضاً عند الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، حيث تَحدث عمليات قصف وإطلاق نار يومية بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله المدعوم من إيران وحليف حماس. وأعلنت قوة الأممالمتحدة الموقتة في جنوبلبنان (اليونيفيل) السبت أن مقرها العام أصيب بقذيفة، تعمل على التحقق من مصدرها. وأعلنت اليونيفيل ليلا أن أحد جنودها أصيب بجروح متوسطة في بلدة حولا في جنوبلبنان أصيب نتيجة سقوط قذيفتين.