أسهل شيء هو التقديس...اكتشفت أنكم قابلون لتقديس كل شيء...تقدسون الملك، تقدسون الدين، تقدسون المال .... وتقدسون الحملات التحسيسية... أعتذر لأني تطاولت على جلالة حملة " مسميتيش عزي" وحان الوقت لأخلي مسؤولتي التاريخية وأعتذر بكل فخر واعتزاز لأصحابها، لمسانديها وللمتعاطفين معها. أعتذر لأني استيقظت يوما ووجدتني في الحملة الوطنية الأولى من نوعها لمناهضة العنصرية، محاطة بلافتات تحارب العنصرية، بفاسبوك أصبح أسودا، بأصدقاء افتراضيون صبغوا وجوههم بالأسود، بشعارات تندد بالعنصرية في ستاتوهات منمقة بكل اللغات، بهيجان، بغليان بتضامن عارم مع أفارقة جنوب الصحراء، صدمت فغضبت فكتبت أننا شعب عنصري منذ زمن بعيد قبل أن نكون كذلك مع الأجانب...أعتذر لأني وصفتها بنضال "فوق الشبعة" لأن " الشبعة بالنسبة لي لم تتحقق... وأنا أرى شعب لا زالت في بعض مناطقه مقابر للسود وأخرى للبيض، مساجد للسود وأخرى للبيض، ما زلنا ننادي على بعضنا البعض " بالحرطاني"، " بالدراوي" ، "عبيد سيدنا" " بالعبيد"... وألقاب أخرى...لا زلنا في المغرب نشهد في القرن 21 طقوس عبودية مخزنية في حفلات البيعة والولاء، حيث تمتلئ جنبات القصر الملكي بعبيد من لون أسود... صدمت لأني أرى الحملة الوطنية الأولى في المغرب من نوعها ضد العنصرية موجة في اتجاه عير صحيح ليتخذ كل نوع من العنصرية حجمه الطبيعي... أعتذر لأني اعتبرت أن العنصرية المتجذرة في تاريخنا العبودي المصبوغ بالأسود أفظع وأعنف وأنها هي الكل والتضامن ضد الأفارقة جنوب الصحراء هي الجزء... اسفة لم يكن علي قول ذلك... كان من المفترض أن أبارك الجزء وأغض الطرف عن الكل... أن أساند المبادرة أن أنجر بعاطفتي، أن أمرر مغالطة أننا شعب مثالي ولكي نحافظ على مثاليتنا يجب أن نقضي على هذا النوع الجديد من العنصرية وأخل بموازين القوى... اسفة لم يكن يستوجب علي أن أكتب عن الحملة وهي في كامل مشمشها تتباهى بشعاراتها أمام الكاميرات الأجنبية تلبية لنداء المنظمات الدولية الحقوقية. أعتذر لأني اتهمت الحملة بالسطحية حينما رأيت شعار الحملة "مسميتيش عزي" وقلت أن المشكل أعمق من مجرد حذف اسم " عزي" وتعويضه ب " مون فرير"، وأن الشعار يبسط مجهوداتكم التي اقتنعت بكل صدق بنفعيتها، أن مشكل العنصرية في المغرب أعمق بكثير من مجرد توجيه رسالة إلى المغاربة البسطاء ستبقى لصيقة بهم طيلة 3 أشهر رسالة أن " قول عزي= ممارسة العنصرية"، وأن المشكل أعمق بكثير من مجرد خلط مفاهيم قدحية ظلت ملتصقة بذهن المغربي لقرون قد تؤدي بالحملة إلى عكس النتائج المتوخاة...دون مخاطبة عمق المشكل المرتبط بالمقررات الدراسية، والتنشئة الاجتماعية، والوصلات الإشهارية، والمقالات الصحفية، والأفلام السينمائية... اسفة حقا لم يكن على اتهامكم بالسطحية وهل لي أن أكون أكثر خبرة من مسؤولي الاتصال الأكفاء. أعتذر لأني وصفت في فقرة من فقراتي الشعب المغربي بالهمجي والمتخلف والفوضاوي.. كان علي أولا أن أفتح قوسا وأقول " لا أتكلم عمن لا يحس بنفسه معنيا"، أصلا لم يكن يستوجب علي ذلك... فالشعب المغربي من أرقى الشعوب فهو يحترم إشارات المرور، يعبر بهدوء في ممرات الراجلين، يرمي الأزبال في مكانها الصحيح، عندما تغادر الجموع الملاعب فهي لا تكسر الحافلات ولا واجهات المحلات ولا تعتدي على المارة، وإن حدث والتقيت بمئات منهم منتشرون في شوارع المدينة جماعات فهم يحيونك على "الطريقة اليابانية" و"كيعطيوك السلام" وتمر في أمان الله وحفظه، شعب المغرب في عمومه درس في الحضارة فلم يسبق لي مثلا أن رأيت فتاة محاطة بمراهقين يتحرشون بها ويمدون أيديهم على جسدها بكل همجية، لم يسبق لي أن رأيت شارعا بأكمله يتحرش بفتاة متبرجة وينعتها بأقدح الصفات علنا، لم يسبق لأحد مثلا أن تحرش بي في حافلة عمومية، ولم يسبق لي وأنا أتجول في شوارع الرباط والبيضاء الراقية أن ضربني أحد " الهمج" على مؤخرتي أو اعتدى عليا لفظيا أو جسديا أمام أنظار شعب متحضر يدافع عن المظلوم، لم يسبق لأحد أن تم الاعتداء عليه في طقوس " عاشوراء" بالما القاطع وكرات النار.. أبدا فنحن نلعب بكل أدب، لم يسبق لي مثلا أن خرجت في أيام عيد الأضحى ورأيت الشوارع تسيل دماء وتبنا وفضاء عمومي "لتشواط الريوس".. أبدا نحن نحتفل بأعيادنا الدينية بكل نظافة، ولم يسبق لي مثلا أن قرأت حوادث عن الاعتداء على " وكالين رمضان" عنفا ولا " المثلين جنسيا " في شوارع عمومية حقدا... أذن نحن شعب متسامح... اسفة جدا لقد أخطأت الوصف أو أنني أعيش في بلد اخر وأرى شعبا غير الذي ترون ...اسفة لأنكم فهمتم أني أبرر العنصرية تجاه مهاجرينا الأجانب في الخارج عندما يمارسون هذه التصرفات... أنا لا أبررها لكنني لا أنفي المسؤولية المشتركة بين وافد يجب أن يحترم قواعد وأنماط العيش في بلد المستقبل... اسفة لأنني اعتبرت مثل هذه التصرفات تعطي للاخر مبررات جاهزة ليكون عنصريا...... وكلما كنت فوضاويا في بلده يجب عليه أن يبين عن حسن استقباله وسعة صدره، ولمعان أسنانه وهو يبتسم لنا. أعتذر لأني تطاولت ضد الحملة وقلت لكم لما لا تخاطبون الدولة وتواجهونها بالإشكاليات قبل أن تبصموا "العنصرية" على المواطن... اسفة لأن أزعجت مسؤولي الدولة وطالبت منهم أن يحددوا لنا مسؤولياتهم من سياسة واضحة في التعامل مع المهاجر الإفريقي..لأني تساءلت ما الذي فعلته الدولة لإدماج المهاجر، هل حاولت تعليمه لغتنا ونمط عيشنا لتسهل عليه الإندماج وسطنا، كيف استعدت الدولة لحمايته، لتعليم أبنائه، لإسكانه، لمداواته ولضمان حقوقه كما تفعل الدول الأوربية قبل استقبال الأجانب...اسفة لأني أقحمت الدولة في الموضوع فلها همومها اليومية لن نزيدها.. الحملة التحسيسية وحدها كفيلة بمعالجة الموضوع والمسؤولية لا يجب أن تتقاسم بين مهاجر وجب عليه أن يفهم نمط عيش من سيعيش بينهم وبين الدول التي يجب أن توفر له العيش الكريم وبين المواطن الذي وجب عليه أن يحسن ضيافة الأجنبي سواء كان من إفريقيا جنوب الصحراء أو من أي مكان اخر ...المشكل بسيط وسيحل بالوصفة السحرية بعد 3 أشهر فقط لنحارب مصطلح " عزي". أعتذر لأني وصفتكم بالطبقة الأرستقراطية بمجرد أن رأيت المتدخلين في الندوة وبعض المساندين من أصدقائي الفاسبوكيين، اعتبرتكم أكثر الفئات تقبلا للرأي الاخر، أكثر الأشخاص استحقاقا للاحترام، و"أوسعكم قشابة" لتقبل الانتقادات البناءة " لا "الهدامة"، اعتبرت أنكم أقرب كأيقونات لواجهة الحملة على تقبل اراء الاخر من فهم العنصرية التي تحدث ين أبناء الشعب وفي الأحياء الشعبية...اعتبرت أن "خديجة الرويسي" أسمى من أن تناديني " la petite raciste " وأن المهدي عليوة لن أذكره ب" اليمين المتطرق الأوربي" وأن التيار الفرونكوفوني الذي نضرب به المثال في تقبل الرأي الاخر لن ينعت أفكاري ب" المعدية"، " الخطيرة"، " العنصرية" وأجملها أن ينعتني ب" ابنة هتلر"...شكرا للبعض منكم ممن استمتع "بتقويلي ما لم أقله"، شكرا لكم جميعا لحسن تقبلكم للرأي والرأي الاخر، شكرا لأني وضحت المفاهيم وغيرت من صوري النمطية عن ثقافتكم ووعيكم وإيمانكم بالأفكار الليبرالية والكونية من حرية التعبير وفهمت أن التعاليق التي كنت أتلقاها من كافة الشعب المغربي في مقالاتي السابقة وأنا أكتب عن حقوق الإنسان والحريات الفردية وحرية العقيدة وتحرر المرأة والعلمانية هي في نهاية المطاف أرحم مما سمعته هذه المرة. أعتذر لكم لأني وصفت الحملة بالبورجوازية لم يكن يستوجب علي ذلك فأنتم لم تتدخلوا في الندوة بلغة فرنسية بعيدة عن واقع الشعب المعني بالحملة، في فندق خمس نجوم حيث الكراسي المريحة لفخامة الصحافة الأجنبية...أعتذر لأني لم أقدم اقتراحات، سأقدمها الان... كان الأجدر أن تحملوا كراسيكم، ومنصتكم لتنصبوها في عمق المغرب هناك حيث الصراعات الدائمة بين أفارقة جنوب الصحراء والمغاربة حيث يقمع الاثنين لأنهم فقراء لأني لم أسمع بالمد العنصري إلا بتزايد المهاجرين السريين ولم أسمع يوما عن عنصرية تجاه طلبة أفارقة من أبناء السفراء والوزراء ورجال الأعمال... لأن المعركة مرتبطة بعنصرية الفقر. بعد أن نصبتم المحكمة، ورصصتم الكراسي وجلستم فيها، وكنتم القاضي، و"المغرق"، والمحامي والشهود وحاكمتموني غيابيا والتهمة " عنصرية" وأدخلتموني سجن "الإقصاء" وحولتم الحملة من مناهضة العنصرية إلى مناهضة" زهور باقي... وإن كنت قد أخطأت ووصفتكم بالبورجوازيين " رغم أنه لم يكن القصد" لأني "على غير دراية كان الأجدر بكم أن تعلموني قواعد الحديث وأدب الحوار.. وتعملوا بالمثل وتبحثوا عن أفكاري المدافعة عن قيم الحرية والتسامح وحقوق الإنسان الفردية والجماعية عوض أن تسقطوا في الفخ وتنعتونني "بالعنصرية" "على غير دراية أيضا....أعتذر لأن العقل في شخصي يغلب على العاطفة ... اسفة لأني لم أنسق مع الشعارات الجميلة والتي لا يمكن إلا التعاطف معها " عاطفيا" رغم كل الاختلاف. بعد كل هذا "الاعتذار" أوجه وبكل صدق وفخر اعتذارا حقيقا هذه المرة للشخص الذي يستحق ذلك...كان يونس فوضيل منسق الحملة هو الوحيد الذي بحث عن رقمي، كلمني بكل أدب ودعاني للمشاركة في الحوار بكل أدب ولطف وبدون تهجم...أنا الان أعتذر له وأشرح له "سوء التفاهم الكبير"... عندما تكلمت عن الحملة البورجوازية لم أقدح في السيرة الذاتية، ولا في المسيرة النضالية لكل شخص لأني بساطة لم أتحدث أصلا عن الأفراد... كان النعت موجها للمقاربة "البورجوازية" وفقط المقاربة التي يتم التعامل بها سواء كان الفرد المشارك فيها صاحب لومبوركيني، أو دراجة هوائية...