توفي المعلم عبد الرحمن قيروش٬ الشهير ب (باكو)٬ عضو مجموعة (ناس الغيوان)٬ يوم الأحد 14 أكتوبر٬ بمدينة الدارالبيضاء عن سن 64 سنة٬ وذلك بعد معاناة طويلة مع المرض. وقد نشأ الفنان الراحل٬ وهو من مواليد مدينة الصويرة سنة 1948، في وسط كناوي٬ وتعرف عليه الجمهور المغربي على نطاق واسع في بداية عقد السبعينيات بعد انضمامه إلى مجموعة (جيل جيلالة) ثم (ناس الغيوان). وساهم الراحل باكو٬ بدور رئيسي٬ في التحول الأدائي الذي عرفته مجموعة (ناس الغيوان) حيث جعلها قريبة من النمط الغنائي الفني "كناوة". وسيظل الراحل باكو في ذاكرة عشاقه ومحبيه علامة مضيئة في تاريخ الظاهرة الغيوانية٬ وأحد أبرز وجوه مجموعة (ناس الغيوان) وصانع روحانية أغانيها٬ بإبداع وعزف وأداء ترسخ في آذان محبي النمط الغيواني والكناوي٬ لأغاني من قبيل "غير خذوني" و"مهمومة" و"نرجاك أنا" ورائعة "الصينية". وسيوارى جثمان الفنان الراحل غدا الاثنين بمدينة الصويرة مسقط رأسه. فيما يلي بورتريه للراحل بقلم الزميل عمر أوشن: ارتبط اسم مجموعة «ناس الغيوان» منذ مطلع عقد السبعينات بحركة اليسار والمعارضة التي كانت تخوض نضالات في مواجهة السلطة. غير أن المعروف عن أفراد هذه المجموعة الغنائية الشعبية هو انهم لم يعلنوا قط انتماءهم الى هيئة سياسية معينة، مكتفين ان يكونوا صوتا لجميع الرافضين والمعارضين خلال ما عرف ب«سنوات الرصاص». والمؤكد هو أن عبد الرحمن قيروش (الملقب باكو) المولود عام 1948، لم يكن يقصد اطلاقا وهو يردد في احدى أغنيات «ناس الغيوان» القديمة المشهورة صادحا: «يا صاح راني وسط الحملة»، أي حملة انتخابية لبرلمان أو مجلس بلدي مفترضين. فقد كانت البلاد في تلك السنوات، على مشارف الدخول في معترك «المسلسل الديمقراطي» وانتخاب أول برلمان (1977) بعد حالة الاستثناء التي تلت أحداث 23 مارس (اذار) .1965 بيد أن السنوات التي تفصل بين ميلاد الأغنية واللحظة الانتخابية الراهنة كانت كافية لتغيير كثير من الثوابت والمواقف والافكار، فأصبح باكو الكناوي البوهيمي العاشق للألوان والايقاعات الافريقية والموسيقى الصوفية وليالي الجذبة كما قدمها الفيلم المغربي المشهور «الحال»، مرشحا ضمن لائحة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في احدى دوائر جهة الصويرة (400 كيلومتر جنوبالرباط). وكان باكو قد قضى سنوات طويلة في صفوف مجموعة «ناس الغيوان» التي تأسست عام 1970 بمبادرة شباب من الحي المحمدي الشعبي الشهير في الدارالبيضاء، وهم العربي باطما، القادم من منطقة الشاوية، وبوجميع وعمر السيد، القادمان من منطقة سوس. الا ان باكو غادر المجموعة ليؤسس فرقة كناوية مستقلة لها الآن حضور متميز في الساحة الفنية المغربية. يذكر انه في الاونة الاخيرة التحق نجل باكو بفرقة والده، ليجد نفسه سابحا في مجرى نهر والده الكناوي المسكون بعشق أوتار الهجهوج التي اعتبرت من قبل بعض الباحثين في الموسيقى آلة لها تأثير روحاني كبير على النفوس والوجدان. المقال نشر سنة 2002 بجريدة الشرق الاوسط ونعيد نشره بمناسبة وفاة الفنان "باكوّ رحمه الله