مروان صمودي : احتضن المركز المتعدد الاختصاصات بسوق السبت يوم الأربعاء 30 نونبر على الساعة 11صباحا لقاءا تواصليا عقده عامل اقليم الفقيه بن صالح مع المجتمع المدني, اللقاء الذي أطره وسير أطواره عامل الإقليم، الذي افتتحه بكلمة مقتضبة عبر من خلالها عن رغبته الاستماع إلى كل فاعل جمعوي والى الصعوبات والعراقيل التي تواجه المجتمع المدني بسوق السبت ونواحيها، والعمل على إيجاد حلول لها من أجل دعم مسلسل التنمية وإيجاد حل لمشكلة الهدر المدرسي، والعمل على توفير ملاعب القرب، وتشجيع التعليم الاولي.. وقال إني لا أريد مناطق مظلمة ولا بناء عشوائي ولا حدائق مسيجة لا تخدم الساكنة. اللقاء الذي كان العامل ينتظر منه أن يكون لقاءا تواصليا راقيا وقويا تناقش فيه هموم الساكنة ومشاكل المدينة بشكل يعكس قوة المجتمع المدني وفاعليته لم يرق الى المستوى المطلوب، وحاد عن الأهداف المرجوة منه، وهي الإشارة التي التقطها العامل واستغلها بشكل ذكي جدا، حين انتبه إلى إن بعض الجمعويين الجالسين، لا يفقهون في أبجديات العمل الجمعوي، ولا آلياته بقدر ما يتقنون التسول و"السعاية المنمقة" ,مما جعله يستجيب لكل الطلبات بكرم زائد، ويطلب من كاتبه تدوينها، واستقبال الوافدين وتسهيل مأموريتهم . تلبية الطلبات بهذا الشكل، فرخ جمعيات اتكالية وسيشجع تناسلها مستقبلا، الأمر الذي سيخلق لا محالة إشكالية استمرارية التمويل، لان في حالة نضوب المورد ستنقرض هذه الكائنات الجمعوية، وسيتوقف نشاطها إن كانت لها أنشطة، لان روح العمل الجمعوي وفلسفته تكمن في التطوعية ونكران الذا، إلا أن المتأمل في واقع العمل الجمعوي ببلادنا اليوم يدرك جيدا أنه يوجد ضمن هذه الإطارات الغث والسمين، الفاعل والجامد، الناجع والمجرد من كل تأثير، ذو المصداقية وفاقدها، المنضبط للقوانين والمستهتر بها، الذي يخدم الصالح العام والذي يخدم مصالح خاصة وفئوية، الانتهازي والمتجرد من الذاتيات. كما يدرك أيضا أن العمل الجمعوي بات يعيش انحرافات كثيرة عن تعريفه ومفهومه وعن وظائفه وخصوصياته وجوهره وأهدافه ومراميه النبيلة، من طرف جمعيات أصرت على تمييعه وإفراغه من لبه وتميزه الخاص حتى أضحى الميدان يجد نفسه وسط دوامة ، اذ انحرف عن مساره وافرغ جانب كبير من محتواه لينتشر في جسده المريض سرطان الفساد، وهكذا أصبحت بعض الجمعيات، جمعيات للفساد بامتياز يمارس فيها المفسدون هوايتهم المعهودة للكسب غير المشروع، والنتيجة إذن أننا أصبحنا أمام مظهر جديد من مظاهر الفساد في المغرب يمكن تسميته بالفساد الجمعوي، حيث أن خطورة ظاهرة الفساد الجمعوي الذي بدأ يستشري في بلادنا، هو مأسسته وتحوله إلى سرطان ينهش في جسد المجتمع المغربي ويزرع سلوكا انتفاعيا يضرب في الصميم القيم النبيلة والأصيلة للعمل الجمعوي ويهدمها." مقابل هذا الكرم الذي حضيت به هذه الجمعيات الانتفاعية والعائلية، نجد في المقابل حصارا واقصاءا للجمعيات الجادة والهادفة، والتي ترفض الابتزاز ومساومة أهدافها النبيلة الساعية والهادفة إلى تأطير الشباب والمجتمع عامة وتكوينهم بمقابل مادي, الأمر الذي يعرضها لحصار وتضييق على أنشطتها، واخص على سبيل المثال لا الحصر ما تتعرض له الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسوق السبت من تضييق ممنهج على أنشطتها ومنعها من الاستفادة من القاعات العمومية، فرغم نفي السيد العامل لفكرة الإقصاء، إلا إن واقع الحال يؤكد ذلك حيث أن المشرفين على المركز منعوا الجمعية غير ما مرة من الاستفادة من قاعة العروض. أن الأوان ل "غربلة" هذا الخليط العجيب من الجمعيات ومقاربة الكم بالنوع وتفعيل آليات المحاسبة والمتابعة، لان الأمر وكما سبق وذكرناه مرارا يتعلق بالمال العام, فإذا كان العامل مصاب بحمى وهوس حب التعليم وسعيه الحثيث إلى الرقي به وتطويره ومحاربة الهدر المدرسي عبر تطبيق مساطر عديدة، فما علينا إلا إن نصفق له وبحرارة لان الإجراءات والخطوات التي ذكرها تعد فعلا ثورة داخل جهاز الداخلية، فان يتم وضع لائحة تضم أسماء المنقطعين عن الدراسة وتحديد عناوين إقامتهم والتوجه إليها، والبحث عن أسباب الانقطاع، رائع جدا، والعمل على إعادتهم، جميل, وان يتم فتح مؤسسات للتعليم الأولي وتجهيزها أيضا أمر محمود، وان يتم توفير حافلات ووسائل التنقل لفك العزلة وتمكين المعوزين من الدراسة والتحصيل في أجواء تربوية سليمة خطوة حسنة, إلا أن الأسئلة المطروحة على عامل الإقليم هل سيتم فعلا تفعيل هذه الإجراءات ؟ هل سيتم فعلا متابعة ومحاسبة المستفيدين من مال المبادرة ؟ أم أن كم حاجة قضيناها بتركها هي اللغة المعتمدة ؟ نتمنى البدء بتفعيل وعود العامل التي قدمها أمس، والتي تعد مرحليا في المتناول كالإنارة العمومية والحدائق، وإزالة الحواجز المتبثة في الشوارع بشكل انفرادي، والقضاء على ظاهرة احتلال الملك العمومي، وبعدها لكل مقام مقال.