بعد كتابة موضوعين بالبوابة حول الاتجار بماء الحياة بسوق السبت، لم تنتظر الاجهزة الامنية بالمدينة طويلا، اذ بادرت بشن حملة، اثارت الكثير من اللغط من طرف المتتبعين بين مؤيد لعملية التدخل وبين منتقد لها، أوقفت خلالها المعنيين بالأمر، في اشارة واضحة منها على صرامتها وسرعة تفاعلها مع مخاوف الساكنة حملة. المؤيدون اعتبروا عمل الشرطة يسير في الاتجاه الصحيح لما كان يشكله الثنائي المعتقل من خطورة على السلم بالمدينة، وان جاء متأخرا بعد موجة السرقات والاعتداءات التي طالت احياءا متعددة بالمدينة، في انتظار اعتقال التاجر الثالث الذي استغل الفراغ للعمل بكل اريحية. وكانت حالة من الرعب دفعت بمجموعة من سكان بعض الاحياء للاحتجاج على الوضع الأمني، كما خلق جدالا ونقاشا جادا وحادا بين من اعتبر الوضع الامني بالمدينة نتاج صراع مرير داخل مفوضية الشرطة، التي عرفت فراغا على مستوى القيادة بعد تقاعد رئيسها، وبالتالي فالوضع مختلق لإحراج الرئيس الجديد بالنيابة امام مسؤوليه وامام الرأي العام وارسال رسالة شبه مشفرة عن عدم قدرته على السيطرة على الوضع بالمدينة، وبالتالي تغييره بمن هو قادر على القيادة. وبين من اعتبر ان الوضع بالفعل امسى ينذر بالكارثة، معللا رأيه بتردي الوضع الاقتصادين واستفحال البطالة ،وغياب اي افق يزرع بذور الامل في صفوف شريحة واسعة من الشباب، وهو ما استغله الطامعون في كرسي القيادة من بعض ضباط الشرطة للعمل بتراخي وتكاسل ،حتى تستفحل الأوضاع. الامر الذي سيدفع بالمجتمع المدني الى اصدار بيانات، والقيام باحتجاجات منددة بسوء الوضع، وبالتالي ضرب عصفورين بحجرة واحدة، تولي القيادة وبعدها تمشيط المدينة من كل تجار الممنوعات واللصوص المعروفين جيدا لديهم بل وتربط واياهم علاقات مخابراتية ومادية.... المنتقدون كان لهم رأي اخر ففي نظرهم اعتقال "الفهمة اللعبة" وولد الحمادية لن يغير شيئا من واقع المدينة البئيسة، على اعتبار ان الموقوفين هما ايضا ضحايا سياسة لاشعبية لاديمقراطية، وانه لو توفرت لهما على غرار باقي من يعتبرون بين قوسين مجرمين، الظروف المواتية والشروط السليمة للعيش لما سلكوا هذا الاتجاه الاجرامي على اساس ان السياسات المتبعة من الاستقلال الشكلي والى ما يسمى بحكومة الإسلاميين، سياسة ترمي الى اغناء الغني وتفقير الفقير وخلق بيئة ملوثة والمساهمة في نموها حتى تحتضن اغلب شباب البلاد وتشغل بالهم عن التفكير في مستقبلهم، وبالتالي فالاعتقال والمتابعة والمحاسبة وجب ان تشمل اللصوص الكبار على اختلاف رتبهم ومسؤوليتهم الذين نهبوا البلاد وسرقوا خيراتها، وفقروا شعبها وان المتابعة في سوق السبت محور موضوعنا وجب ان تشمل ناهبي المال العام، و ناهبي الملك العام، وتجار الصفقات الوهمية والاغتناء اللامشروع، الذين يتجولون في المدينة بكل اريحية، بل ويتلقون تحية احترام وتقدير من بعض عناصر الشرطة، هؤلاء هم ولاد الحمادية الحقيقيون، واولاد الفهامة، الفعليون الذين لازالوا يعتقدون ان بإمكانهم التحرك بكل اما،ن وان الاموال الحرام بإمكانها شراء كل الذمم وشق مسالك امنة في كل البحور. فهل سيكذب القيمون على امننا الاقتصادي والامني ترهاتنا، ويفتحون تحقيقات جادة عن من اين لكم هذا؟ من يحميكم عبر التغاضي عن تجاوزاتكم واغتنائكم اللامشروع ؟ ام ان سيعتبرون تساؤلاتنا هواجس حالم لا يفقه في امور الدنيا سور طرح مثل هذه الاسئلة الطوباوية؟