§ المحور الأول : الموضوعية والدقة : 1- لم يكن هدف مقالي الأسبق التركيز على المعرفة التاريخية و الدراسة الكرنولوجية للحركة الإسلامية ، بل كان منحاه فتح باب الأمل بالله تعالى و بموعوده ( و كان أمر الله مفعولا) ، (وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً) , بدل الإنحباس الفاشل في قتامة ما وقع في مصر و الإستعاضة عن شجاعة الموقف المناسب بجلد الضحية.. و لعل القارئ البسيط يستشف تحجيم البعد التاريخي بوضوح عند قراءته لمقالي السابق . و معلوم أنه من أدبيات الحياد و الموضوعية تجنب المجاملات عند عرض و مناقشة أفكار الغير. إن مقالي السابق لا يعكس لا من قريب و لا من بعيد [معرفة لا بأس بها بتاريخ الحركات الإسلامية في العالم العربي] و لا هذا موضوعه و المرجح لدي أن "الناقد" لم يقرأ نص مقالي السابق قراءة متأنية او لعله قرأه قراءة انتقائية .. كما أن من خوارم النزاهة إصدار أحكام قيمية كمية على الأفكار[معرفة لا بأس بها ..] أنا كنت أمام مشهد عنيف غريب حرك مشاعري و نفض الغبار عن إيماني بالإسلام و استدعى طموحاتي الواقعية الحالية و المستقبلية في أن أعيش مسلما كريما و أن أتحرر من فساد المال السياسي و سلطة القضاء الموجه و أن يحترم رأيي و يقدر صوتي في انتخابات نزيهة لا يُنقَلَبُ عليها و و و ... فكتبت ببساطة و نشرت لأشارك غيري أفكاري و لأعلن دعمي الشخصي اللامشروط للشرعية أينما كانت و أيا كان أصحابها لأن البديل عن مصداقية الصناديق لن يكون إلا ما نراه الآن في مصر من مآسي .. و لست أدعي الأستاذية لا و لست خبيرا "استراتيجيا" في الحركات الإسلامية كما يحلو للبعض أن يلقب في القنوات الفضائية ... 2- لم أنتصر [بشكل مثير لجماعة العدل و الإحسان] و [ملفت للنظر] فقراءة سيميائية بسيطة لمقالي السابق من حيث العلامة والمحايثة والدلالة والمعنى والتداولية تستبعد ما ذهب إليه "الناقد" بل و حتى القارئ الباسط يستطيع استبعاد ذلك بمقارنة وبعملية حسابية بسيطة بين الحيز الذي شغله حديثي عن جماعة العدل و الإحسان والذي لم يأت إلا عَرَضاً في النص مقابل صلب الموضوع و الذي شغل المساحة الغالبة من النص 3- إن الحديث عن [المفاجأة السياسية] و [دخول المغرب في تجربة ديمقراطية مهمة] و [دخول حزب العدالة والتنمية نفس التحدي , ناهيك عن انخراط المسؤولين المغاربة بإرادة قوية في تجربة إنهاء ملفات الاعتقال السياسي , والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي] و [بعض المشاريع التنموية الكبرى التي خففت من الانكماش الاقتصادي وتراجع نسب البطالة كمشروع المبادرة الوطنية للتنمية] كل ذلك ضرب من الهروب من الواقع بل تزييفه و يكفي قراءة تقارير المؤسسات الدولية حول المغرب بل يكفي الإستماع إلى الخطاب الملكي الأخير الذي أقر بإصابة المغرب البليغة في مقتله (قطاع التعليم) و الذي حمل في نفس الوقت المسؤولية لحكومة حزب العدالة والتنمية الذي [ كان المغرب سباقا إلى الاعتراف] به و الحق أني لم أعد أدري هل هذا التوريط المقصود و المجحف لحكومة "مدجنة بنكهة إسلامية" لم تعمر بعد طويلا تحضير لنفس التهمة الموجهة للإخوان في مصر بعد سنة من الحكم(عدم الأهلية والكفاءة لممارسة الحكم) مع العلم أن المغرب ممن سارع إلى الإعتراف بالنظام الإنقلابي المصري .. أو هذا تنصل من المسؤولية من قبل نظام حكم المغرب لقرون .. أو طوابير المعطلين المسلوحة أو أقلام الصحفيين الأحرار المكسورة أو الفساد و الرشوة ......... هي التي - في نظر أستاذنا "الناقد"- ساهمت [إلى حد كبيرفي احتواء الاحتقان الشعبي وتلاشي الدعوات والأفكار المحرضة على الكراهية] أم أن الأمر يعود إلى [فعاليته] هو و [تاريخه النضالي] المتميزان بتنصله و تهربه الدائم إلا نادرا من حضور نضالات و إضرابات فئة المعلمين العرضيين في حينها أم أن الأمر يرجع إلى ضرورة [الإعتراف بل الإيمان بالمؤسسة الملكية] في مغازلة سياسية مصلحية مفضوحة .. و في استعداء صريح للدولة المغربية على فصيل عريض من الشعب المغربي و كأني بها محاولة للعب دور الأقلام المأجورة "الفلولية" في مصر و التي دأب "الناقد" في غير مناسبة على فضحها و على كشف تهجمها على شرعية الإخوان في مصر و التي أكد هو غير ما مرة انحيازه لها .. فهل ذلك حرام في مصر و حلال في المغرب ؟؟؟؟ العجب العجاب .. و الحذر الحذر 4- و هل يستقيم اتهام "الناقد" للجماعة بالقصور [على مستوى الفعالية و التاريخ النضالي] و نعتها بإيثار [دائرة الظل] و [انتظار المفاجأة السياسية] مع الإعتراف المحتشم الضمني بعكس ذلك حين قال [يرى العديد من المتتبعين أن جماعة العدل والإحسان عانت كثيرا من المقاربة الأمنية للدولة المغربية التي فرضت عليها طوقا أمنيا , بتتبع تحركات كوادرها وفرض الإقامة الجبرية على مرشدها لمدة طويلة ومنع العديد من أنشطتها الدينية والثقافية] فهل يجوز أن تكون تلك المعاناة الكثيرة و ذاك الطوق الأمني المرصود بدافع النكوص الشعبي للجماعة [لدرجة أن فئة كبيرة من المجتمع المغربي لا تعرف أي شيء عن هذه الجماعة ولا حتى اسم مؤسسها] أم إن الدقة تقتضي ألا يتعب النظام نفسه في حرب طويلة و ألا يستنزف طاقاته و لا أن يهدر سمعته الخارجية مع من هذا شأنه ؟ أم أن صاحبنا لم يشهد حجم و تنوع جنازة المرشد رحمه الله و لا رأى التقارير الصحفية عن الحدث و لا سمع ارتسامات مختلف الأطياف المغربية و التي جسدت و دون مبالغة إجماعا على نزاهة الجماعة و فاعليتها التربوية والعلمية والحركية والتاريخية 5- من مقتضيات الموضوعية عدم استباق الأحداث و عدم الهروب إلى الأمام و حسن الظن بالآخر وعدم اتهامه بما سيشي بكوامن النفس .. فمن أدراك أيها "الناقد" المحترم بأنني سأغضب من قولك و سأجد حرجا من [وجهة نظر]ك فكأنك تشير إلى بعض الإتهامات التي تصم الإسلاميين بأنهم إقصائيون لا يقبلون الحوار و لا الرأي المخالف .. فأهلا و سهلا بك و خذ راحتك في عرض وجهة نظرك و في الرد علي إلى المدى الذي تريده .. و لولا أن الأمر تجاوز مجرد اختلاف في الرأي إلى كتمان الشهادة و تزوير الحقائق لما أجبتك أصلا ... و لماذا الإعتذار أصلا و تمني عدم انجراري إلى الغضب لو لم تكن موقنا في قرارة نفسك أنك كتبت ما يستوجب حتما الغضب ؟؟