1- المنظومة التربوية المغربية: المعاينة منذ أواخر الخمسينيات، عرف المغرب عددا من الإصلاحات التربوية همت البرامج الدراسية و الطرائق البيداغوجية، حيث تم الانتقال تدريجيا من الأنماط التقليدية إلى المقاربة بالكفايات، مروراً بمقاربات أخرى تستمد من علوم التربية ومن غيرها من ميادين المعرفة. تتزامن بداية الألفية الثالثة مع الصياغة و الاعتماد الجماعي لنص شكل نقطة الانطلاق لإرساء أسس المدرسة المغربية الجديدة، مدرسة الألفية الثالثة، وهذا النص هو الميثاق الوطني للتربية و التكوين، الذي يترجم رغبة المغاربة في تجديد المنظومة التربوية، و الذي يحدد التوجهات الفلسفية و الأسس الثابتة لنظام التربية و التكوين الذي يجب "أن ينهض بوظائفه كاملة تجاه الأفراد و المجتمع" وذلك " بالرقي بالبلاد إلى مستوى امتلاك ناصية العلوم و التكنولوجيا المتقدمة" من أجل تعزيز"قدرة المغرب التنافسية ونموه الاقتصادي و الاجتماعي و الإنساني في عهد يطبعه الانفتاح على العالم". لقد واجه هذا المشروع الاجتماعي بعض الصعوبات التي تسببت في عرقلة أجرأته، وذلك رغم الترسانة القانونية و الإدارة السياسية و التدابير التي أخذت من أجل إنجاح المهمة الجديدة للمدرسة المغربية، وقد تمخض عن هذا الوضع تعثر على مستوى الإنجازات التي لم ترقَ إلى تطلعات المواطنين، يكفينا دليلا عن هذا مجمل تقارير الهيآت الوطنية و الدولية حول وضع المنظومة التربوية بالمغرب. 2- التوجهات التربوية الجديدة. اعتبارا لهذه المعاينة، تقرر رفع التحدي و الاستجابة لمتطلبات العولمة، لقد اختار المغرب أن يمد نظامه التربوي بأدوات ووسائل قادرة على أن تجعل منه بلدا مؤهلا للمنافسة على الصعيد العالمي، ولبلوغ هذا الهدف قرر، وبكامل المسؤولية، أن يعمل على تعبئة الجهود من أجل إدخال التعديلات اللازمة وفتح أوراش تلزم جميع المستويات الإدارية المعنية بتدبير النظام التربوي، بما في ذلك المستوى الإستراتيجي و التنظيمي و الإجرائي، وأن ينتقل من منطق الوسائل إلى منطق النتائج، ومن منطق المعارف أو المضامين إلى منطق حسن التصرف في وضعية تتطلب إدماج المعارف، وذلك من أجل تحسين الخدمات التربوية وجعلها أكثر فعالية وأكثر نجاعة. وبمعنى آخر، فإن المغرب يعبر مرة أخرى عن عزمه على امتلاك مدرسة"مفعمة بالحياة، بفضل نهج تربوي نشيط، يجاوز التلقي السلبي و العمل الفردي إلى اعتماد التعلم الذاتي، و القدرة على الحوار و المشاركة في الاجتهاد الجماعي"، مدرسة تمنح لكل الأفراد"فرصة اكتساب القيم و المعارف و المهارات التي تؤهلهم للاندماج في الحياة العلمية"، مدرسة تمد المجتمع "بالكفاءات من المؤهلين و العاملين الصالحين للإسهام في البناء المتواصل لوطنهم على جميع المستويات". ولأسباب عملية وإستراتيجية، تمت ترجمة اهتمام المغرب بمواصلة السير نحو تحسين جودة خدمات منظومته التربوية وبتنفيذ مشاريع مهيكلة إلى برنامج استعجالي، أطلق عليه اسم"برنامج نجاح 2009م-2012م" و الذي تمت صياغته من أجل بناء المدرسة المغربية الجديدة. 3- إرساء المقاربة بالكفايات من بين مشاريع المخطط الاستعجالي المتبناة ،هناك مشروع الإرساء الفعلي للمقاربة بالكفايات ولبيداغوجيا الإدماج التي تم اعتمادها كإطار منهجي لأجرأة المقاربة بالكفايات داخل نظامنا التربوي . إن تبني هذا المشروع من شأنه أن يمكن من الإنعام في التفكير في الغاية من التعلم، وكذا إعادة تحديد أدوار وتموقع كل المتدخلين في العملية التعليمية /التعلمية. وباعتماده لهذا المشروع، يحاول المغرب أن يتموقع في السياق الدولي، ذلك السياق الذي يستدعي أنظمة تربوية رفيعة الأداء و متطورة وقادرة على تزويد المجتمع، ليس فقط بالراشدين المثقفين، بل كذلك بمواطنين لكل العالم، مواطنين متوفرين على مواصفات دولية، من شأنها تسهيل تنقل الأشخاص و التبادل الاقتصادي و الثقافي. - دليل المقاربة بالكفايات- دجنبر 2009 .