تعتبر الدراسة التي قامت بها د. منى الحديدي الأستاذة بكلية الإعلام جامعة القاهرة تحت عنوان "برامج التليفزيون بين الحاضر والمستقبل" من أهم الدراسات التي تعرضت لمدى تأثير هذه البرامج على عقلية المشاهد. ولتقريب القاريء اكثر من هذه الدراسة، اقدم هذه القراءة المقتضبة لها، فقد تناولت د.منى برامج الأطفال التي قدمها التليفزيون المصري خلال عشرة أعوام (1972 , 1982) وأكدت أن ما ينطبق على برامج الأطفال في مصر ينطبق بنسبة كبيرة على معظم برامج الأطفال في الدول العربية. ذلك أن الأمهات، كثيرا ما تلجأن إلى إسكات أطفالهن عن طريق تشغيل جهاز التلفزيون أو الفيديو. حيث تبهر الألوان والصور المتحركة الطفل, فيجلس أمامها صامتا بلا حراك. ولا تعرف الأم أن ما تفعله يعد جريمة في حق طفلها. فالدراسة أجرتها د. منى الحديدي رئيسة المركز القومي لثقافة الطفل بمصر قد أكدت أن بعض برامج الأطفال في التليفزيون تصيب أطفالنا بالبلاهة. وأن الطفل لا يجب أن يشاهد التليفزيون إلا بعد بلوغه عامه الثاني. وما قبل ذلك فعلى الأم والجدة مسؤولية التسلية والترفيه ليشعر الطفل بدفء وحنان الأمومة . وفي هذا الصدد أثبتت د.منى أن برامج الأطفال تشغل حوالي 5 في المائة على الأكثر من إجمالي ساعات الإرسال, وإن زادت في الفترة الأخيرة, لكنها زيادة طفيفة. في حين أن الدول المتقدمة, والتي تهتم بالطفل, قد حققت تقدما ملموسا في هذا المجال. حيث تصل نسبة ساعات الإرسال المخصصة لبرامج الأطفال إلى 15 في المائة و 20 في المائة من ساعات الإرسال مثل محطات التليفزيون البريطاني. وبالإضافة إلى ساعات الإرسال الطويلة, فهناك, مهرجان سنوي لبرامج الأطفال في التليفزيون. وفي دول أخرى تقام مهرجانات لسينما ومسرح الطفل. وتضيف د. منى: ومن هنا لابد أن نهتم بالإعلام المرئي والمقروء وشرائط الفيديو بحيث يتم التنسيق بين جميع هذه الجهات لتصل إلى أفضل صيغة تقدم من خلالها برامج ثقافية توجيهية ترفيهية... مؤكدة أن من أهم سمات برامج الأطفال أن تقدم المعلومة للطفل في إطار سهل وجذاب وممتع. وعن ارتباط برامج الأطفال بعمرهم أكدت د. منى الحديدي أن مرحلة الطفولة تبدأ من الميلاد حتى سن 15 سنة. والطفل الصغير يجب أن يشعر بدفء البيئة والأم, ويتعامل مباشرة مع الجميع. وعلى الأم أن تحكي لطفلها الحكايات وقد تشاركها الجدة أو الأخت وربما الأب إذا كان يجيد ذلك, وذلك في العام الأول والثاني من عمر الطفل. وأكدت د.منى أن الخطأ الذي تقع فيه معظم الأمهات هو محاولتهن إسكات أطفالهن بوضعهم أمام التليفزيون, وهذا يؤدي إلى ضعف بصر الأطفال. وبناء على ذلك فبرامج الأطفال تبدأ من عمر ثلاثة أعوام, على أن تخصص برامج لكل مرحلة. فالطفل في العاشرة يحتاج إلى نوعية من البرامج تختلف عن النوعية التي يجب أن نقدمها لطفل في الخامسة من عمره. وهذا هو الخطأ الكبير الذي يقع فيه الذين يخططون لبرامج الأطفال – حسب د. منى- حيث تكون في معظمها لمرحلة معينة من العمر. ولهذا يجلس أطفالنا أمام التليفزيون لا يفهمون شيئا مما بقدم لهم, وهذا ما يصيبهم بالتخلف وعدم الثقة, حيث يشعر الطفل بضيق شديد لأنه لا يستطيع فهم ما يشاهده. وتنصح د. منى بوجوب تشجيع المشاهدة الجماعية في دور الحضانة على أن تقوم مدرسة الحضانة بشرح وتفسير البرامج للأطفال وتبسيطها أيضا. والمشاهدة الجماعية من أهم مميزاتها تثبيت المعلومات في ذهن الأطفال، مضيفة انه إذا كان النطق الصحيح هام جدا, فالمظهر له أهمية أيضا, لان الطفل وبصورة تلقائية يقلد مقدم أو مقدمة البرامج, ولذا وجب البساطة والذوق في مظهر مقدم البرامج.