سلّط حادث الطفل ريان العالق منذ الثلاثاء الماضي في بئر يصل عمقها إلى 32 مترا نواحي مدينة شفشاون، الضوء على آلاف الآبار المهجورة والعشوائية في عدد من مناطق البلاد، ما دفع عددا من النشطاء لمطالبة السلطات بالتصدي لها لمنع حدوث مآس أخرى مستقبلا. وتعليقا على حادث الطفل، سجل مرصد الشمال لحقوق الإنسان، ما وصفه ب"بالمسؤولية التقصيرية للسلطات" في التغاضي عن عمليات حفر الآبار شمالي المغرب لا سيما في المناطق التي تعرف انتشار زراعة القنب الهندي (الكيف). وانتقد المرصد في بيان السلطات وقال إنها "غضت الطرف لسنوات عن عمليات حفر مئات الآبار من طرف بعض تجار ومزارعي القنب الهندي في خرق واضح للقانون وضد إرادة السكان". وأضاف المرصد أنه لسبق للسكان المنطقة أن وضعوا "عشرات الشكايات" لدى الجهات المختصة، مبرزا أن "تمادي العديد من ذوي النفوذ" أضحى يهدد حياة المواطنين خصوصا الأطفال. وتتواصل محاولات إنقاذ الطفل ريان (5 سنوات) لليوم الخامس على التوالي، وتأمل فرق الإنقاذ أن تنتهي العملية اليوم بعد نجاحها في حفر فجوة أفقية في محاولة للنفاذ لمكان الطفل. ولا توجد أرقام رسمية حول عدد الآبار سواء المرخصة أو غير المرخصة منها، لكن عدد هذه الآبار زاد في السنوات الأخيرة في ظل تفاقم حدة الجفاف وتراجع منسوب المياه في عدد من السدود. غيض من فيض يقول مبارك المعنيني رئيس جمعية المحافظة على البيئة بمنطقة زاكورة، إن حادث الطفل ريان "ما هو إلا غيض من فيض " لكي تشن الدولة حملة ممنهجة ضد هذه العشوائية خصوصا في المناطق النائية التي تعيش في ظل هاته الخروقات. ويوضح المعنيني، في تصريح ل"فبراير.كوم"، أن "ضعف التساقطات المطرية خلال السنوات الأخيرة والخوف من الجفاف" التي تمر بها المملكة عبر مختلف أقاليمها، لا يجب أن يكون دافعا وراء حفر المزيد من الآبار غير المرخصة من قبل السلطات المعنية في غياب المواكبة والإشراف من أهل الاختصاص، مبرزا أن واقعة الصبي ريان الذي تعاطف معه العالم أجمع من شرقه إلى غربه "هو بمثابة ناقوس وجرس للانذار من أجل التفاتة كبيرة من المسؤولين لما يقع في هاته الدواوير". ودعى المتحدث القائمين على الشأن المحلي والمنتخبين إلى تفعيل دور شرطة المياه، وهو جهاز إداري أحدث بموجب قانون الماء لعام 2016 لمعاينة المخالفات المرتبطة بالاستغلال العشوائي للمياه الجوفية والسطحية التي استنزفت بشكل سافر في السنوات الأخيرة في العديد من الواحات، مشيرا إلى أن السطات "مطالبة بتفعيل هذا الجهاز وتمكينه من الموارد البشرية الضرورية للقيام بواجبه على أكمل وجه لفادي مثل هذه الكوارت التي تودي بحياة المدنيين". وأضاف "المفروض أن يتم التحسيس بخطورة هذه الآبار على أوسع نطاق خاصة في الأرياف والمناطق القروية، حيث يغيب الوعي بخطورة هذه الآبار على حياة المواطنين".