سؤال يؤرق الكثير، لماذا انتفضت هيئة الدفاع، هل هو ترف أم نزق الغاية منه إبراز الذات والتزايد على الدولة. يقول الواقع لا هذا ولا ذاك، بل الأمر في غاية البساطة من مهام المحاماة، الذود عن الحق والانتصار للمظلوم وهذا يشكل العمود الفقري للمهنة وينتصب هذا العمود ويصير جدارا ليوقف الانجراف، الذي قد يطال المجتمع حين تشطاط السلطة وتقفز عاليا على العقد الاجتماعي، وترى نفسها الشجرة التي تغطي الغابة في حين أن جذورها متشابكة مع الكل ولا يمكنها الانفصال. ماحدث في الزامية الولوج للمحاكم بجواز التلقيح كان به حيف، لأنه يفتقر للسند القانوني إذ أن الدولة لا تطبق الزامية التلقيح (اختياري) لكنها تلزم الجواز. إذا كما يقول فقهاء القانون من تناقضت أقواله بطلت دعواه، والبطلان لا يرتب أي أثر على الغير كان الأمر أم لم يكن. هنا تحركت آلة المحامين المنافحة والمكافحة لوقف التمييز الذي يطبع عدم إلزامية الجواز في مؤسسات أخرى. شيء هام هو أن السلطة القضائية هي الفيصل والفاصل بين المجتمع والدولة وهي الملجأ الذي لا محيد عنه لرد الأمور إلى نصابها عند الفلتان، لكن ان تنحاز لجهة يعني اغلاق كل المسارات للطعن ويصبح إلزام الإلزام ملزما بالمطلق. مبدأ الفصل بين السلط مبدأ جوهري وأساسي للديمقراطية وأن الخلط بين هذه السلط يؤدي لا محالة الى ارتباك منهجي يتعدى الاختصاصات، هنا تدخلت هيئة المحامين لا للدفاع عن مصالحها الضيقة لكن لحماية الانفلاتات، وهذا ما لم يرضي حارس الاختام، وبدأ يكيل التهم للبدلة السوداء التي بها ومنها تمركز ليصبح حارسا. نحن لا نهدد أحدا ولا أحد يتزايد علينا في وطنيتنا ونحن أكثر تجدرا من المهرولين النرجسيين الذين لا ينفكوا من ترديد كلمة أنا وأنا وربي أنا ولو لا أنا وووووو.. تحية للبدلة السوداء، تحية للحناجر التي بُحت في الدفاع على القانون والوطن وقضاياه العادلة. أقول لصاحبي، "لاكعب بلغت ولا كلاب".