تعرضت حافلات النقل العمومي الجديدة التابعة لشركة "ألسا" منذ بداية انطلاقها لسلسة هجمات متتالية، تتمثل في رشقها بالحجارة وتكسير نوافذها، من لدن بعض المراهقين، الشيء الذي خلف موجة غضب من طرف ساكنة البيضاء عبر المنصات الرقمية، حيث عبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن استيائهم مطالبين الجهات المسؤولة باتخاذ عقوبات صارمة تجاه مرتكبي هذه الأفعال. وحول هذا الموضوع، قال محسن بنزاكور المتخصص في علم النفس الاجتماعي، في تصريح ل"فبراير"، إن "السلوك الإنساني يتمثل في عدة عوامل ولا يمكن أن نفسره بعامل واحد، ومن أهمها، البيئة التي نشأ فيها الانسان منذ صغره، حيث تلعب دورا أساسيا في بناء شخصيته سواء بطريقة سلبية أو إيجابية". وأشار المتخصص في علم النفس الاجتماعي، الى أن "بعض الأسر تعيش نوع من الهشاشة والفقر، فالعلاقة داخلها متمثلة في الاقصاء والعنف اللفظي، والنفسي، ثم الجسدي، فبالتالي يكبر الطفل ومسألة العنف مترسخة في ذهنه". وأكد محسن بنزاكور، على أن "هذه الظاهرة، من الناحية النفسية تنتقل أيضا إلى المدرسة، حيث تتمثل في الإقصاء داخل القسم، أو التنمر الذي يتعرض له التلميذ من طرف زملائه، أو الأساتذة، لكن كل هذه المعطيات لا تفسر بمفردها العنف ضد ما نسميه بالممتلكات العمومية". وأضاف المتخصص في علم النفس الاجتماعي، أن "التخريب لم يقتصر فقط على حافلات النقل العمومي، بل حتى داخل المدارس موجود، ويتمثل في تخريب الطاولات وتكسير النوافذ، حيث أصبحنا نرى كل ما له علاقة بمؤسسات الدولة، نجد المواطن المراهق غاضب منه". ورجح المتحدث ذاته، أن "نسبة كبيرة من المخربين لم يتبنوا القيم كوسيلة للتعايش داخل الجماعة، بل لديهم اضطرابات نفسية كبيرة، من حيث كره الآخر واللجوء إلى العنف، كوسيلة للعلاقة مع الغير، وكل هذه المعطيات لا يمكن أن تصل بهم لدرجة المرض، لكن يحتاجون إلى إعادة تربيتهم من جديد". وأردف محسن بنزاكور، أن "السجن ليس حلا، لأنه في كل مرة تتكر واقعة تخريب الممتلكات العمومية، يجب إعادة النظر في الهشاشة الاجتماعية، والاستمرار في برامج القضاء على دور الصفيح، شريطة ألا يتم استبدالها بدور صفيح مجملة، يجب أن تتوفر فيها جميع الظروف التي تساعد الانسان في النمو السليم، وقبول الشخص الآخر، وأن العنف ليس هو السبيل الوحيد للتعايش". وأكد المتخصص في علم النفس الاجتماعي، على ضرورة "تحرك المجتمع المدني لإطفاء الطابع الإنساني على العلاقات الإنسانية داخل ما نسميه بالطبقات الاجتماعية الهشة، وأن نحولها من الطبقة الهشة الى الطبقة الإنسانية السليمة". وشدد محسن بنزاكور على "التفكير في مسألة الرأس مال الاجتماعي، الذي ينبني في استثمار الانسان من جديد، ببناء علاقة الثقة، بين الدولة والمواطن، والعلاقات التضامنية والايمان في المواطنة، كلها مكونات على المدى البعيد يمكن أن تعطي نتائج ممتازة".