طالب عدد من أعضاء حزب العدالة والتنمية، بعقد مؤتمر استثنائي، بهدف "الجلوس مع الذات، وتقييم المسار الحافل بالنجاحات والإخفاقات"، وذلك من خلال مذكرة تحت عنوان ‘مبادرة النقد والتقييم'، تم توجيهها للمجلس الوطني للحزب. ويرى المطالبون بالمؤتمر الاستثنائي، بأن هذه الخطوة هي " الوسيلة الأنجع لإيصال صوت فئة مهمة من قواعد وقيادات حزب وشبيبة العدالة والتنمية، إلى مؤسسة المجلس الوطني (برلمان الحزب)، بعد ازدياد الهوة بين القواعد والقيادات". وجاء في المذكرة التي يتوفر ‘فبراير' على نظير منها، بأن "المبادرة تُعد صفحة من الصفحات المشرفة للحزب، المبرزة لنفس حرية التعبير وروح المبادرة، والمنعدمة في غيره من الأحزاب، فلا مكان في حزبنا لثقافة الشيخ والمريد، ولا ثقافة القادة والأتباع، بل الكل يحمل هم واقع الحزب ورهاناته، كما يحمل همّ الوطن ومستقبله، قواعد كانوا أو قيادات، عكس ما قد يعتبره البعض تسرعا، أو تجاوز لمنطق المؤسسات، فإننا بهذه المبادرة التي نتقدم بها، باعتبارها الوسيلة الأنجع لإيصال صوت فئة مهمة من قواعد وقيادات حزب شبيبة العدالة والتنمية، إلى مؤسسة المجلس الوطني (برلمان الحزب). وأضافت المذكرة "فمنذ وقت ليس بالقليل، لاحظنا ازدياد الهوة بين القواعد والقيادات، وأن العديد من الأصوات الرافضة والمنتقدة للوضع الحالي لا يصل صداها لقيادة الحزب، وتظل محصورة في أحاديث المقاهي واللقاءات الأخوية، والنقاشات في مواقع التواصل الإجتماعي، هذا بعد أن ملّت هذه الأصوات من اعتماد الآليات التنظيمية واللقاءات الداخلية التي لم تلق للأسف التفاعل الإيجابي المرجو". وأورذت ذات المذكرة "العديد من المحطات التي عاش فيها الحزب هزات عنيفة وارتباكا واضحا واختلافا في الرؤى ووجهات النظر، كان منتظرا من المجلس الوطني أن يعقد دورات استثنائية يحسم فيها الخلاف، ويحتوي فيها الوضع، لكن للأسف أحسسنا بركود هذه المؤسسة وعدم تحملها للمسؤولية في اللحظات العصيبة التي عاشها الحزب والوطن، بعد المجلس الوطني للحزب، كان يعول كذلك على الشبيبة لتوفير هذا الفضاء للنقاش الحر والمسؤول والاستماع لجميع الأصوات ووجهات النظر المختلفة، إلا أن هذا الأمر لم يكن للأسف الشديد، حيث لم تعد الشبيبة تتمتع بالاستقلالية اللازمة للقيام بمثل هذه المبادرات، فالتعبير عن مواقفها أصبح مقيدا باختيارات قيادتها الحالية بعيدا عن النفس العام الذي يسود قواعد الشبيبة". وأوضح المطالبون بعقد المؤتمر من خلال ذات المذكرة أن "انسداد الفضاءات التنظيمية الخاصة لاحتواء نقاش هادئ ورصين في شتى القضايا المفصلية، خلصنا إلى أن قيادات الحزب والشبيبة تراهنان أكثر على تناسي هذه اللحظات، وإطفاء نار الغضب في صفوف المناضلين، استنادا لمقولة "كم حاجة قضيناها بتركها"، والتذرع بقاعدة "الرأي حر والقرار ملزم"، في حين أن الرأي الحر لا يناقش، والقرارات الملزمة لا تزيد الوضع إلا تأزما، ومراكمة الخلافات وتجميد المؤسسات لن يكون وقعه على الحزب و مناضليه إلا سيئا". وأضاف أعضاء حزب العدالة والتمنية قائلين في مذكرتهم "لهذا تأتي مبادرتنا كمحاولة لاستعادة هوية الحزب الوطنية والنضالية، وذلك بعد أن استنزفت جميع المحاولات والفرص المتاحة، وإننا نقوم بتقديم هذه المبادرة إيمانا منا بمسؤوليتنا التاريخية تجاه ما يقع لحزبنا ولوطننا، حيث كان ضروريا الدفع بهذه المبادرة في هذه المرحلة التي ستكون حاسمة بالنسبة لمستقبل الحزب، فالحذر كل الحذر من إدراجه في نادي الأحزاب الإدارية في حالة استمرار استنزاف ما تبقى من رصيده الوطني والنضالي، كما وقع لبقية الأحزاب الوطنية التي تم ابتلاعها من طرف إدارة الدولة مما أدى إلى فقدانها استقلاليتها ووطنيتها". وطالب قيادات ‘البيجيدي' بتفعيل المادة 24 من النظام الأساسي للحزب، والذي يخول للمجلس الوطني صلاحية الدعوة لمؤتمر استثنائي بعد موافقة ثلثي أعضائه، باعتبار المؤتمر الاستثنائي المحطة التنظيمية الكفيلة بإخراج الحزب من حالة التخبط التي يعرفها في هذه المرحلة الحرجة، هذه المبادرة نقدمها محاولًة منا إلى استدراك ما يمكن استدراكه، ورغبة في تدقيق الأمور التي أصبحت أكثر ضبابية مع مرور الأيام وتوالي الصدمات، فلا مجال لاستشراف المستقبل دون الحسم في نقاط الاختلاف التي تشوب الحاضر والماضي". واكذت المذكرة على أن ل"إعفاء بن كيران من رئاسة الحكومة كان له أثر بليغ على تطلعات الشعب، الذي منح صوته للعدالة والتنمية الذي كان يقوده الرجل ليستمر في مسلسل الإصلاح الذي انطلق منذ 2011 ، لكن التخوفات التي تلت خبر الإعفاء تبددت بعد تعيين سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة والذي كلف بتشكيلها، حيث كان خبر تعيين العثماني صدى مطمئنا لدى البعض وتوجسا لدى البعض الآخر، حيث اعتبر البعض أن العثماني سيحافظ على نفس المعايير التفاوضية التي اعتمدها الحزب خلال مرحلة البلوكاج، بحيث أن تلك المعايير لم تكن رأيا شخصيا للأستاذ بنكيران واختيارا له فقط، وإنما هي معايير يقف وراءها كل الحزب قيادة وقواعد، مجندين لحماية الإرادة الشعبية، كما أن الأمانة العامة كانت تصدر بلاغات تدعم وتتبنى فيها الطريقة التي تدبر بها المفاوضات في تلك المرحلة". وأشارت المذكرة الى قضية القيادية في الحزب امنة ماء العينين، فذكرت،:"التعامل بقسوة مع الأخت آمنة ماء العينين أثناء محنتها، ولوحظ اختلاف واضح في التعامل معها، ولم تلق المعاملة التي تليق بها في تلك الظرفية أسوة بغيرها من القيادات التي عاشت ظروفا مشابهة، ما وقع لأختنا ماء العينين لا يبرر مستوى التهجم الذي طالها من بعض القيادات التي استغلت قضيتها لتصفية الحسابات السياسية معها، عكس التعامل الذي حظي به غيرها، رغم كونها امرأة كانت الأستاذة ماء العينين تحتاج لمن يدعمها ويساندها في محنتها، لا سيما أنها من الأصوات القليلة التي ما تزال محافظة على النفس النضالي للحزب من خلال مواقفها الشجاعة من قضايا كانت الأمانة العامة تتردد وتتخوف من التطرق لها، لا سيما أن مواقفها تلك جعلتها مستهدفة بتلك الطريقة الوحشية".