قال المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن « جائحة (كوفيد-19) ليست أزمة صحية فحسب، بل إنها أزمة اقتصادية خلفت أضرارا واسعة النطاق على المقاولات وقطاع الشغل. فبالنظر إلى الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية التي أحدثتها الأزمة فإن مورد عيش العديد من الأشخاص يبقى مهددا على المدى الطويل. كما تعتبر هذه الأزمة، من مختلف الزوايا، أزمة تمس حقوق الإنسان، بالنظر لتداعياتها على حياة الأفراد وحرياتهم ». وأضاف المجلس الوطني لحقوق الانسان في بلاغ تتوفر « فبراير » على نظير منه، أنه « مبادئ الأممالمتحدة التوجيهية توفر بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان مجموعة من المبادئ الرامية إلى تحديد وتوضيح معايير مسؤولية المقاولات ودور الدول. ووفقا لهذه المبادئ، يتعين على المقاولات أن تبذل قصارى جهودها من أجل تجنب المساهمة، بأي شكل من الأشكال، في وقوع انتهاكات على مستوى حقوق الإنسان والتدهور البيئي ». وفي هذا الإطار، يشير ذات المجلس إلى أنه « يتعين على الدولة الوقوف على مدى احترام المقاولات لحقوق الإنسان، بالنظر إلى أن ضمان العناية الواجبة بحقوق الإنسان مرتبط فقط بحسن نية المقاولات، ناهيك عن غياب إطار قانوني وطني أو دولي ملزم، يضمن التزام المقاولات بهذه التوجيهات ». وأكدت الهيئة الدستورية ذاتها، على أنه « خلال الأزمة الصحية في بلادنا، تأثرت الأنشطة الاقتصادية بشدة نتيجة للقيود المفروضة على الحركة وتدابير الحجر الصحي. ففي الوقت الذي لجأ فيه معظم موظفو الإدارات العمومية، باستثناء إدارات الأمن والصحة والإدارات الترابية، إلى العمل عن بعد (Télétravail)، فقد استمر العاملون في القطاع الخاص، بشكل جزئي، في التنقل إلى مقرات عملهم. كما قام بعض أرباب العمل بتقليص ساعات عمل المستخدمين وخفض أجورهم و/أو فصلهم. إضافة إلى أنه تم الإبلاغ عن حالات عاملين تم الاحتفاظ بهم في أماكن عملهم ». وأبرز مجلس بوعياش، أن « بعض العاملين « الأساسيين » اضطروا إلى الحضور إلى أماكن العمل في القطاعات المتعلقة بالرعاية الصحية والنقل والخدمات اللوجستية والزراعة وإنتاج المواد الغذائية وتجارة التقسيط وتصنيع المنتجات الأساسية مثل معدات الحماية. ويختلف اختيار العاملين الذين تم تصنيفهم باعتبارهم « أساسيين » من قطاع لآخر، حيث أتيحت للمقاولات الفرصة لتعيينهم بنفسها. علما أن هؤلاء العاملين « الأساسيين » أكثر عرضة للإصابة ب(كوفيد-19) ». وسجل المجلس « انتهاكات حقوق بعض العاملين خلال الأزمة. ويتعلق الأمر بوقوع حالات إصابة بالفيروس داخل بعض الشركات ووحدات الإنتاج بسبب غياب الوقاية أو عدم كفايتها، بحيث أبلغت 60 مقاولة عن تفشي مرض (كوفيد-19) ومشاكل قانونية تتعلق بعقود العمل محددة المدة وقصيرة الأجل ». وشدد المجلس الوطني لحقوق الانسان على أنه « لم يتمكن العاملون، الذين فقدوا دخلهم كليا أو جزئيا، من الاستفادة من التعويض المحدد في 2000 درهم من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. ويتعلق الأمر خصوصا بالعاملين الذين لم يقم أرباب عملهم بتقديم الوثائق اللازمة التي تخول لهم الاستفادة من هذه المنحة. علاوة على ذلك، برزت مشاكل تتعلق بمعايير العمل في القطاع الخاص، مثل تقييد تمثيلية العاملين وتعليق عمليات المفاوضة الجماعية ». وأشار المجلس إلى أنه « بالنسبة للقطاع غير المهيكل، كان وقع الأزمة الصحية أكبر حدة بالنظر لارتفاع نسبة العدوى والهشاشة الاجتماعية والاقتصادية المثيرة للقلق. حيث نجد أن العديد من العاملين في القطاع غير المهيكل استمروا في مزاولة نشاطهم خلال فترة الأزمة، خاصة تجار التقسيط، معرضين أنفسهم لخطر الإصابة بسبب غياب التدابير الوقائية الضرورية ». ودعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان الحكومة، إلى « الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بحماية حقوق الإنسان والتصدي للمقاولات والإدارات المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان ذات الصلة بالأنشطة التي تزاولها، خاصة في سياق جائحة (كوفيد 19) ». كما أكد المجلس ضرورة أن تكون « إجراءات الدعم الاقتصادي تستهدف بالدرجة الأولى الأشخاص الأكثر هشاشة وأنها تتضمن شروطا واضحة وقابلة للتنفيذ »، مشددا على أن تتضمن مخططات المواكبة الموجهة لما بعد (كوفيد-19) تدابير الحماية الاجتماعية لفائدة الأشخاص الذين فقدوا مصدر دخلهم بسبب الأزمة والذين لا يستطيعون إعالة أسرهم ». وطالب مجلس بوعياش ب »توسيع دائرة المستفيدين من الدعم المخصص للعاملين في القطاع غير المهيكل، وذلك من خلال اعتماد معايير أكثر مرونة لتسهيل الاستفادة من هذا الدعم ». ودعا المجلس الحكومة، إلى « السهر على حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك الحق في السكن والصحة والتغذية والماء والتطهير الصحي والتعليم والحماية الاجتماعية والشغل، والعمل بالخصوص على تجنب تفاقم التفاوتات الاجتماعية ». وطالب مجلس بوعياش الحكومة، ب »توفير الأمن والحفاظ على إجراءات الوقاية داخل وسائل النقل العمومي والخاص. علما أنه في الظرفية الراهنة، قد يستأنف عدد كبير من الأشخاص عملهم قريبا في ظل ظروف تنقل غير آمنة أو ضعيفة، باعتبار أن عددا كبيرا سيضطر إلى استخدام وسائل النقل العمومي (الحافلات، الترامواي، سيارات الأجرة الجماعية، إلخ.) ».