في خضمّ ازدياد الضغط على الفئات الاجتماعية الهشة، العاملة في القطاع غير المهيكل بالمغرب، جراء استمرار حالة الطوارئ الصحية، قدمت منظمة "أوكسفام" أربع توصيات إلى الحكومة المغربية، لتخفيف التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية التي خلفها الوباء العالمي، حاليا، وضمان توفير الحماية الاجتماعية لها بعد تجاوز أزمة جائحة فيروس "كورونا" المستجد. "أوكسفام" استهلت تقريرا بعنوان "القطاع غير المهيكل تحت مجهر كوفيد-19"، أصدرته بمناسبة عيد العمال، الذي يخلده العالم اليوم الجمعة، بالإشارة إلى أن الأزمة الحالية عمّقت، بشكل دراماتيكي، عدم المساواة بين الطبقات الاجتماعية على الصعيد العالمي، مشيرة إلى أن الأزمة الصحية الحالية زجّت، إلى حد الآن بملايين الأشخاص في أتون الفقر. وأشارت المنظمة الدولية إلى أن سوق الشغل في أغلب البلدان النامية، بما فيها المغرب، مازال قائما بالأساس على القطاع غير المهيكل، الذي لا يوفر للساكنة دخلا كافيا، كما أن اليد العاملة في هذا القطاع لا تتمتع بالحماية الاجتماعية، أو الولوج السهل إلى الرعاية الصحية، مبرزة أن أزمة "كوفيد-19" زادت بحدة معاناة العاملين في القطاع. وسبق للمندوبية السامية للتخطيط أن أنجزت تقريرا حول تحديات وفرص سوق الشغل بالمغرب، عام 2017، جاء ضمن خلاصاته أنه لا يضمن فرصا كافية للعمل، نظرا لضعف المناصب المحدثة، علاوة على أنها تبقى ضعيفة من حيث الجودة. واعتبرت "أوكسفام" أن معطيات مندوبية التخطيط "مقلقة". ويمثل الاقتصاد غير المهيكل، وفق نتائج دراسة أنجزها الاتحاد العام لمقاولة المغرب، السنة الفارطة، 20 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي. وتتوزع أنشطة هذا القطاع على صناعة النسيج والألبسة بنسبة 54 في المائة، والنقل الطرقي للبضائع بنسبة 32 في المائة، وقطاع البناء بنسبة 31 في المائة، وصناعة المواد الغذائية وصناعة التبغ بنسبة 26 في المائة. ويشغّل القطاع غير المهيكل، حسب نتائج دراسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، 2.4 ملايين شخص خارج القطاع الفلاحي، وهو ما يمثل نسبة 16.5 في المائة من الساكنة النشيطة في المغرب، والمقدّر عددها ب12 مليون شخص، وفق إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط. وقالت منظمة "أوكسفام" إن حالة الطوارئ الصحية التي فرضتها جائحة فيروس "كورونا" المستجد، دفعت، عمليا، مجموع العاملات والعمال في القطاع غير المهيكل بالمغرب إلى التوقف التام عن العمل، بشكل مباغت، في مجالات عديدة، مثل السياحة والفلاحة والصناعة التقليدية...وجعلتهم بدون أي مصدر للدخل. واعتبرت المنظمة ذاتها أن العاملات والعمال في القطاع غير المهيكل يصنّفون ضمن الفئات غير المحمية، لكون هذا القطاع لا يضمن الحماية الاجتماعية للعاملين فيه، إضافة إلى أن العلاقات الشغلية بين أرباب العمل والعمال غير مؤطرة بنصوص قانونية، إذ لا تُبرم بينهم عقود العمل، ولا يحدد الحد الأدنى للأجر، أو ساعات العمل، والعطل...مشيرة إلى أن 93 في المائة من الوحدات النشيطة في القطاع غير المهيكل لم تصرّح بأي عامل لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. ودعت "أوكسفام"، بمناسبة اليوم العالمي للعمال، صناع القرار السياسي في المغرب إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الفوارق الاجتماعية القائمة، منبهة إلى أنها قد تنفجر مع أزمة فيروس "كورونا" المستجد واستمرار العزل الصحي الذي أوقف عجلة حركة الاقتصاد غير المهيكل، ومؤكدة أن التغلب على هذه الأزمة التي ترخي بظلالها على كل بلدان المعمور "يتطلب فقط إجراء سياسيا طموحا للدولة". واقترحت المنظمة تدابير عاجلة موزعة على أربعة محاور أساسية، أولها وضع خطة وطنية للنهوض بقطاع الصحة وتدخل طارئ لتمكين الفئات الهشة من الولوج إلى خدمات الرعاية الصحية، وسنّ تدابير جبائية عادلة وعاجلة، بدءا بفرض ضريبة تضامن على الثروة، معتبرة أن هذا الإجراء سيمكن العاملين في القطاع غير المهيكل من الحماية الاجتماعية الشاملة. الإجراء الثالث الذي أوصت به "أوكسفام"، ل"معالجة الفوارق الاجتماعية ومحاربة الظلم"، يتعلق بحماية قطاع التشغيل، وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال خطة تستهدف في المقام الأول الشباب والنساء، عبر الحوافز، وهيكلة النشاط الاقتصادي، والمرونة الإدارية، والتأجيل الضريبي، والتدريب على المهارات، والإرشاد والتوجيه.. وفي وقت تعمل الدولة على تمكين المستقلين وأصحاب المهن الحرة من الحماية الاجتماعية، دعت "أوكسفام" إلى العناية بالقطاع غير المهيكل، من خلال إطلاق خطة لهيكلة النشاط الاقتصادي عبر "التأكيد بوضوح أكبر على مجموعة من المزايا، كالضمان الاجتماعي، وحقوق التقاعد عن طريق تغيير الوظائف، وتبسيط الضرائب، والحصول على القروض...".