قال عبد الرحيم العطري، الأستاذ الباحث في علم الاجتماع، إن جائحة » كورونا » مربكة لكثير من الحسابات، ومستفزة لطرح الكثير من التساؤلات، خاصة على مستوى الرابط الاجتماعي، الذي هو أساس نتاج بناء تاريخي، لكن في وقت الأزمة يتم اختبار هذه الروابط ومدى صلابتها، ما يعني أن الجائحة اختبار لكثير من المفاهيم، وأيضا اختبار لكثير من اليقينيات. وأوضح العطري، في مداخلته خلال الندوة الرقمية التي نظمها طلبة ماستر » سوسيولوجيا التحولات القروية والتنمية » بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، مساء أمس الأربعاء، أن الجائحة والأوبئة في تاريخ المغرب كانت تخرج من الناس أجمل ما فيهم وأحقر ما فيهم أيضا، لأنها تكشف بنيات التضامن، في نطاق اختبار حقيقي للروابط الاجتماعية، وللاعتقادات الراسخة، كما تكشف عن ممارسات سلبية كالزيادة في الأسعار وما إلى ذلك من الممارسات التي تغيب فيها التضامن. ونبه العطري إلى أن أهم ما قدمته » كورونا » للمغاربة، فضلا عن أسئلة القلق المصاحبة للجائحة، وهي أنها أرجعتهم إلى ذواتهم، ومكنتهم من استعادة الأسرة لأدوارها، في إطار تثبيت الرابط الاجتماعي، على اعتبار أن الجوائح في تاريخ الشعوب هي لحظات اختبارية وتأسيسية؛ تبني وتدمر، تهدم قيم وتؤسس لقيم أخرى. وحول الدروس المستقاة من » كورونا » أكد العطري أنه علينا قراءة الواقع بمنظار جديد، كما أنه علينا أن نتحرر من وهم الاستهلاك، ووهم الرأسمالية المتوحشة، والحداثة المفرطة، والعولمة السعيدة، وفي المقابل العودة إلى الهوية وليس إلى الهوية القاتلة. هي دروس متعددة على الحكومات أن تعيها، و الاستثمار في الإنسان والعلم، وذلك عبر الانتصار للتعليم والصحة والأمن المجتمعي. وأكد الدكتور العطري أن القطاعات الاجتماعية تعرضت لكثير من التبخيس، لكن في سياق كورونا نجد أن هذه الفضاءات والمؤسسات هي التي توجد في الصف الأمامي، لذلك فالاستثمار في الاجتماعي هو المعبر نحو عدالة اجتماعية، لأن العالم أصبح » محجرا » صحيا كبيرا بسبب التفريط في الاجتماعي. ندورة » كورونا » والرابط الاجتماعي، التي شارك فيها الدكتور جمال فزة، والدكتور عياد أبلال، وأيضا الدكتور ادريس الصنهاجي، تعتبر أول ندوة رقمية على الصعيد الوطني، اهتمت بسؤال » كورونا » وسياقات قراءته سوسيولوجيا.