شرعت الأطر التعليمية بجامعة مولاي اسماعيل في مكناس، منذ مطلع الأسبوع الجاري، في تقديم المحاضرات للطلبة، انطلاقا من استغلال وسائط التواصل الاجتماعي، وكذا الآليات البيداغوجية التي اعتمدتها الوزارة الوصية في إطار مشروع التعليم عن بعد، باعتباره مدخلا لتجاوز أزمة وباء كورونا المستجد. وباء » كورونا » يطرح الكثير من التساؤلات، والاستفهامات، خصوصا على مستوى العلاقة الشغلية، حيث مداخل تفكيك هذه العلاقة مبهمة، وتحتاج لمزيد من التدقيق القانوني والفلسفي، بالنظر إلى كون الوباء يرتبط بمستجد خارج عن الوضع المألوف في التنظيمات المهنية. وفي هذا الباب، قدم الدكتور محمد قري اليوسفي، أستاذ بكلية الحقوق في مكناس، محاضرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تطرق من خلالها إلى الأسئلة التي تؤصل لجدلية العلاقة بين أطراف العلاقة الشغلية، حينما يتعلق الأمر بمرض من نوع » كورونا »، على اعتبار أن المسألة لا ترتبط بمرض عادي، وإنما بوباء يتجاوز الفرد الواحد، وخارج مسؤولية الجميع. وتناول الدكتور اليوسفي، في المحاضرة التي وجهها للطلبة والأجراء والمشغلين وعموم المهتمين، إلى الإشكالية التي يطرحها وباء كورونا، وما يجعله هذا الوباء خارج التنظيم القانوني كما هو الشأن بالنسبة للمرض العادي، الذي جرى تنظيمه في قانون مدونة الشغل، ومقتضياته واضحة على مستوى ضبط العلاقة القانونية بين المشغل والأجير، لكن حينما يتعلق الأمر بفيروس » كورونا » فالمسألة تختلف، ذلك أن أنه وباء يتمدد هنا وهناك، وخطره يهدد الجميع، خاصة الأجراء في القطاع الخاص. وتساءل الدكتور القري حول الجهة التي تتحمل مسؤولية هذا الوباء، هل هو الأجير المريض؟ هل هو المشغل؟ أم أن المسؤولية تتحملها الدولة!؟ وهي أسئلة لا يدعي الأستاذ قري الجواب عليها، وإنما يعنيه فيها تفعيل مزيد من الاستفهامات كأرضية للنقاش. كما نبه أستاذ قانون الشغل إلى أن سبب الداء ليس الأجير وليس المشغل، بمعنى أن أطراف العلاقة التعاقدية خارج مسؤولية الوباء، الذي وصفته منظمة الصحة العالمية ب » الجائحة »، على اعتبار أنه يزحف على الجميع، وتداعياته كبيرة على وضعية الأجير والمقاولة. مساءلة قانون مدونة الشغل والقانون المدني شكل رهانا أساسيا لدى الأستاذ اليوسفي، حيث بحث في ثنايا الفصول والمواد عمّا يوجه فهمه للعلاقة الشغلية، وللإشكالات المنبثقة عن المتغيرات الطارئة كما هو الشأن بالنسبة لوباء كورونا.