" والله مامتيق راسي واش هذا هو شارع محمد السادس.. لامايمكنش" إنها عبارات الاستغراب الممزوجة بالفرحة التي استوقفت أحد سائقي سيارات الأجرة وهو يمر من شارع محمد السادس بمدينة الدارالبيضاء. وسرعان ما يستدرك السائق الذي لم يصدق منذ الوهلة الأولى أنه يمر من شارع محمد السادس، الذي تحول إلى ممر يخنق الباعة المتجولين من خلاله شرايين العاصمة الإقتصادية:"اه تفكرت سيدنا هنا. راه غير عاوتاني يمشي الملك وغادي يرجع الشارع كيفما كان وأكثر". فمنذ وصول الملك محمد السادس إلى الدار البيضاء مسحت الكثير من القطع البلاستيكية التي يعرض فيها الباعة المتجولين والمعروفون ب"الفراشة"، بالإضافة إلى عشرات العربات من أبرز شوارع الدار البيضاء. قلت نسبة السرقة، وقد توزع عشرات رجال الأمن في الشوارع والأزقة في قلب المدينة، لاسيما وأن الملك عدد من خرجاته في الدار البيضاء بين الخروج الرسمي للقيام ببعض التدشينات وبين بعض الزيارات المباغثة والتفقدية، حيث ظهر أكثر من مرة وهو عائد إلى إقامته في كورنيش عين الذئاب وهو يسوق سيارته دون موكب رسمي. وتختزل ملاحظة سائق الطاكسي أزمة فوضى تعيشها الدار البيضاء، لاسيما وقد تضاعفت انعكاساتها على العاصمة الإقتصادية، منذ أن أحرق البائع المتجول التونسي محمد البوعزيزي الذي تعرض لصفعة على يد شرطية قمعته، وكان سببا في خلع الديكتاتور زين العابدين. إذ أدى التساهل مع الباعة المتجولين إلى انتشارهم في الكثير من الشوارع والأزقة، الشيء الذي عقد أكثر عملية تنطيم المرور في مدينة أربكتها أشغال الترامواي، وتعاني من الاكتظاظ وسوء تدبير مجالها العمراني منذ عقود. وبمجرد ما سيغادر الملك الدار البيضاء، ستعود العاصمة الإقتصادية إلى حبس أنفاسها، فلا السلطات العمومية والمنتخبين في الدار البيضاء نجحت في استيعاب الباعة المتجولين وإيجاد حلول لإدماجهم في أسواق نموذجية منظمة، ولا الحكومة الجديدة حملت اقتراحات عملية لانتشال البائعين المتجولين من الاختباء وراء العطالة المقنعة في قطاع غير مهيكل يدر بعض الدريهمات على أسر تعيش تحت عتبة الفقر.