نما استخدام وانتشارحروف تيفيناغ بشكل مطرد، منذ دسترة اللغة الأمازيغية لغة رسمية للمغرب سنة 2011. وهكذا صار اعتماد هذه الكتابة الضاربة في القدم ونشرها استراتيجية لبناء هوية وطنية متعددة. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال أبو القاسم الخطير، الباحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، إن ترسيم اللغة الأمازيغية جاء تتويجا لسنوات عديدة من التملك الرمزي لأبجدية تيفيناغ. وفي هذا السياق، استشهد السيد الخطير بالعمل الذي كانت تقوم به الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي في سبعينيات القرن الماضي، لاسيما منشورها « أراتن » و الذي كان يصدر حينها بعض النصوص بحروف تيفيناغ. وباعتمادها رسميا في القانون التنظيمي 26-16 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، والذي صدر في الجريدة الرسمية، أضحى ظهور حروف تيفيناغ أكثر وضوحا في الفضاء العام، لاسيما على واجهات العديد من المؤسسات العمومية والخاصة. وأبدى السيد الخطير أسفه لوجود حالة من الفوضى في استعمال تيفيناغ في الفضاء العام، حيث « نجد أحيانا أخطاء جمة في العبارات المكتوبة »، معتبرا أن تصويب هذه الوضعية ممكن في حال وجود إجراءات مؤسساتية تروم إضفاء التنسيق والانسجام على الكتابة بتيفيناغ. وشدد على أنه يجب أن تواكب الإجراءات الرسمية سيرورة إدماج تيفيناغ، معتبرا أن الإجراءات التي تتخذها الدولة قمينة بتطبيع استعمال تيفيناغ في الفضاء العمومي. وسجل أن استعمال تيفيناغ في الفضاء العمومي لم يكن محل ترحيب في البداية، و أن اختيار اعتماد هذه الكتابة لتدوين اللغة الأمازيغية أثار جدلا كبيرا. وأبرز أن تلك المقاومة انعكست إيجابيا على استعمال تيفيناغ، حيث أضحت هذه الكتابة مرادفا للأمازيغية في المغرب، و صارت تضفي هوية مرئية لهذه الثقافة الوطنية. من جهته، وفي نفس المنحى، قال المحفوظ أسمهري، الباحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، إن تعميم استعمال حرف تيفيناغ في مختلف مناحي الحياة العامة يعكس مستوى التعامل مع الأمازيغية كلغة رسمية ثانية للبلاد. وشدد السيد أسمهري على أنه يجب التمييز بين تعميم هذا الحرف في مستوى التعليم والإنتاج العلمي والذي يحتاج إلى تراكم لن يتحقق إلا على المدى المتوسط والبعيد، وبين تعميم تيفيناغ في المرافق العمومية ومؤسسسات الدولة الذي يحتاج إلى الإرادة السياسية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ولغلاف زمني قصير. واعتبر السيد أسمهري أن استعمال تيفيناغ لكتابة الأمازيغية فيه استحضار للبعد التاريخي والهوياتي للثقافة الأمازيغية، مشيرا إلى أن « اختيار العودة إلى الحرف الذي كتبت به الأمازيغية لأول مرة في تاريخها بمثابة إعادة تملك لهذا الإرث التاريخي ». ومع- المصطفى السكنفل