الملك محمد السادس يهنئ خادم الحرمين الشريفين بمناسبة يوم التأسيس المجيد    في حضور أخنوش والرئيس الفرنسي.. المغرب ضيف شرف في المعرض الدولي للفلاحة بباريس    رئيسة المؤسسة البرازيلية للبحث الزراعي: تعاون المغرب والبرازيل "واعد" لتعزيز الأمن الغذائي    لاعب الرجاء بوكرين يغيب عن "الكلاسيكو" أمام الجيش الملكي بسبب الإصابة    رفض استئناف ريال مدريد ضد عقوبة بيلينغهام    زخات مطرية وتساقطات ثلجية مرتقبة بعدد من المناطق المغربية اليوم    حريق مهول يلتهم سوق بني مكادة بطنجة    بحضور أخنوش.. الرئيس الفرنسي يدشن المعرض الدولي للفلاحة بباريس الذي يحتفي بالمغرب كضيف شرف    الكوكب المراكشي يبحث عن تعزيز موقعه في الصدارة عبر بوابة خريبكة ورجاء بني ملال يتربص به    سيناريوهات ما بعد هزيمة العرب وأمريكا في أوكرانيا    بحضور أخنوش.. ماكرون يدشن المعرض الدولي للفلاحة بباريس    إحباط محاولة تهريب مفرقعات وشهب نارية بميناء طنجة المتوسط    مراكش: فتح بحث قضائي في حق عميد شرطة متورط في قضية ابتزاز ورشوة    بين العربية والأمازيغية: سعيدة شرف تقدم 'الواد الواد' بحلة جديدة    استثمار "بوينغ" يتسع في المغرب    باشا الرشيدية يرفض تمكين "البيجيدي" من قاعة عمومية تفاديا لتسخير أدوات الدولة "لأغراض انتخابوية"    "العدل والإحسان" تدعو لوقفة بفاس احتجاجا على استمرار تشميع بيت أحد أعضاءها منذ 6 سنوات    إسرائيل تتسلم رهينتين من حماس    السحب تحبط تعامد أشعة الشمس على وجه رمسيس الثاني    استشفاء "بابا الفاتيكان" يثير القلق    "قضاة المغرب" يستنكرون تهكم وهبي ويرفضون خرق واجب التحفظ    متابعة الرابور "حليوة" في حالة سراح    فيديو عن وصول الملك محمد السادس إلى مدينة المضيق    الصحراء المغربية.. منتدى "الفوبريل" بالهندوراس يؤكد دعمه لحل سلمي ونهائي يحترم سيادة المغرب ووحدته الترابية    إطلاق "كازا تراث"… منصة مخصصة لاكتشاف تراث المدينة    تحقيق في رومانيا بعد اعتداء عنيف على طالب مغربي وصديقته    المداخيل الضريبية ترتفع بنسبة 24,6 % عند متم يناير 2025    مشروع قرار أمريكي بشأن أوكرانيا يثير الجدل في الأمم المتحدة    كيوسك السبت | المغرب الأول إفريقيا وال 16 عالميا في أساسيات مزاولة الأعمال    الصين تطلق أول نموذج كبير للذكاء الاصطناعي مخصص للأمراض النادرة    النصيري يدخل التاريخ مع فنربخشة التركي    إدارة الرجاء توجه رسالة إلى جمهورها قبل مباراة الكلاسيكو    القوة الناعمة.. المغرب يحافظ على مكانته العالمية ويكرس تفوقه على الدول المغاربية    بلاغ هام من الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء    قرعة دوري أبطال أوروبا.. ديربي مدريدي وقمتان ناريتان    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    دراسة: هذه أفضل 4 أطعمة لأمعائك ودماغك    هل نبدأ في فقدان شبابنا بعد الخامسة والثلاثين؟    رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    تقدم في التحقيقات: اكتشاف المخرج الرئيسي لنفق التهريب بين المغرب وسبتة    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    لجنة تتفقد المناخ المدرسي ببني ملال    فوز صعب ل"الماص" على المحمدية    المنتخب النسوي يفوز وديا على غانا    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    ارتفاع المداخيل الضريبية بنسبة 24,6 في المائة عند متم يناير 2025    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    محكمة بالدار البيضاء تتابع الرابور "حليوة" في حالة سراح    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    حوار مع "شات جيبيتي" .. هل تكون قرطبة الأرجنتينية هي الأصل؟    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأصالة والمعاصرة : سؤال الدولة ورهان المشروعية السياسية
نشر في فبراير يوم 05 - 10 - 2019

تفاعلا مع الوثيقة السياسية التي أصدرها الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة والمعنونة ب » طريق الانبعاث- الطريق إلى المؤتمر العادي الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة »، ومن منطلق حرصنا على تأهيل مستوى النقاش الدائر داخل الحزب وتأطيره بالأسئلة الفعلية المرتبطة براهن ومستقبل الحزب في المشهد السياسي الوطني سيما وأن الصراع الذي تفجر داخل الحزب لأسباب عديدة -ليس هنا مجال تناولها بالتفصيل- صراع يكشف شحا فضيعا في إنتاج الأفكار والتصورات السياسية، ويترجم بعضا من أوجه الأزمة التي تكشف عنها فصول التوترات المفتعلة منذ فترة غير قصيرة. ولعل إحدى المظاهر التي كشفت عنها مجريات هذا الصراع هو أنه لا يرتبط بصراع الأفكار، ولا بتقديرات سياسية تهم المرحلة التي تجتازها بلادنا، ولا بتقييمات خاصة تهم الأسئلة الكبرى ، ولا بالملفات ذات الطابع الاستعجالي،ولا بخلافات تهم الأداء السياسي للحزب من موقع المعارضة، ولا بتموقعات الحزب في المشهد السياسي، ولا بأطروحاته المرجعية ،بل ارتهن الصراع منذ أن نسجت خيوطه الأولى بهواجس ذاتية ، ونزعات انتهازية وصولية أفضت عمليا إلى تعطيل الأداء السياسي للحزب ، وفرملة مشروعه السياسي ليظل الحديث عن تشكل أقطاب، أو تيارات، أو حساسيات، أو اصطفافات معينة حديثا هجينا يفتقد لأي حس سياسي ،ومجردا من أي مشروعية سياسية حقيقية ، أو رؤية حزبية ،مرحلية أو مستقبلية، قادرة على تفسير أو تبرير ما يجري.
ولعل وقوف الوثيقة السياسية في معرض تشخيصها على ما أسمته « بالأمراض الخمسة لجسمنا الحزبي » لا يسائل حجم الاستنزاف الذاتي الذي تعرض له الحزب فقط، بل يسائل أيضا إمكانية إعادة تأهيل المشروع الحزبي بكامله لاستعادة زمام المبادرة.
إن التشخيص الذي تقدمه الوثيقة بعناوينه الكبرى ( أمراض الانتظارية وتراجع المبادرة الحزبية،والعجز عن تنخيب الشباب والنساء،وبروز نزعات تحريفية همت المرجعية الحزبية وقيم المشروع السياسي، والعجز عن الوساطة الفعالة، والعجز عن انتاج الخبرات الحزبية المطلوبة في مختلف المجالات )، عناوين لوضع حزبي يسائل اليوم مشروع فكرة حزب الأًصالة والمعاصرة. وهي مناسبة للتفاعل مع مضامين الوثيقة بإعادة طرح الأسئلة المركزية المرتبطة بفكرة المشروع .مساءلة تجربتنا الحزبية حول مدى إسهامها الفعلي في الارتقاء بالممارسة السياسية و بأخلاقيات العمل الحزبي، ومدى تمثل الخيارات والرهانات الكبرى للمشروع السياسي للحزب بما يسمح عمليا من تجديد النخب على قواعد النزاهة، والكفاءة، والمسؤولية، وشروط الانتساب الفعلي في دعم خيارات التحديث الثقافي والحقوقي، والمؤسساتي، والسياسي، والمجتمعي؟.
وهي مناسبة لنعيد طرح السؤال ،هل نجح خط » الديمقراطية الاجتماعية » كعرض سياسي من تمكين حزبنا موقعا سياسيا يسمح بتحديد هوية مرجعية قادرة على الإجابة على مختلف الأسئلة الدقيقة المرتبطة بقضايا الشأن العام، وبإنتاج وتدبير السياسات العمومية، وهل ساهم مشروعنا في تحقيق قوة الدفع المطلوبة لتحقيق التوازنات الاجتماعية المطلوبة لحماية الاختيار الديمقراطي؟.
إن هذه الأسئلة – وأخرى- تستلزم استجلاء بعض الأسئلة المركزية إذا كنا نتطلع الانتقال من فكرة المشروع الى مشروع الفكرة. ومن ضمنها
1. سؤال العلاقة بالدولة
لقد ظلت نشأة الحزب، وظروف تأسيسه، تلقي بظلالها على مساراته السياسية والتنظيمية،حيث ظل نعت » حزب الدولة » ، سواء من قبل خصومه، أو من قبل جزء من الرأي العام، لصيقا به، بما هو توصيف يسعى لتجريده من مشروعية قيامه أصلا، أو لمحاولة لجم تحركاته في المشهد السياسي بالتشكيك في صدقية شعاراته ومراميه.وحيث إن هذا التوصيف تم استخدامه في سياقات مختلفة، وبخلفيات مختلفة،ومن لدن جهات مختلفة، فإن الترويج اليوم لمثل هذا الخطاب من طرف بعض المنتسبين للحزب أنفسهم يسائل حقيقة مفهوم المسؤولية الحزبية عند بعض » القيادات » التي تسعى إلى ربح » مشروعيات واهمة » على حساب المشروع السياسي والمجتمعي للحزب، وعلى حساب قواعد الشرعية الديمقراطية.ففي كل محطات الصراع الدائر داخل الحزب يصر بعض المنتسبين لحزب الأصالة والمعاصرة على ترويج الاسطوانة القائلة بأن حزب الأصالة والمعاصرة حزب ترعاه الدولة، وتعطف عليه،وله حظوة خاصة.
و هذا النوع من التصريحات لا يسىء لحزب الأصالة والمعاصرة فقط ، بل ينحاز- موضوعيا- لخانة خصوم الأصالة والمعاصرة الذين ما فتئوا يروجون لمثل هذا الكلام. بل إن إقحام رموز الدولة في » خلافات » تنظيمية مفتعلة (لاعلاقة لها بالمشروع السياسي على الإطلاق)، واستغلالها في حرب تموقعات فجة، لا يشكل قصورا سياسيا فقط، بل يسائل » في العمق » طبيعة التمثلات الديمقراطية لدى هؤلاء، قبل تمثلاتهم للمشروع الحداثي الديمقراطي الذي ينتصر له الحزب، والذين يدعون الانتساب إليه.وفوق هذا وذاك، انه من غير اللائق أن يسعى رجل السياسة إلى صناعة موقعه الخاص بتصريف هذا النوع من الخطاب على حساب رموز الدولة ومؤسساتها. وتوهيم الرأي العام، وعموم المناضلين والمناضلات، بأن هذه المبادرة أو تلك مسنودة من جهات عليا، ويمكنها بالتالي أن تبرر كل التجاوزات التنظيمية .
واعتبارا لخطورة هذا النوع من الادعاءات ، فإن منطق الأشياء يقتضي تذكير هؤلاء بأن المشروعية السياسية لحزب الأصالة والمعاصرة تقوم بالضرورة عبر تحقيق مشروعيته الديمقراطية القائمة على احترام أدوار ووظائف المؤسسات الحزبية.وكل تعطيل لهذه الأدوار والوظائف لن يعطل إعمال التربية على قواعد الديمقراطية الداخلية فقط بل سيساهم، بوعي أو بدون وعي، في تعطيل المشروعية السياسية للحزب.
وعوض الاجتهاد النظري والسياسي لفهم سياقات تأسيس الحزب ومهامه الكبرى، الآنية والمستقبلية، وعوض الاجتهاد في تقديم البدائل التي ينتظرها المغاربة في سياق الأوراش الاستراتيجية الموضوعة على جدول أعمال بلادنا ، وعوض النضال من أجل تعزيز مكانة الحزب في المشهد السياسي وتأهيل أدائه على كافة المستويات ليلعب أدواره المنتظرة في المرحلة الراهنة،مازال البعض يصر(مع الأسف) على الترويج ، هنا وهناك، بأنه يستمد شرعيته من » الفوق » وأنه » من أصحاب الامتياز والحظوة..الخ، . وهذا النوع من الكلام يخلق حالة من الارتياب، والشك في إمكانية التأهيل المؤسساتي للحزب، ويساهم في التطبيع مع حالة « الاستقواء » الوهمي الذي يعطل الأدوار السياسية المفترضة لحزب يمكن أن يلعب أدوارا طلائعية في المجتمع.كما يساهم، والحالة هاته، في خلق حالة من التوجس من قبل باقي الفرقاء السياسيين.
2. في سؤال المشروعية السياسية.
إذا كان السياق السياسي لمرحلة ما بعد دستور 2011 يفترض مشهدا سياسيا قويا، وناضجا يؤمن للحركة الديمقراطية والتحديثية كل الفرص الموضوعية لتلعب أدوارها كقوى حية قادرة على ضمان التوازنات السياسية الكبرى، وتأمين كل الشروط لإنجاح الاختيار الديمقراطي، ومجابهة المد الأصولي، مجتمعيا ومؤسساتيا، فإن المفارقة القائمة أشرت على تراجع مفزع في القدرة على لعب هذه الأدوار،وارتسام شرخ متزايد بين الحركيات الاجتماعية ، والتعبيرات السياسية القائمة. وهو ما يطرح بإلحاح سؤال الوساطة السياسية، وهو ما تشير إليه وثيقة » الانبعاث » في حديثها عن » أزمة الوساطة الحالية » والتي تكشف مفارقة سياسية مقلقة تتوزع بين » التمثيل الأعياني » و » التمثيل الشعبوي » الذي يستغل الدين الاسلامي في السياسية.. وهي مفارقة تعني حزب الأصالة والمعاصرة بشكل قوي لأنه ظل يردد منذ نشأته عزمه » إحداث خلخلة في المشهد السياسي »،وممارسة السياسة بشكل مغاير.
إن استقراء عناصر الوضع السياسي بالبلاد تدفع ، موضوعيا، في اتجاه الإقرار بأن وجود حزب الأصالة والمعاصرة ببلادنا لعب أدوارا مهمة سمحت على الأقل ، في شروط التحولات التي عرفتها المنطقة، بامتصاص جزء غير يسير من الضربات التي خلفتها رياح المتغيرات، محليا وإقليميا ودوليا. وهي المتغيرات التي وضعت الحزب في واجهة الصراع الذي سيحمل إسلاميي العدالة والتنمية إلى الحكم، بموجب موازين قوى مجتمعية وسياسية مختلة لعبت ، وتلعب لصالح الحزب الدعوي.وهو ما لا يسائل حزب الاصالة والمعاصرة لوحده، بل يسائل عموم المؤسسات والهيئات والقوى المجتمعية ومختلف الفاعلين، كما يسائل أيضا الدولة بمختلف مؤسساتها، وأجهزتها.
ومع ذلك، ينبغي القول بأن بعض القراءات الاختزالية روجت بعد 07 أكتوبر بأن الحزب ربح الرهان الانتخابي بالنظر لعدد المقاعد المحصل عليها،وبالتالي فمشروعيته السياسية قد ترسخت في المشهد السياسي العام. إلا أن هذا التقييم العددي لا يقيم الاعتبار لجوهر السؤال السياسي للمشروع الذي غيبته حسابات المركب المصلحي الانتهازي، لأننا نعتقد بأن سؤال المشروعية السياسية للحزب ، والتي ظلت موضوع مساءلة، وتهجم، ونقد، وشكوك(منها ما هو مشروع ، ومنها ما هو غير مشروع) قد لا يتحقق بعدد المقاعد المحصل عليها. فمشروعية الأحزاب التاريخية، والتي كانت موضوع نقد من لدن الحزب نفسه، قامت دائما على طبيعة الأدوار السياسية والمجتمعية والنضالية التي لعبتها في تاريخ المغرب. وينبغي التأكيد في هذا المقام بأن المشروعية الانتخابية ينبغي أن تكون ترجمة عملية للمشروعية السياسية المطلوبة.وإلا فإن الشرخ الحاصل بين المشروعيتين سيكون كافيا لوحده لتفسير جزء من الاختلالات التي يعيشها الحزب على مستويات عديدة.
وفي هذا الصدد، نود التأكيد بأن المشروع السياسي للحزب ليس ورقة لضبط التوازنات الانتخابية(فقط) لأن هذه المهمة قد يتم تحقيقها في الرقعة السياسية بفاعلين آخرين .وأن تكون فكرة تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة فكرة انتخابية فهذا الأمر سيكون ، بالمحصلة، فكرة سخيفة ولا تاريخية.فما معنى أن يتأسس حزب جديد من قبيل حزب الأصالة والمعاصرة ليلعب هذا الدورفي رقعة سياسية يقارب عدد الأحزاب فيها أربعين حزبا.
إن موقع حزب الأصالة والمعاصرة في المشهد السياسي لا يتأسس بعدد المقاعد المحصل عليها، بل بالرهان أولا وأخيرا، على تمثيلية هذه المقاعد في المجتمع، وعلى ارتباط أصحابها بالمشروع نفسه في أبعاده السياسية، والثقافية، والمجتمعية.
وعليه، ينبغي التأكيد في هذا المقام بأن المشروعية الانتخابية ينبغي أن تكون ترجمة عملية للمشروعية السياسية والتنظيمية. وإلا ما الهدف أصلا من بناء التنظيمات والقطاعات الموازية،وما الهدف من الاجتهاد في بلورة مرجعية سياسية تحدد هوية الحزب ووظائفه؟.
وهذا بالضبط ما أعلنته الوثيقة السياسية التي صادق عليها المؤتمر الوطني الأخير بالتنصيص على أن الحزب يضع ضمن توجهاته « تجديد دور النخب الوطنية والمحلية وإعادة الاعتبار للالتزام السياسي باعتباره فعلا وطنيا مسؤولا.. « ..وأن « الحزب ولد من رحم حاجة المجال السياسي لمراجعة وظيفة التركيبة الحزبية القائمة…والحاجة إلى إعادة مد وتقوية جسور الثقة والشراكة السياسية بينه وبين المواطن المغربي، وتحفيزه على الانخراط الواعي والمشاركة بفاعلية أقوى في الشأن السياسي. »
وهذه المهام تسائل اليوم المشروع السياسي من بوابة التمييز بين سؤال المشروعية الانتخابية، وسؤال المشروعية السياسية. وحسبنا أن رهانات التحديث السياسي بأبعاده المؤسساتية والدستورية والاجتماعية والثقافية لا تنفصل عن طبيعة العروض الحزبية المقدمة في المشهد السياسي. ولن يكون مقبولا أن يتم تقويض مقومات المشروع السياسي على حساب البرغماتية السياسة القاتلة التي ساهمت في اغتيال مشاريع سياسية كبرى في مراحل تاريخية سابقة.
3.ترسيخ مشروع الفكرة
واليوم، وحيث إن حزبنا أضاع جهدا بالغا، واستنزف طاقات كبيرة في معارك زائفة بعيدة عن تطلعات وانتظارات الشعب المغربي،وعن المهام الفعلية التي تنتظره في قلب المجتمع، فإننا نعتبر بأن المرحلة تقتضي استحضار حجم الرهانات المعقودة على حزبنا ليلعب أدواره في المرحلة الراهنة، ليس كمعادلة انتخابية فقط- ونحن على مشارف استحقاقات 2021- بل كمشروع سياسي ومجتمعي أعلن انتصاره للمشروع الحداثي الديمقراطي بما يعنيه من رهانات ومعارك متجددة تنطلق على المستوى الداخلي من متطلبات
أولا،التعبئة الجماعية ، لتجاوز حالة الانحسار التنظيمي من منطلق أن الحزب أكبر من الأفراد، مع ما يفترضه ذلك من ضرورة الالتزام الصارم والدفاع المبدئي عن شرعية ووظائف المؤسسات الحزبية،بعيدا عن منطق الوصاية، أو المصادرة العملية لاستعادة روح المبادرة الفاعلة لمشروعنا السياسي.
ثانيا، الانتصار للخيار الديمقراطي ، ثقافة وممارسة، باحترام القوانين التنظيمية للحزب واختيارات عموم المناضلات والمناضلين، وهي الاختيارات التي ينبغي أن تقوم على مبدأ المسؤولية والمحاسبة وفق الضوابط التنظيمية وداخل القنوات والأجهزة الحزبية الموكول لها وحدها اتخاذ المقررات ورسم الاستراتيجيات الحزبية.مع ضرورة توطيد الشرعيته التنظيمية و السياسية والانتخابية للحزب بالاعتماد على قواعد الديمقراطية الداخلية،وأسس الاستحقاق السياسي.
ثالثا، تمكين خط » الديمقراطية الاجتماعية » من مضامين سياسية، واقتصادية، وثقافية، وحقوقية،وبيئية واضحة يستجيب لمجمل المتغيرات الحاصلة في المشهد الوطني، وتقديم البدائل بشأنها.
وعلى المستوى السياسي،
1.-تحصين المكتسبات الديمقراطية ودعم خيارات التحديث السياسي والمؤسساتي والثقافي والحقوقي.
2-الدفاع عن مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية، والتشبث بالثوابت الوطنية الجامعة، ومقومات الهوية المغربية المتعددة المكونات والروافد، والانفتاح عن القيم الإنسانية الكونية المتلاقحة مع مقومات الشخصية المغربية.
3-مواجهة المد الأصولي الرجعي بمختلف مشاربه وتعبيراته،والمساهمة الفعلية في تغليب موازين القوى المجتمعية لفائدة المشروع الحداثي.
4-الانخراط في رهانات التنمية بكل متطلباتها بما يضمن ترسيخ مقومات الدولة الاجتماعية والعدالة المجالية.
5.تمتين العلاقة بالمجتمع المدني بمختلف تعبيراته لترسيخ قواعد الحوار والوساطة الفاعلة خدمة للمشروع التحديثي لبلادنا(قضايا المرأة-حقوق الانسان-قضايا الشباب- الفئات الاجتماعية في وضعية هشاشة- ذوو الاحتياجات الخاصة….).
إن هذه القضايا، ،وأخرى، تطرح علينا رهانات تاريخية في المرحلة الراهنة تمر بالضرورة عبراستعادة روح المبادرة الفاعلة لمشروعنا السياسي وهزم الانتظارية كما جاء في وثيقة الانبعاث،وإطلاق نقاش سياسي حقيقي يستجيب للتطورات الحاصلة في المشهد السياسي ببلادنا، بما يسمح من تقييم موضوعي لتجربتنا ، وبما يضمن لحزبنا إعادة تأهيل أدواره ووظائفه السياسية في المرحلة الراهنة والمستقبلية كأداة قادرة على الاضطلاع بمهام الوساطة السياسية الفعالة.
عبد المطلب أعميار
عضو المكتب الفيدرالي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.