يقضي الرئيس الجزائري المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة أيامه في شبه عزلة، منذ أن أُجبر على ترك الحكم، في بداية أبريل الماضي، بفعل الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي خرجت ضده وضد الرموز الحاكمة للجزائر. وذكرت صحيفة «الشرق الأوسط«، الجمعة 27 يوليوز 2019، تفاصيل عن شكل الحياة التي يقضيها بوتفليقة حالياً في مقر إقامته بالعاصمة الجزائية، حيث يُكمل بقية أيام حياته بعيداً عن صخب الإعلام وأصوات المحتجين، الذين لا يزالون يصرون على محاكمة رموز نظامه. وقالت الصحيفة نقلاً عن مصادرها، إن بوتفليقة يعيش في إقامة فسيحة، تقع في حي الأبيار الراقي بالعاصمة الجزائر، حيث يقضي الرئيس السابق، الذي يبلغ من العمر 82 عاماً، أيامه محاطاً بإخوة ثلاثة أصغر منه؛ وهم: سيدتان ورجل. كما أن له شقيقاً آخر يعيش بفرنسا، أما الأصغر السعيد، فيقبع في السجن العسكري منذ نحو 3 أشهر. ونقلت الصحيفة عن عضو في الطاقم الطبي، المشرف على تدليك بوتفليقة يومياً، إنه «يقضي معظم وقته بحديقة الفيلا المحاطة بأسوار شاهقة»، لا تتيح رؤية ما بداخلها». أما الجيران الذين يسكنون بالقرب من بوتفليقة، فغالبيتهم دبلوماسيون أجانب، قصدوا المكان لما يوفره من أمن وسكينة. لا يلتقي أحداً وفي الجهة المقابلة لفيلا «الحاجة منصورية» (اسم والدة بوتفليقة الراحلة)، توجد شقة الرئيس السابق، وهو سكن شخصي ملك لبوتفليقة منذ سنين طويلة، يوجد في عمارة من 3 طوابق، وجيرانه أناس عاديون. ويوجد في مدخل المكان سيارتان رباعيتا الدفع تابعتان للأمن الرئاسي، لم تبرحاه منذ وصول بوتفليقة إلى الحكم عام 1999، وفقاً للصحيفة. وتحدث عضو الطاقم الطبي التابع لعيادة خاصة، عن مشاهدته لبوتفليقة وهو يرتدي «جلابة» مغربية، ويضع على رأسه قبعة تقليدية محلية، ويتنقل على كرسيه المتحرك بصعوبة، بين أرجاء الحديقة والمسبح وسط البيت. ولا يتلقّى بوتفليقة زيارة من أحد، ما عدا أفراد العائلة، وبوجه خاص شقيقه عبدالرحيم، الذي استقال مؤخراً من منصبه أميناً عاماً لوزارة التكوين المهني، حيث قضى تقريباً كل مساره المهني. مرارة بوتفليقة على شقيقه ونقلت «الشرق الأوسط» عن مقربين من العائلة تحدثت إليهم، قولهم إن «بوتفليقة يشعر بمرارة شديدة، بسبب سجن شقيقه ومستشاره الخاص سابقاً السعيد. وقد حاول أقارب إقناعه بطلب مقابلة قائد الجيش الجنرال قايد صالح، أو مراسلته لمناشدته الإفراج عنه». غير أن بوتفليقة رفض، ونُقل عنه قوله: «الأسلوب المتبع ضدي في إجباري على الاستقالة (صالح جمع له كل القادة العسكريين وطالبه بالتنحي وهو ما تم في اليوم نفسه)، يؤكد أنني أنا شخصياً وعائلتي في عين الإعصار. ولهذا لا جدوى من أي خطوة لفك أسر السعيد»، الذي يتهمه الجيش ب «التآمر على سلطة الدولة وعلى الجيش» . وتقوم على الشؤون الخاصة لبوتفليقة شقيقته زهور، وهي أمينة سره وأقرب الناس إليه بعد السعيد، وفقاً ل «الشرق الأوسط»، التي أضافت أن زهور كانت هي أيضاً صاحبة نفوذ في الدولة. وتسيّر زهور فريقاً من العاملين داخل الفيلا، مهمتهم الطبخ وتنظيف البيت والسهر على راحة الرئيس السابق. والفريق نفسه يحضّر مرتين في الأسبوع وجبة دسمة للسعيد بوتفليقة، لنقلها إليه في سجن البليدة العسكري (جنوب العاصمة). ويبدي بوتفليقة، بحسب مصادر قريبة منه، اهتماماً بالغاً بتطورات قضية شقيقه، ويطلب من عبدالرحيم أن يوافيه بكل تفاصيل الإجراءات المتبعة من طرف المحامين، وكان آخرها طلب الإفراج المؤقت عنه، الذي رفضته غرفة الاتهام بمحكمة الاستئناف العسكرية. وحسبما نُقل عن أشقائه، فإن بوتفليقة لا يتابع أخبار البلاد وما يجري في العالم إلا نادراً، كما لا يُبدي اهتماماً بتطورات الحراك «الذي هوى به من سابع سماء إلى شخص عادي»، وفقاً ل «الشرق الأوسط» . وأشارت الصحيفة أيضاً إلى أنه سُمع مرة وهو يقول لشقيقته زهور: «لا أفهم سر كل هذا التحامل عليَّ. لقد تسلمت الحكم والبلد على كف عفريت. الإرهاب يقتل، والناس خائفون على مستقبلهم، والاقتصاد منهار… ربما خدعني مَن وضعت فيهم ثقتي بأن ولّيتهم مناصب مسؤولية كبيرة، وهم ليسوا أهلا لثقتي».