تصدرت صورة طفلتين عالقتين بين ركام مبنى استهدفته الغارات في شمال غرب سوريا، وهما تحاولان إنقاذ شقيقتهما الصغرى من السقوط من طابق مرتفع، مواقع التواصل الاجتماعي في اليومين الأخيرين. وبينما توفيت إحداهن إثر سقوطها، تصارع شقيقتاها من أجل البقاء على قيد الحياة. وتعرضت مدينة أريحا الواقعة في ريف إدلب الجنوبي، والتي تتحدر منها الشقيقات داليا العبدالله (8 سنوات) وريهام (5 سنوات) وتقى (7 أشهر) لضربات جوية شنّتها قوات النظام الأربعاء واستهدفت المبنى السكني حيث تقطن عائلتهن، في إطار التصعيد الذي تتعرض له المنطقة منذ ثلاثة أشهر تقريباً. والتقط مصور يدعى بشار الشيخ ويعمل لدى موقع اخباري محلي صورة للفتيات وهن بين ركام مبنى تصدّع من دون أن ينهار كلياً. وتبدو الشقيقتان الكبيرتان في الصورة عالقتين كلياً تحت الحجارة، وتُمسك إحداهما وهي ريهام شقيقتها تقى من قميصها الممزق للحؤول دون سقوطها. ويقف قربهن رجل يبدو كأنه يصرخ من هول المشهد، عاجزا عن التقدم إليهن فوق الركام لإنقاذهن. ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقّق من هوية الرجل، الذي قال ناشطون إنه والدهن، بينما قال متطوع من مجموعة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل) إنه أحد الجيران. ونُقل أفراد العائلة المؤلفة من ست فتيات إلى المستشفيات للعلاج إثر الغارات الأربعاء. وتوفيت الوالدة وابنتها ريهام بعد وقت قصير متأثرتين بإصابتيهما، كما توفيت الجمعة الطفلة روان (ثلاث سنوات)، وفق ما أفاد طبيب معالج في مستشفى إدلب. وقال الدكتور اسماعيل، متحفظاً عن ذكر اسمه الكامل، لفرانس برس إن تقى تعاني "من رضوض في الرأس وتمّ وضعها على جهاز التنفس الاصطناعي لمدة 24 ساعة وهي حالياً في قسم العناية المشددة ووضعها مستقر إن شاء الله". وأوضح أن داليا في "حال صحية مستقرة" بعد اجراء عملية جراحية جراء إصابتها في صدرها مع كسور في الفك. وقال توفيق قطان، وهو بين متطوعي الخوذ البيضاء لفرانس برس، إنّه كان في عداد المسعفين الذين وصلوا إلى المكان إثر الغارة لإسعاف أفراد العائلة. ولفت إلى أنه نقل إحدى الطفلات وتدعى إيمان إلى نقطة طبية قريبة. وقال "فوجئت بعد عودتي بسقوط الطفلتين" اللتين أسعفتا الى المستشفى. وتتعرض محافظة إدلب ومناطق مجاورة، حيث يعيش نحو ثلاثة ملايين نسمة، لقصف شبه يومي تنفذه طائرات سورية وأخرى روسية منذ نهاية أبريل، لا يستثني المستشفيات والمدارس والأسواق، ويترافق مع معارك تتركز في ريف حماة الشمالي. وتسبب القصف بمقتل أكثر من 740 مدنياً خلال ثلاثة أشهر تقريباً، بينهم أكثر من 180 طفلاً، وفق المرصد. وأفادت منظمة إنقاذ الطفولة "سايف ذي تشيلدرن" في بيان الخميس إن عدد الأطفال الذين قتلوا في إدلب خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة يتخطى حصيلة القتلى الأطفال في المنطقة ذاتها خلال العام 2018. وقالت مديرة العمليات في المنظمة غير الحكومية في سوريا سونيا خوش وفق البيان "الوضع الحالي في إدلب بمثابة كابوس" مضيفة "من الواضح مرة جديدة أن الأطفال يُقتلون ويصابون بجروح جراء هجمات عشوائية".