قاربت ندوة علمية نظمتها حركة ضمير، اليوم الخميس بالرباط، موضوع الحريات الفردية بين التحولات المجتمعية والمرجعية الدينية، قصد تلمس السبل الكفيلة برصد التحولات السلوكية والقيمية من زاوية نظر دينية. وتروم الندوة التي تنظم على مدى يومين، بشراكة مع مؤسسة فريدريش ناومان للحرية في المغرب، التثبت من مدى استجابة الترسانة القانونية راهنا للتطورات التي تسم مجال الحقوق والحريات، على اعتبار حتمية التطور المتواصل للمجتمعات، سعيا وارء الترقي الاجتماعي المادي والروحي. وفي كلمة بالمناسبة، قال رئيس حركة ضمير، صلاح الوديع، إن الحركة دأبت منذ تأسيسها قبل ست سنوات، على الخوض في عدد من القضايا المجتمعية الكبرى التي أصبحت تطرح نفسها باطراد وتستأثر باهتمام المواطنين والمتتبعين والدارسين، مضيفا أن الأمر يتعلق بمواضيع تهم « الدين والحرية » و »الدين والقانون » و »الدين والمرأة ». وبعدما أكد أن ندوة اليوم تنكب على دراسة التحولات السلوكية القيمية المتصلة بالحريات الفردية، « بعيدا عن كل تنميط أو أحكام قيمة »، أشار إلى مشاركة لفيف من الباحثين والمختصين ينتمون لمشارب شتى، « قصد مقاربة موضوع الحريات الفردية من زوايا تجارب الرأي »، لافتا إلى أن المجتمعات الراهنة عرفت تحولات عميقة على مستوى السلوك والقيم، نشدانا للحرية. واعتبر السيد الوديع أن التمكين للحريات يفضي، حال تحققها، إلى « انبثاق مواطن ذي سلوك يساعد على بناء المجتمع الديمقراطي »، داعيا إلى « الترجمة الفعلية لحريات من قبيل حرية الضمير والمعتقد والحق في الحياة ومحاربة الاستعباد، والحق في المشاركة في التجمعات السلمية ». أما رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيدة أمينة بوعياش، فاعتبرت في كلمة مماثلة، ندوة اليوم ذات راهنية على اعتبار مايثيره الموضوع من إشكاليات تتم مقاربتها من زوايا متعددة. وبعدما أكدت أن الدينامية التي تسم الحقوق والحريات يتوجب أن تدرس بشكل دقيق من طرف باحثين وفاعلين لحسن إدراكها، سجلت أن الدين في جوهره ومبادئه، « يمكن أن يكرس الوضع القائم، كما بإمكانه الإسهام في تجسيد مثل الحرية والمساواة ». وأضاف « يمكن أن يفضي الدين لحروب أهلية، كما يمكن أن يبشر بحركة سياسية ذات بعد إنساني تنشد السلم والسلام، أو توقد نارا تشكل مصدرا لإضاءات متميزة »، مستشهدة بإصدار هيئة الإنصاف والمصالحة توصية لتعزيز الحماية القانونية للحقوق والحريات، جرى تضمينها بدستور 2011، لاسيما ما ينص عليه الفصل 25. وفي صعيد ذي صلة، سجلت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن الممارسة الفعلية للحقوق والحريات لا تزال تطرح العديد من التحديات التشريعية في قضايا جوهرية، مشددة على ضرورة ملاءمة النظم والتشريعات مع مجال الحقوق والحريات الذي » يتسع باستمرار ». وبعدما أشارت إلى أن نقاشات الندوة ستدعم مقاربة الفاعل العمومي من خلال الانتباه إلى الحريات الفردية من مرتكز التحولات المجتمعية، أشارت إلى أن التعايش بين الأديان، شكل سمة مميزة للإنسان المغربي، مشيدة بدور المؤسسات الدينية الفاعلة في الحقل الديني التي أسهمت في إنتاج تغييرات همت مدونة الأسرة والحسم في النقاش السائد في قضايا مجتمعية ذات مسحة دينية. أما مدير مؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية، فرع المغرب، أولاف كيليرهوف، فاعتبر في كلمة بالمناسبة أن الحرية نظير الاختيار، مشيدا بالشراكة التي تصل هيئته بحركة ضمير. وتتناول الندوة تيمات تتعلق أساسا ب « الإسلام والحريات الفردية..مقدمات أساسية »، و »حقوق الفرد بين سلطة الفهم الديني ومقتضيات الواقع ».