أكدت أحزاب جزائرية أن أي تفاوض مع السلطة يجب أن يكون حول رحيلها وأن بقاء الرئيس المؤقت هو ظلم وخيانة للشعب الجزائري. فقد جدد حزب جبهة القوى الاشتراكية، أمس الأحد، رفضه للمشاركة في «الحوار المزيف» المقترح الذي يسيطر عليه النظام، بحسب ما تضمنه بيان للحزب. وقال الحزب إنه لم يفاجأ بالخطاب الأخير لرئيس الدولة اللاشرعي وتمسكه بالتوجهات الاستراتيجية للسلطة الحقيقية التي يجسدها قائد أركان الجيش، ويذكرنا بالتمسك العنيد للسلطة الحقيقية بالمسار الدستوري، الذي تجاوزه الزمن والأحداث، وانتقده الشعب الجزائري ورفضه مرارًا وتكرارًا. كما أكد أن تمسك النظام بالحوار لن يقنع سوى أولئك الذين سارعوا إلى المباركة أو الإيمان بعرض حوار مقدم من سلطة استبدادية، في إشارة إلى الأحزاب التي كانت تمثل الموالاة لنظام بوتفليقة، في حين يرى الحزب أنه سيشجع الشعب الجزائري على مواصلة نضاله السلمي حتى الرحيل النهائي للنظام الاستبدادي ورموزه غير الشرعية وزوال كل اتباعه. وقال الحزب إن السلطة مذهولة من التصميم القوي للشعب الجزائري وتعبئته السلمية المستمرة والموحدة، تريد فرض الوضع الراهن أو تعفن الأوضاع، أمام فشلها في إجبار الجزائريات والجزائريين على قبول انقلاب انتخابي آخر. كما وجه نداء إلى قيادة أركان الجيش، معتبراً أنها السلطة الحقيقية لتحمل مسؤولياتها التاريخية في مواجهة أي انزلاق يمكن أن يعرض وحدة الشعب واستقرار البلاد للخطر. كما تطرق الحزب إلى شروعه في إجراء اتصالات لتنظيم مؤتمر وطني للحوار والتشاور لتحقيق اتفاق سياسي توافقي يلبي تطلعات الشعب، مؤكداً في هذا السياق أنه شرع في إجراء مشاورات مع أحزاب المعارضة والمنظمات المهنية والجمعيات لجمع المقترحات السياسية التي تصب في التوجه نفسه. بدوره، عارض رئيس جبهة العدالة والتنمية، عبد الله جاب الله، بقاء عبد القادر بن صالح في منصبه لما بعد التاسع من يوليوز، وقال إنه ليس أمام رئيس الدولة إلا مغادرة المنصب، وليس أمام المؤسسة العسكرية إلا واجب مساعدة بن صالح على المغادرة والعمل على تحقيق مطالب الشعب بتسليم السلطة إلى شخصيات مدنية يحترمها الشعب، وتكون أهلًا للتحضير الجيد للعودة إلى المسار الانتخابي بالصورة التي سبق شرحها في أكثر من رسالة سابقة. وقال جاب الله، في مساهمة مطولة تحت عنوان «الشعب والدستور يرفضان استمرار بن صالح في منصبه»، نشرها حزبه على «فيسبوك»، إن رئيس الدولة غير الشرعي ارتكز في قرار استمراره في المنصب على فتوى المجلس الدستوري دون نظر لحاله هل هو رئيس دولة شرعيّ؟ وهل الشعب ساكت عنه أم رافض له؟ ودون التفات إلى الأساس الذي بنى عليه المجلس الدستوريّ فتواه بالزعم أنّ الدستور يقرّر أنّ المهمّة الأساسيّة لمن يتولّى وظيفة رئيس الدولة هي تنظيم انتخابات رئيس الجمهورية. واعتبر أن هذا قرار باطل من عدة جوانب، أهمها أنه رئيس مرفوض شعبيًا، والواجب الدستوري والأخلاقي يقتضي أن يستجيب لذلك، فيترك السلطة ويغادرها، بالإضافة إلى أنه تولى منصبه عملًا بالمادة 102، وقد «بيّنا مراراً أن المادة 102 لا علاقة لها بالوضع الذي تعيشه البلاد، فالعمل بها ظلم للشعب وعدوان على سيادته وسلطاته المقررة في المواد 7 و8 و12، والتفاف على مطالبه التي رفعها في مسيراته المليونية منذ 22 فبراير 2019. كما نبه جاب الله إلى فشل بن صالح في تنظيم حوار ورفض قوى الأمة في الأحزاب والمنظمات وغيرها التجاوب معه، وكذلك في تنظيم انتخابات 4 يوليوز، متسائلًا: «فكيف يصر على الاستمرار في السلطة مع هذه الحال وهذا الرفض من الشعب له؟! وهل من مصلحة الشعب والوطن الإصرار على الخطأ وتكرار الفشل؟». كما اعتبر سفيان جيلالي، رئيس حزب «جيل جديد»، أن أي تفاوض مع السلطة يجب أن يكون حول مساعدتها على الرحيل وليس من أجل البقاء. وقال جيلالي، في بيان نشره على الصفحة الرسمية للحزب، إن رئيس الدولة أكد النية في تنظيم حوار مع الطبقة السياسية، من دون الإشارة إلى وسائل وكيفيات تحقيق ذلك، أما رد الجزائريين في الجمعة ال16 فإنه كان واضحاً رفضهم لأي محاولة للالتفاف على مطالب الحراك. وأضاف: «لقد انكسر كأس الثقة بعد عقود من الكذب، وظهر جلياً الآن أنّه لم يعد للنظام سوى مخرج واحد- تسليم السلطة للشعب». وفي مقابل مطالبته السلطة ب»تقديم ضمانات حسن النية»، قال جيلالي إن التساؤل السياسي الحالي يكمن في كيفية تحقيق الانتقال إلى النظام السياسي الجديد، دون تفاقم العواقب الوخيمة للتسيير الكارثي للنظام السابق. وخلص جيلالي إلى أنّ عملية التغيير تبدأ بلجنة تتكون ممن يشهد لهم بالنزاهة والوطنية، تكون مقبولة لدى الجميع، وبتفويض شامل لإقامة اتصالات مع الشركاء السياسيين للاتفاق على المحطة الأخيرة من الحوار، وضبط جدول أعمال يحتوي على الإفراج عن السجناء السياسيين وسجناء الرأي وتعديل حكومي توافقي متكون من كفاءات محايدة مع رحيل جميع الأعضاء السابقين في حكومات بوتفليقة، والاتفاق على طبيعة صلاحيات وتشكيلة اللجنة المكلفة بتنظيم الانتخابات، وتحديد موعد الرئاسيات المقبلة.