تطبيق العقوبات السالبة لحرية الصحافة، وتزايدها الملحوظ في الأيام الأخيرة « كارثة حقوقية »، هكذا عبر عنها خبراء في القانون والإعلام، في نقاش، يوم أمس الأربعاء، حول « دور وسائل الإعلام في ترسيخ الحوار الديمقراطي »، برحاب كلية الحقوق بالمحمدية، في فرصة لتكريم روح الراحل « عبد الإله فنجيرو »، المدير العام الأول لوكالة المغرب العربي للأنباء. واعتبر المحلل السياسي، عمر الشرقاوي، أن الصحافي وظيفته في الأصل « نشر كل ما وقعت عليه يده، وتقييد هذه الوظيفة يتنافى ومهنة الصحافة »، مضيفا: » هناك فعلا تخوف من الإعلامي، لكن هذا لا يثبت أن الإعلامي نموذجي، بل هناك أعطاب قاتلة، وهناك نوع من الإعلام يحول الجاني إلى ضحية والضحية إلى جاني، لكن هذا لا يعني الضرب بالقانون ومقتضيات الواقع، فوظيفة القانون الجوهرية رفع الواقع من الأعطاب لا شرعنة ما هو موجود في الواقع ». وقال المحلل السياسي، إن الحديث عن الإعلام باعتباره إعلام مخزني هو « من باب السماء فوقنا »، لأن « الإعلام لطالما كان وسيلة السلطة، والدراع الذي تحركه لفرض شرعيتها، وسحب الشرعية عن الآخرين ». واعتبر الشرقاوي، أن التحكم في المجال الإعلامي مع الثورة الرقمية محاولة للإمساك والتحكم بمادة لزجة، كالماء لا يمكن حصره حيث يجد منافذ أخرى، قائلا « إنه لا وجود لقوة يمكن أن تحد من حرية الإعلام بالكامل، على الرغم من فرض بعض القيود، لأن الإعلام دائما يجد منافذ »، مضيفا » المهم أن يكون هذا الإعلام قادرا على بناء الدولة الديمقراطية، التي تنعم بالتعددية في الرأي والأفكار والرؤى والمفاهيم وليس الإعلام الذي يُشَرعِن وجهة نظر واحدة ». وأكد أستاذ علم التواصل السياسي، سعيد خمري، أن الديمقراطية مسار متماسك ينبني بتعدد الفاعلين وتداخلهم من صناع القرار ووسائل الإعلام والمجتمع المدني والأفراد، مضيفا على أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، قد ضمن حقا حرية الرأي والتعبير مع بعض القيود، لكن هذه القيود لا ينبغي أن تكون تعسفية تحد من هذه الحرية. وبتوضيح لدور الإعلام العمومي في ترسيخ الحوار الديمقراطي، قال الدكتور أحمد بوز، « لم يبتعد الإعلام العمومي كثيرا عن تبليغ رسائل السلطة العمومية، كما يطرح إشكالية عدم استقلالية التحرير »، وهو ما يفرض على هذا النوع من الإعلام أن يملك القدرة للتعبير عن الاتجاهات والتيارات المختلفة داخل المجتمع، ويعكس النقاش المطروح على الساحة، كذلك يجب أن يكون هاجسه تقديم خدمة عمومية تثقيفية توعوية، وتقديم مضامين دقيقة ومتوازنة حول الأنظمة السياسية والاقتصادية؛ كما يجب أن يتوفر في الإعلام العمومي ضوابط مهنية وقواعد أخلاقيات المهنة واستقلالية تمويله، بأن تكون ميزانيته جزءا من الميزانية التي يصوت عليها البرلمان وليس مجرد منح. واعترف الخبراء، أن المشهد الإعلامي الوطني لم يرقى بعد إلى مستوى ترسيخ الحوار الديمقراطي، بوجود مكامن خلل وصعوبات، قد يرتبط بعضها بترسيخ الديمقراطية نفسها كمبدأ وشكل لإدارة الشعب لأموره، إضافة إلى إكراهات يعيشها الممارسون، وأخرى مرتبطة بحرية المهنة وعلاقة الإعلام بالدولة.