لا شك أن المغاربة كلهم سيقفون لحظة تأمل في ذكرى وفاة الملك الراحل الحسن الثاني التي تصادف 23 يوليوز من كل سنة، حيث يخلد الشعب المغربي الذكرى في أجواء من الحزن على ملك طبع ببصماته التحولات الكبرى التي عرفتها المملكة خلال النصف الثاني من القرن العشرين. مسيرة طبعتها الكثير من الأحداث والتحولات سواء على مستوى السياسة الداخلية للبلاد وما أفرزته من بروز تيارات مناهضة قامت في العديد من المرات بمحاولات الانقلاب على الملكية انتهت كلها بالفشل، أو على المستوى الخارجي، خصوصا ما تعلق استقرار المغرب وتوحيد وحدته الترابية، مرورا بأبرز وأقوى خطاباته عبر التاريخ. جنازة الملك الراحل الحسن الثاني خطاب المسيرة الخضراء « …علينا أن نقوم بمسيرة خضراء من شمال المغرب إلى جنوبه، ومن شرق المغرب إلى غربه، علينا شعبي العزيز أن نقوم كرجل واحد بنظام وانتظام لنلتحق بالصحراء لنحيي الرحم مع إخواننا في الصحراء… ». 16 أكتوبر 1975 سنة يتذكرها الكثير ممن عاصروا عهد الملك الراحل الحسن الثاني، فهذا التاريخ يمثل للمغاربة ذكرى عظيمة حيث فاجأهم الملك الراحل بتنظيم مسيرة خضراء نحو الأقاليم الجنوبية للمملكة. و أعلنت محكمة « لاهاي » عن رأيها وقدمت الأممالمتحدة تقريرها في موضوع الصحراء سنة 1975، وأقرت أن الأرض ستعود لمن يحوزها بمجرد أن يغادرها الجنود الإسبان، لكن بعد سويعات من ظهور قرار المحكمة كشف الملك الراحل الحسن الثاني للعالم عن قراره الرامي إلى تنظيم المسيرة الخضراء، حيث فاجأ الجميع بما في ذلك مخابرات الدول العظمى، إذ أن هذا المشروع كان يراود الحسن الثاني منذ غشت 1975. وخصصت الأسبوعية الدولية (جون أفريك) في أحد أعدادها عمود « زاوية كبرى » ، لذكرى المسيرة الخضراء، مذكرة بأن ألاف المغاربة اجتازوا في 6 نونبر 1975 حدود الصحراء، من اجل تسريع استرجاع هذا الإقليم إلى حظيرة المملكة. وكتبت الأسبوعية انه قبل أربعين سنة تحدى 350 ألف متطوع جيش فرانكو في منطقة « الطاح »، سلاحهم الوحيد في ذلك ،العلم الوطني والقرآن، معرجة على السياق الذي نظمت فيه المسيرة الخضراء. مقتطف من خطاب مسؤولية الدولة في تشغيل الشباب « منذ سنة 1998 إلى يومنا هذا تمكنا من أن نشغل 11 ألفا من متخرجي التكوين المهني، و8800 من الذين لهم شهادة في مستوى الإجازة، و2000 فقط من الدكاترة أو المهندسين ذوي المستوى العالي، وهكذا نصل إلى 21800 في سنة واحدة لم نكن مهيّئين تمام لاستيعابها، ولكن الله سبحانه وتعالى أيدنا بقوته فأعطانا المخيلة اللازمة والإقدام اللازم لإدراك هذا الهدف » يقول الحسن الثاني الذي أعلن أيضا: « في إطار تشغيل الشباب هناك آمال كبيرة مفتوحة أمامنا، ولكن المغاربة سواسية عندي وسواسية أمام القانون فيما يخص حقوقهم، فلا يمكن لي شخصيا وللدولة المغربية أن تنكب فقط على ملف الشباب الحامل للشهادات، فالتشغيل هو واجب على الدولة بالنسبة لكل واحد. وهو حق من الحقوق الدستورية لكل واحد من المغاربة ذكرا كان أم أنثى.. ». غضب الحسن الثاني على الفلسطينيين بعدما زار الوزير الأول الاسرائيلي « شمعون بيريز » المغرب ، والخطاب الذي ألقاه زعيم البوليساريو، محمد عبد العزيز المراكشي، في فلسطين على خلفية هذه الزيارة، قال الملك الحسن الثاني للمغاربة حينها: « أقول ولا أريد التهديد،لكن أنا ضمير المغاربة، إذا قام فلسطيني وبقي مغربي جالس، فإنه انتقاما لروح شهدائنا الذين مُثلوا بالصهاينة، غادي نلطخ باب دارو كيفما كانو الناس كيديرو بداك الشي اللي ما كيتسماش. » خطاب يونيو 1981 « قمة منظمة الوحدة الإفريقية » في شهر يونيو 1981، كما كتب إدريس ولد القابلة في الحوار المتمدن، ألقى الحسن الثاني خطابا أمام قمة منظمة الوحدة الإفريقية المنعقد في نيروبي، وأعلن قبوله تنظيم استفتاء في الصحراء لتقرير المصير، دون ربطه بأي شرط دستوري أو سياسي، وجاءت هذه المبادرة دون أن تجري حولها أي استشارة وطنية أو شعبية. وفي الاجتماع الثاني لمنظمة الوحدة الإفريقية الذي انعقد في شهر غشت من نفس السنة، قدمت لجنة الحكماء توصية بإقامة هيئة المتابعة، وهي تنظيم نيابي يسهر على إعداد الاستفتاء. وعملت الحكومة الجزائرية على الدفع نحو تجميد الإدارة المغربية في الصحراء وجلاء القوات المسلحة الملكية عنها، ودعت إلى تنسيق مسبق بين المغرب وانفصاليي البوليساريو لإعداد الاستفتاء، بل طلبت من الأممالمتحدة إرسال جيش أممي يحل محل القوات المسلحة الملكية لحفظ السلام في المنطقة. خطاب « الأوباش » ويعتبر من أشهر خطابات الملك الراحل الحسن الثاني ألقاه في يناير 1984، عقب المظاهرات التي عرفها المغرب خصوصا في مدن الشمال و مراكش. في »خطاب الأوباش » هذا، وجه الملك الراحل كلامه، بالدارجة و بلكنته المعروفة، إلى المتظاهرين متوعدا إياهم بأقصى العقوبة، وهدد كل من اتهمهم بنشر الفوضى في البلاد. « الأوباش اللي عايشين بالتهريب والسرقة »… « رجعتوا دراري »… « غا نخلي دار باباهم »… » الناس ديال الشمال راه عرفوا ولي العهد و أحسن ما يعرفوش الحسن الثاني… عليهم أن يعرفوا الحسن الثاني الذي ألفوه، أما أنا فأعرف أنهم لا يعرفونني بكيفية عامة « … هذا بعض ما جاء في الخطاب وبرر ما حدث بالريف ومناطق أخرى بالمؤامرة الخارجية حين قال: » لما كنت سنة 1981 على أهبة السفر إلى نيروبي وقعت أحداث الدارالبيضاء، فهل سمعتني أقول أنها مؤامرة و مؤامرة متعددة الأطراف ؟ و لكنني اليوم أقول أنها مؤامرة و مؤامرة متعددة الأطراف « خطاب بُعيد انقلاب الصخيرات سنة 1971 قال الملك الراحل الحسن الثاني في هذا الخطاب « شعبي العزيز هجم جماعة من الضباط على قصر الصخيرات… وبينما نتناول الغذاء بين ضيوفنا أجانب ومغاربة » ثم قال « ها أنتم تروني عبر الشاشة » رغم أنه لم يكن يظهر على الشاشة. جاء في هذا الخطاب: « (…) كادت بلادنا في الساعات الأخيرة أن تمر بنكبة من أعمق و أخطر النكبات من حياتها ذلك أن بعض الضباط من القوات المسلحة الملكية ، تحت إمرة الجنرال المذبوح الذي كنت أحسبه من المعينين الأقربين و الذي كان يشغل منصب مدير البلاط العسكري أقول تحت قيادة الجنرال المذبوح هجموا على قصر الصخيرات على الساعة الثانية إلا ربع و نحن إذ ذاك بصدد الغذاء بين ضيوفنا أجانب و مغاربة و ابتدأ إطلاق النار في الساعة الثانية و الربع و انقطع في الساعة الخامسة و النصف، و ذهب ضحية هذا العمل الإجرامي الغث و السمين، و الشاب و الكهل، و العسكري و المدني،و القريب و البعيد، ذلك أن هؤلاء الضباط الذين لا يتجاوز عددهم العشرة، كانوا في نوع من الهستيريا، يطلقون النار على كل من رأوه يمشي أو يجري، و هكذا فقدنا من ضيوفنا الأجانب أساتذة في الطب و أساتذه، و فقدنا فردا من أفراد السلك الدبلوماسي، ألا و هو سفير بلجيكا، كما أنني فقدت من دائرتي الخاصة القريبة، أعز أصدقائي، على رأسهم طبيبي الخاص الدكتور بنيعيش،و الجنيرال الغرباوي، و الجنيرال النميشي، و الكولونيل أبو الحمص، و الكولونيل لوباريس، و الكوماندار السندباد، و الكولونيل المكي، و أمثالهم الآخرين الكثير، و لكن، و يمكرون و يمكر الله، و الله خير الماكرين. و تمكنا من الخروج من هذه الأزمة بكيفية لم تكن تنتظر. ذلك أنهم حين أخرجونا من البيت الذي كنت محاصرا فيه منذ ساعتين و نصف، أخرجونا، و أجلسونا تحت بنادقهم، أجلسونا بجانب كل من بقي بقيد الحياة، و حينما رأوني من بين الناس، و يدي على رأسي، عرفني البعض منهم و طلب مني أن أتبعه، و هو ماسك على بندقيته، فلما اختليت به أدى لي التحية العسكرية و قبل يدي، فقلت له: كيف تؤدي الطاعة و الإخلاص، و تقوم بهذا العمل الإجرامي؟ فقال لي الجندي: « إننا نحن تلامذة مدرسة هرمومو، قيل لنا البارحة بأننا سنقوم بمناورة، و حينما وصلنا قرب الصخيرات على الساعة الثانية عشرة نادوا فينا بأن مؤامرة تحاك ضد جلالة الملك، و بأن القصر مهاجم، و بأن حياتك في خطر فصرنا لئلا تبقى بين أيدي الأعادي وجئنا لنشد أزرك ». « الضباط الأحرار »، و أن جيشها و قواتها و عتادها كل هذا بجانب المشعوذين. و هكذا ترى شعبي العزيز حينما أقول لك، كن يقظا، كن على بينة من أمرك، حتى لا يعبث بك العابثون، لم أكن من الذين يزيدون في الكلام، أو يطنبون في الكلام. و كنا اليوم، أو كنت اليوم شعبي العزيز ستمسي يتيما، ولكن الله سبحانه و تعالى سلم، و كما قلت لكم، و يمكرون و يمكر الله، و الله خير الماكرين. و الله خير حفظا و هو أرحم الراحمين، و سلام على شعبي العزيز، و علينا جميعا، و رحمة الله و بركاته. » انقلاب الصخيرات 1971 كلما اتسعت دوائر التقصي أو نطق أحد الصامتين أو تم العثور على وثيقة أو معلومة جديدة كشف فيها عن تصريح، يتبين من جديد أن خبايا تاريخ المغرب المعاصر مازالت خفية، لم تعرف بعد كاملة. ففي منتصف صيف 1971، كان المغرب الشعبي في أوج غليانه، وكانت قواه الحية التواقة إلى تغيير جذري توحدها فكرة واحدة: تنحية الملكية من المغرب وتعويضها بنظام آخر! آنذاك، وبالضبط يوم 10 يوليوز، بعد إحياء سهرة فنية ضخمة في ليلة التاسع منه، قام بتنشيطها عمالقة الأغنية العربية وقتئذ، استقبل الملك الراحل الحسن الثاني ضيوفه بقصر الصخيرات في أجواء صيفية رائقة، قوامها المرح والمتعة وتقديم صنوف الأكل. احتل المدعوون حدائق القصر، حيث كل شبر من بساطها الأخضر المؤثث بأشجار الميموزا والأوكاليبتوس المستورد من استراليا. أكثر من ألف ضيف، جلهم بزي صيفي خفيف تبعا للتعليمات الواردة في الدعوات التي توصلوا بها، بلسان العرب ولغتي موليير وشكسبير. كل الشخصيات الوازنة، المغربية والأجنبية، المتواجدة آنذاك على التراب الوطني، كانت حاضرة ذلك اليوم بقصر الصخيرات لمشاركة الحسن الثاني احتفالات عيد ميلاده 42. منهم بورقيبة الابن، لوي جوكس، جاك بونوا ميشان، الراقص المشهور وقتئذ جاك جازو، الأستاذان « تورين » و »دوجين »، تاجر المجوهرات ذائع الصيت « شومي »، الدكتور « دوبوا روكبير » وآخرون من رجال السلك الديبلوماسي ورجال الأعمال وغيرهم . وحده الملك الحسن الثاني كان جالسا إلى مائدة الأكل بصدد تذوق « لانكوست » ضخمة اختيرت بعناية كبيرة من طرف أحد اليهود القائمين على تحضير الأطباق الرفيعة ذلك اليوم. كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية و8 دقائق زوالا، حسب أكثر من شاهد عيان.. من قلب أنغام قطعة موسيقية صامتة كانت تعم الأجواء، دوت طلقات الرصاص وانفجارات قنابل يدوية.. توقفت الفرقة الموسيقية عن العزف.. سقط فرنسي وتهاوى سفير بلجيكا على الأرض جثة هامدة… تناثرت القنابل في مختلف أرجاء الفضاءات الخارجية لقصر الصخيرات.. جثث « لي كادي » (مساعدو لاعبي الغولف المكلفين بلوازم اللعبة) منتشرة على البساط الأخضر هنا وهناك.. مئات الضيوف هرعوا مذعورين فوق الرمال الذهبية موَلِّين ظهورهم إلى شاطئ المحيط الأطلسي الذي كان هادئا ذلك اليوم… أكثر من ثلاث ساعات من الفوضى والهمجية أبطالها جنود أغرار، على رأسهم الليوتنان كولونيل امحمد عبابو، الذي طلب من مرافقه الأمين، العملاق عقا تخليصه مما كان ينتظره بإطلاق رصاصة الرحمة عليه بعد إصابته البليغة بالمقر العام للقوات المسلحة… ليسدل الستار على انقلاب الصخيرات. نهاية الانقلاب حسب إدريس ولد القابلة (2008-11-28). « أسوأ أيام الملك الحسن الثاني ». الحوار المتمدن- جاءت بطريقة غريبة، ظل يلفها الكثير من الغموض، حيث أثار ضجيجا كبيرا لكنه لم ينجح في الوصول إلى المستهدف الأول: الملك، وذلك رغم خطة تدبيره في الخفاء من طرف 5 جنرالات، حسب المصادر البريطانية. توقف إطلاق النار بحلول الساعة الخامسة زوالا.. سلم الملك الراحل الحسن الثاني كافة السلط العسكرية والمدنية لرجل ثقته وقتئذ، الجنرال محمد أوفقير. كيف خطط أوفقير لتفجير طائرة الحسن الثاني؟ كان الملك الحسن الثاني في رحلة إلى باريس منذ 26 يوليو. وتوجه إلى فرنسا في باخرته ولم يدخل المياه الإقليمية الإسبانية بل بقي في المياه الدولية حتى الوصول إلى الجنوب الفرنسي ومن هناك إلى مقر إقامته، لأن العلاقات الإسبانية المغربية كانت متوترة نوعا ما على خلفية ملف الصحراء. وكان الملك ينوي قضاء قرابة شهر من العطلة في فرنسا، لكن بعد رحلة استغرقت 3 أسابيع، أخبرته المخابرات الفرنسية بتحركات في الجيش،[3] فقرر العودة مسرعا، وتوقف بإسبانيا في مطار برشلونة برفقة حاشيته على متن طائرة بوينغ 727، وعقد لقاء مع وزير الخارجية لوبيث برافو، وتوجه بعدها إلى طائرته. أقلعت، في المقابل، بعد دخوله الأجواء المغربية، ست طائرات حربية من طراز إف 5 من قاعدة القنيطرة الجوية لتقابل الطائرة الملكية، في الوقت الذي كان فيه الضباط وضباط الصف مجتمعين في النادي. كان سرب الطائرات، يكونه كويرة، من اليوطنانْ زياد واليوطنان بوخالفْ. أما الطائرات الثلاث الأخرى فلم تكن مسلّحة، وكان في نيّة ربابينها أنهم ذاهبون لخفْر الطائرة الملكية. وقد كانوا يتكونون من اليوطنان دحو، والسرجان شاف بن بوبكر، واليوطنان الدكالي، الذي كان في الطائرة نفسها مع القبطان صالح حشاد. بنية مرافقة طائرة الملك حال دخول الأجواء المغربية.[4] ولكن ثلاثا منها اطلقت عند الساعة 10:16 النيران على الطائرة الملكية، بعد أن أمر الكومندار كويرة الطائرات غير المسلحة بالتنحي جانبا، فلما كان له ذلك، ضغط على الزناد لإطلاق النار، ولكن كمْ كانت دهشته عظيمة حين لاحظ أن أية رصاصة لم تنطلق بسبب عطب غير متوقع حصل في مدافعه، فما كان من الملازميْن زياد وبوخالف، هذا الأخير فضّل ألا يخبره بحقيقة المهمة إلا وهو محلّق بطيارته، وهذا ما أغاض بوخالف كثيرا رغم قبوله العرْض تلقائيا في اللحظة الحاسمة. فدخلا في المعمعة وبدءا في إطلاق سيْل غزير من الرصاص أصاب حجرة القيادة، كما شهدت بذلك الثقوب في هيكل البوينغْ، تعطل محركان من المحركات الثلاث فيما تحطم المخزن التحتي وأصيب بدن الطائرة بالتواءات من جراء إطلاق قذائف من عيار 20 ملم. ازدادت دهشة كويرة وهو يرى الطائرة تواصل تحليقها رغم كل ما أصابها، فطلب من صديقيه التنحي ليفسحا له المجال للقيام بعمليته الانتحارية، غير أنه في اللحظة الأخيرة التي اندفع فيها في اتجاه الطائرة الملكية، أقنعه الملازم زياد بالعدول عن نيته بعد أن أخبره أنه لا زال في جعبته ما يكفي من الرصاص لإسقاط الطائرة. فلما حاول تفادي الارتطام المهول، فشل جزئيا في مناورته، حيث خف وزن طائرة إف 5 وغيرت مسارها الفيزيائي لتمر تحت الطائرة الملكية، فتكسر سقف مقاتلته وهو يحتك احتكاكا ببطن البوينغ، مما أرغمه على الضغط في اللحظة الحاسمة على زرّ الانقذاف الأوتوماتيكي بالمظلة، فنزل بعد دقائق بكتف مكسّر في ضواحي سوق الأربعاء حيث ضبطه رجال الدرك هناك، وسلّموه بعد ساعات إلى الملك. أولت الطائرات المحاربة انتباها خاصا لمؤخرة طائرة الملك، على خلفية انه يفضل الجلوس عادة في مؤخرة الطائرة، ولكنه لم يكن هناك هذه المرة، فوجدوا ان الأنظمة «الهيدروليكية» للطائرة قد توقفت. وبمعجزة ما لم يصب أحد على ظهر الطائرة بأذى. عاد بوخالف لمهاجمة الطائرة الملكية لصيب محركها الثاني الذي خرج منه دخان كثيف، وقفز من مقعده هاتفا « أصبتها، أصبتها ». أخذت البوينغ تفقد بعضا من علوها. وتعطلت ثلاثة محركات، مما جعل الطائرة تفقد توازنها وتحلق على ارتفاع منخفض. ابدي قائد الطائرة الملكية الطيار محمد القباج هدوءا مصحوبا بالخداع في إيقاف الهجوم على الطائرة عند هذا الحد، فأوحى إلى مهندس الطيران في الطائرة بالتحدث عبر الراديو إلى المهاجمين، فقال لهم الأخير ان قبطاني الطائرة قد قتلا وان الملك اصيب بجروح خطيرة في مؤخرة عنقه، وأضاف المهندس قائلا «فكروا في زوجتي وأطفالي». فانسحب المهاجمون إلى قاعدتهم في القنيطرة للتسلح مجددا فيما اغتنم قائد الطائرة محمد القباج (أصبح فيما بعد قائدا لسلاح الجو) الفرصة في هذه الأثناء، وبعد 20 دقيقة، على الساعة الثانية والنصف زوالا، هبط بنجاح بطائرة، بالغة الإصابة، وسط سحب من الدخان في مطار الرباط العسكري، فيما أصبحت أي فرصة لتحرك الملك دون اثر ودون شهود مفقودة لمنفذي الانقلاب.[