أكد رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، اليوم الاثنين، أن الحكومة عازمة على المضي قدما في تنفيذ مضامين خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان وفق مقاربة تشاركية. وأبرز العثماني، في معرض رده على سؤال محوري حول « خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان »، خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس النواب، أن خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان صيغت بطريقة تشاورية ضمانا لترصيد المكتسبات الهامة التي حققتها المملكة في المجال الحقوقي والإنساني. وقال إن المغرب عرف تقدما نوعيا هاما في مجال حماية حقوق الإنسان، وتوسيع مجال الحريات كما تكفلها المواثيق الدولية التي صادق عليها، والتي جعلها الدستور المغربي تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية، مع العمل على ملاءمة هذه التشريعات مع ما تقتضيه تلك المصادقة. وأضاف أنه، وعيا من الحكومة بأهمية حقوق الإنسان، فقد جعلت هذا الموضوع في صميم أولوياتها بموجب البرنامج الحكومي الذي نص على اعتماد سياسة حكومية مندمجة في مجال حقوق الإنسان وفق تخطيط استراتيجي تشاركي، وتحيين خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان. وفي سياق حديثه عن المسار الذي قطعته الخطة، منذ سنة 2008 وإلى غاية تحيينها أخيرا وفق مقاربة تشاركية والإعلان عنها يوم 13 دجنبر 2017، أوضح العثماني أن عملية تحيين الخطة أسفرت عن مراجعة التوصيات الواردة في الصيغة الأولى من المشروع وعن رفع عدد التدابير إلى 435 تدبيرا تهم كافة الحقوق والحريات. وشدد على أن ضمان التنزيل الفعلي لخطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان يحتاج إلى آلية لتتبع تنفيذ الخطة وتقييم أثرها، من أجل تجسيد مضامينها على أرض الواقع وبلورتها على صعيد مختلف السياسات العمومية، مشيرا إلى أنه تم، في هذا الإطار، إطلاق مسلسل تشاوري حول إحداث آلية لتتبع وتقييم تنفيذ خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان، من خلال عقد اجتماعين تشاوريين مع الجمعيات العاملة في حقوق الإنسان ومراسلة القطاعات الوزارية والمؤسسات الوطنية والسلطة القضائية والبرلمان، توج بإعداد مقترح تصور بخصوص هذه الآلية. كما أشار إلى أنه انطلق العمل منذ شهر يونيو الماضي في إعداد المخطط الإجرائي لخطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، الذي يحدد المسؤوليات والجدولة الزمنية للتنفيذ ومؤشرات تتبع وتقييم اعمال التدابير المحددة في هذه الخطة، مضيفا أنه تم، أيضا، إعداد مشروع تصور لإعمال الخطة الوطنية على المستوى الترابي يهدف إلى تعميم خطة العمل الوطنية ونشرها على المستوى الجهوي وتمكين الفاعل الترابي من سبل تفعيل الخطة على نحو أفضل ودعم الممارسات الفضلى في مجال إعمال الخطة واعتمادا على المقاربة التشاركية سيتم تقاسم هذا المشروع مع مختلف الفاعلين الترابيين من أجل إغنائه في أفق اعتماده وتفعيله. واستعرض رئيس الحكومة المؤشرات الإيجابية التي حققتها المملكة مؤخرا في مسلسل ترسيخ البناء الديمقراطي والحقوقي باعتبارها مكتسبات وجب ترصيدها واستثمارها للدفع قدما بهذا المسار الهام بالنسبة لمستقبل البلاد، مبرزا أن هذه المكتسبات تهم، أساسا، توطيد استقلالية السلطة القضائية، وتعزيز الديمقراطية التشاركية وتكريس الحق في الحصول على المعلومات، والاهتمام بشكايات وتظلمات المواطنين. واعتبر أن هذه المكتسبات، على الرغم من أهميتها، ليست كافية لوحدها للاستجابة لمتطلبات المواطنين في هذا المجال، « إلا أننا نعتبرها خطوات إيجابية تؤسس لتحول إيجابي في العلاقات بين المواطن ومؤسسات الدولة، تقوم على التفاعل الإيجابي مع انتظارات وتطلعات المواطنات والمواطنين في الكرامة والمشاركة الفاعلة في البناء الديمقراطي ». وتوقف رئيس الحكومة، أيضا، عند جهود الحكومة للتفاعل مع التقارير الدولية حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، مبرزا الجهود المبذولة من قبل المملكة في مجال ترسيخ حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا، وكما التزمت بها دستوريا، وعملت على تعزيزها تشريعا وممارسة، مشيرا الى أن بعض التقارير الصادرة عن بعض المنظمات الوطنية والدولية لا تزال تتقدم بمجموعة من الملاحظات حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب. في هذا الصدد، وبعد أن أشار إلى وجود بعض التقارير الموضوعية والمسؤولة والبناءة التي لا يمكن إلا التفاعل معها بطريقة إيجابية، أبرز رئيس الحكومة أن هناك في المقابل « بعض التقارير المجحفة والظالمة في حق بلدنا كتلك التي تصدرها بعض المنظمات الدولية الحقوقية حول واقع حقوق الإنسان بالمغرب، والتي تعتمد في كثير من الأحيان على معطيات غير محينة، أو تتجاهل الإصلاحات التي أقدمت عليها بلادنا، أو تتغافل عن الجهود التي بذلت في هذا المجال، بالإضافة إلى عدم احترام المعايير المرتبطة بطلب رأي الدولة المعنية، أو الاستناد على شهادات لا يمكن الاعتماد عليها … « . وفي هذا الإطار، فإن الحكومة، يقول العثماني، « لا تدخر جهدا في الرد على هذه الادعاءات من أجل تصحيح صورة بلادنا وإنصافها تجاه ما تتعرض له من حملات ظالمة، عبر كافة القنوات المتاحة من أجل توضيح المجهودات التي تبذلها لتعزيز منظومة حوق الإنسان والحريات، من خلال ترصيد المكتسبات الهامة والتراكم الإيجابي المحقق في هذا المجال ». أما فيما يخص التقارير الدولية الموضوعية والمسؤولة الصادرة عن مختلف الفاعلين على المستوى الدولي والوطني، وخاصة المنظمات غير الحكومية، أكد السيد العثماني أن « الحكومة حريصة أشد ما يكون الحرص على التفاعل الإيجابي مع الانتقادات والملاحظات المسؤولة التي تتضمنها هذه التقارير، عبر جملة من التدابير العملية منها مأسسة التفاعل مع التقارير الدولية، وإجراء حوار متواصل ومباشر بشأن هذه التقارير ».