انتخب البرلمان الألماني (بوندستاغ) اليوم الأربعاء ميركل مستشارة لألمانيا لولاية رابعة بعد حصولها على 364 صوتا من أصل 688 من أصوات النواب. وكانت قد حصلت في التصويت الذي جرى في الفترة التشريعية السابقة على نسبة 4. 74 في المائة من أصوات نواب البرلمان؛ وهي أعلى نسبة يحصل عليها مستشار لألمانيا. غير أن ميركل ليست الرابح الوحيد في مشهد سياسي عرف على مدى خمسة أشهر حالة من عدم اليقين، بل ألمانيا برمتها والتي قدمت للعالم درسا في تحمل الاحزاب لمسؤوليتها السياسية وتجنب إعادة انتخابات مكلفة وتقديم مصلحة البلد على الحسابات الحزبية من أجل تشكيل حكومة مستقرة في سياق اوروبي يتسم بصعود الاحزاب اليمينية الشعبوية. وكتبت صحيفة « دي فيلت » الالمانية في عددها الصادر اليوم الاربعاء أن عددا ليس بالقليل من الإيطاليين والإسبان والبريطانيين والبولنديين والهنغاريين سوف ينظرون بإعجاب مغلف بالحسد إلى ألمانيا ، التي نجحت في النهاية حتى في الوضع الصعب، في التوصل إلى حكومة مستقرة، حكومة تجسد بثقة نظاما سياسيا لا يزال قويا ، حكومة تجمع بين الاستمرارية والتجديد في أعضائها ، والتي يتعين عليها أن تظهر الآن أن المشاكل التي تواجه ألمانيا وأوروبا قابلة للحل. واعتبر متتبعون ان اتفاقية الائتلاف التي وقعها الاتحاد المسيحي مع الاشتراكيين الديمقراطيين تحت عنوان « انطلاقة جديدة لالمانيا، دينامية جديدة لاوروبا »، تتضمن مشاريع طموحة في مجالات الرعاية الصحية و المعاش ، والأسرة ، والسياسة الرقمية أو التعليمية، من شانها في حال تطبيقها ان تجعل ألمانيا أكثر عدلا واستشرافا للمستقبل. لكن التوصل الى هذه الاتفاقية، لم يكن بالامر الهين بالنسبة لميركل التي اضعفتها نتيجة الانتخابات التشريعية في شتنبر الماضي ، حيث خاضت مباحثات استكشافية اولى مع الحزب الليبرالي الحر والخضر في ما عرف بائتلاف « جامايكا »، باءت بالفشل لتدخل في مفاوضات جديدة مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي كانت بالنسبة اليها اخر فرصة لانقاذ مستقبلها السياسي، والتي أفضت الى اتفاقية تشكيل ائتلاف حاكم بعد تقديمها لتنازلات حيث تخلت عن حقيبة المالية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، وهو القرار الذي وصفته بالمؤلم، وكذا عن حقيبة الداخلية لحليفها البافاري الحزب المسيحي الاجتماعي. وفي ردها على منتقدي هذه التنازلات، اعتبرت أن فشل مفاوضات تشكيل ائتلاف كبير بسبب الحقائب الوزارية كان سيصبح « غير مسؤول ». ومقابل هذه التنازلات، اتخذت ميركل خطوات من اجل تهدئة الاوضاع داخل حزبها، حيث رشحت انغريت كرامب-كارنبوير لمنصب الأمينة العامة للحزب الديمقراطي المسيحي ، لسد الطريق امام المحتجين الذين يطالبون بتعيين مسؤولين أصغر سنا وبتجديد على رأس الحزب. وفي محاولة منها لتبديد حركة استياء متنامية في الجناح اليميني داخل حزبها، قامت ميركل بتعيين، أشد معارضيها في الحزب شتيفان شبان في حكومتها الجديدة كوزير للصحة. ويرى محللون أن بقاء ميركل الطويل في السلطة مرتبط بطريقتها القيادية الحذرة، وبحثها عن التوافق في حين أنها تفرض سلطتها خلف الكواليس. ورغم انتقاد سلبيتها في محادثات الائتلاف، في النهاية فان ما يهم في مقاربتها للسياسة ، هو أنها تمكنت من التوصل الى تشكيل ائتلاف.