كشف الصحافي الأمريكي إيريك شاتزكر تفاصيل "العشاء الكبير الأخير"، الذي حضره للأمير السعودي الملياردير الوليد بن طلال قبل عشرة أيام من اعتقاله ضمن حملة التوقيفات الدراماتيكية وغير المسبوقة، التي شهدتها المملكة العربية السعودية ليلة السبت الماضي، والتي شملت عدداً من الأمراء وعشرات الوزراء والمسؤولين السابقين بتهمة الفساد واستغلال النفوذ. وأكد الصحافي في مقال له في موقع "بلومبيرغ" أنه سمع متأخراً بخبر اعتقال الملياردير، وذلك أثناء وجوده في جزيرة بعيدة بالباهاماس، حيث لم يكن الانترنت متاحاً بشكل كبير، و أنه حاول الاتصال بالأمير عبر الرسائل النصية و"الواتس آب" مثلما تعود، ولكنه لم يتلقى أي رد. وبأسلوب وصفي أدبي روى الصحافي قصة "العشاء الأخير" مع الوليد: "قبل عشرة أيام من تحول الأمير الوليد بن طلال إلى الهدف الأبرز في حملة مكافحة الفساد السعودية، قضيت أمسية معه في الصحراء". واستطرد : "جلسنا في الهواء الطلق متكئين على الوسائد والسجاد المفروش على الرمال، وأسهبنا في الحديث عن أسهم التكنولوجيا والسياسة الأمريكية، بينما كنا نحتسي القهوة العربية ونشاهد مباراة لكرة القدم على شاشة تلفزيون كبيرة الحجم..ثم تمشينا معا لمدة 50 دقيقة تحت النجوم الساطحة، وفي حوالي الساعة ال11 ليلاً تناولنا العشاء، وقد ملأت طبقي بالضأن والروبيان والأرز والسلطة من بوفيه كبير، شمل ما لا يقل عن اثني عشر طبقا". كان سعيدا ومستريحا ولم يكن يتوقع ما سيحصل له واستبعد الصحافي الأمريكي أن يكون لدى الوليد بن طلال أي توقع لما سيحصل له من اعتقال وتحقيق بتهم بالفساد، قائلا: "لو كان الوليد لديه أي تنبؤ بما سيحدث لظهر عليه ذلك، فالمستثمر الملياردير، الذي اشتهر بحصصه الكبيرة في مجموعة سيتي غروب، وشركة آبل، وشبكة "تونتي وإن سينتوري فوكس′′، بدا سعيدا ومستريحا". وأضاف: "لقد صاح الأمير من فرط السعادة، عندما فاز نادي الهلال السعودي بالمباراة" التي كانا يتابعانها. وروى: "كنا في منتصف الليل تقريبا عندما عقد الأمير مجلسا، وهو احتفال بدوي تقليدي يأتي فيه رجال القبائل للإعراب عن احترامهم وطلب مساعدات، طابور طويل من الرجال الذين يرتدون الجلابيب البيضاء والعقال العربي الشهير ذا الألوان الحمراء والبيضاء، والذين اصطفوا تحت جنح الظلام، وقد اقتربوا الواحد تلو الآخر، وخلعوا النعال، ثم انحنوا وسلموه مظروفا، فيما ألقى بعضهم أشعارا، وبدوره، فتح الأمير كل ظرف ووضعه على كومة من الظروف". ومضى يقول: "في أحد الجوانب، جلست بعض الإبل على الأرض، فيما تم إحضار صقرين كبيرين ووضعهما بالمكان المخصص لهما". وأضاف "عندما انتهى الحفل، شكرت الأمير على ضيافته، وصعدت إلى سيارة الدفع الرباعي مع أحد سائقيه، لننطلق على الطريق الترابي للحاق برحلتي الجوية في الساعة ال4:07 لمغادرة المملكة". وأشار الصحفي الأمريكي إلى أنه جرى اعتقال الأمير السعودي في أعقاب عطلة نهاية الأسبوع الماضي، في المخيم الصحراوي ذاته الذي التقى فيه الأمير. وأكد أن مكان اعتقال الوليد بن طلال لا يزال غير معروف حتى الآن، فيما ترددت انباء أنه محتجز من أمراء آخرين في فندق "ريتز كارلتون" الفاخر في الرياض. موقفه من محمد بن سلمان وعن موقف من ولي العهد قائلا إن "مواقف الوليد في القضايا الاجتماعية والاقتصادية تتفق مع حملة التجديد الحالية بقيادة ولي العهد ابن سلمان، وهذا ربما يفند مزاعم أن اعتقاله تصفية حسابات"، وفقه. وأضاف أن بن طلال "تطرق إلى حظر قيادة النساء للسيارات في السعودية، وفي العام 2013، قال في تغريدة إن هذا الأمر ليس له معنى اقتصادي". وقال: "عندما قابلت الوليد في شقته في الرياض قبل عام، قال إن خطط الأمير محمد للحد من اعتماد المملكة العربية السعودية على عائدات النفط، وخفض عجز الموازنة، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية كانت موضع ترحاب كبير ودعم مني شخصيا". ثروته وكم خسر منها بعد اعتقاله؟ وعن ثروته قال الصحافي الأمريكي إنه "دائما ما كان الوليد يقول إن ثروته نتيجة مجهود ذاتي". وفي 1991 اختطف الأضواء في قطاع المال من خلال إحياء بنك "سيتي بنك"، الذي كان يتخبط في ذلك الوقت، وبحاجة لما يقرب من 600 مليون دولار. وتقدر ثروة الوليد الآن ب17.8 مليار دولار، وفقا لمؤشر بلومبيرغ للمليارديرات. وشملت الاستثمارات البارزة الأخرى للوليد، شركة موتورولا وشركة تايم وارنر، ومؤخرا شركة تويتر وشركة Lyft Inc. ويستثمر الأمير السعودي الكثير من أمواله في شركة المملكة القابضة، وهي الشركة الاستثمارية التي اشتراها في عام 2007 وما زال يسيطر على حصة 95 في المئة من أسهمها. وأشار إلى أن هذه الأسهم تراجعت بنسبة 21 في المئة تقريبا منذ اعتقاله، ما خفض ثروته بمقدار 1.3 مليار دولار على الأقل، فيما تأتي بقية ثروته على هيئة مجموعة متنوعة من الأصول، مثل المجوهرات وشركات الإعلام والعقارات. قصر ب 400 غرفة وأسطول من الطائرات بينها بوينغ 747 مطلية بالذهب وقال شاتزكر: "في أول زيارة لي للمملكة العربية السعودية في عام 2010، اصطحبني الوليد في جولة مدتها خمسة أيام في مصالحه التجارية وممتلكاته، وعرفني على أسلوب حياته، وسمح لي الأمير باستكشاف قصره، الذي يضم 400 غرفة، كما أننا زرنا شقته الكائنة في طابق مرتفع من برج المملكة، إضافة إلى مخيمه الصحراوي القديم". وأضاف: "تناولنا وجبات معا، ولعبت مع أحفاده، وركبنا الدراجات وسبحنا في بركة السباحة المرفقة بغرفته، بل وكنا عالقين معا في عاصفة ترابية". واستطرد : "كان الأمير يعتمد على الموظفين، الذين بلغ عددهم المئات، بدءا بالطهاة، ومرورا بالعاملين في حدائقه، ومنسقي الرحلات، والأمن الشخصي، والطيارين، وغيرهم كثيرون، ولم تكن لديه طائرة خاصة واحدة، وإنما كان لديه أسطول من الطائرات، بما في ذلك بوينغ 747 فاخرة". وأشار إلى أن الوليد بن طلال فاق السعوديين في تعزيز الحماية والحراسة. نباتي يقدم لضيوفه 4 أصناف من المأكولات وروى: "استغرقت وقتا طويلا لدراسة استثمارات الأمير، وفهم وضعه غير العادي في التسلسل الهرمي السعودي، وقد أشبع فضولي بمنحي إمكانية الوصول لكل شيء، ولقد رافقت الوليد في رحلتين إلى إنكلترا في عام 2010 من أجل إعداد ملف شخصي حوله، وسافرت لمقابلته في الرياض في عام 2012، ومنحني ما لا يقل عن خمس مقابلات حصرية، كما أننا التقينا عدة مرات في نيويورك في مكاتب بلومبيرغ وفي فندق بلازا، الذي يملك حصة صغيرة فيه أيضا". وروى الصحافي معلومات خاصة عن حياة الوليد بن طلال، لافتا إلى أنه يعرف على سبيل المثال، أنه نباتي ويفضل الأطعمة منخفضة السعرات الحرارية". وكشف عن أن الوليد "يقدم لضيوفه أطباق عشاء من أربعة أصناف من المأكولات السعودية واللبنانية والغربية، وتحديدا الفرنسية والإيطالية". وقال إنه يوفر لهم طعاما مناسبا للأشخاص الذين يتبعون برامج حمية خاصة. يضع صورا له في كل الأماكن حتى داخل الثلاجة وأشار إلى أنه "يتابع الأخبار المالية والدولية باستمرار حتى في السيارة، ويحرص على متابعة شبكات إخبارية مثل بلومبيرغ، و"سي ان بي سي"، وفوكس للأعمال، و"سي إن إن"، على شاشات متعددة في الوقت نفسه". ولاحظ أيضا أن الوليد "يحب وضع صور لنفسه في كل الأماكن، وأن هناك واحدة حتى داخل الثلاجة وفي المطبخ الصغير قبالة غرفة نومه". وشدد على أنه رأى تلك الصورة "بأم عينه".