لم يكن في نيتي النيل من شخص السي محمد اليازغي. الفكرة الأساسية هي توضيح كيف لعبت قيادات تاريخية وازنة دورا مركزيا في نسف المشروع الديموقراطي الذي ناضلت من أجله. المشكلة أن هاته القيادات أبدت من الجشع و اللهفة ما جعل الحكم يتفاجأ. لو أن الحكم فطن مبكرا لقابلية مقايضة المبادئ و النضالات بالمناصب و المال و رخصة إستيراد البطاطا، لكان قد أدخلنا إلى الحكومة قبل التناوب بزمن طويل! بنعيسى: العديد من القيادات التاريخية كانت تتصارع من أجل السلطة. و هذا الصراع مع الملكية كانت تغذيه خطابات ديموقراطية و لكن بدون عمق ديموقراطي حقيقي. التقرير الإيديولوجي لمؤتمر 1975 رغم أنه حمل شعار استراتيجية النضال الديموقراطي إلا أنه يتحدث عن الإشتراكية العلمية التي هي نقيض الفكرة الديموقراطية! نحن نتحدث عن زمن الانقلابات و الإيديولوجية و القومية و الزعامة. الديموقراطية لم تكن موضة أنذاك ! أتذكر عندما كنا صغار في الشبيبة. نحقد على المخزن و الأحزاب اليمينية و نحتقر اليسار الجذري و نسخر من الإسلاميين و لا نتردد في تأليه الزعامات المنتمية إلى قبيلتنا السياسية ! شخصيا عشت سنوات طويلة في السياسة و كنت شاهدا على العديد من التفاصيل و في كثير من الأحيان دون أكون عضوا في أي جهاز. لكنني حاولت ما أمكن الحفاظ على حريتي و استقلالية مواقفي. كما أن استقلاليتي المالية كانت تمنع هؤلاء من استعمال ورقة الريع في التعامل معي. و لذلك كنت دائما أعبر عن مواقفي بكل حرية. في إحدى المرات قلت للسي اليازغي الحقائق الأربعة أمام الناس في مقر أكدال. لم يستسغ الأمر و بدأ يصرخ في وجهي. و رغم أنني تكلمت باحترام، فابنه علي فقد أعصابه و قاطع مداخلتي بالسب و عندما خرجت من القاعة حاول الإعتداء علي جسديا لكن ندم على تهوره و لا داعي للمزيد من التفاصيل! أسبوعين بعد ذلك، حصل انقلاب على اليازغي من داخل المكتب السياسي و أجبروه على الرحيل. أربع سنوات بعد ذلك، التقيته بالصدفة في نادي الكولف دار السلام حيث كان يتناول وجبة الغذاء مع العائلة الصغيرة. تقدمت لتحيته فعانقني بحرارة و عاتبني لأنني لم أعد أنشر مقالاتي في جريدة ليبيراسيون… للتاريخ، حضرت عن قرب لكل تفاصيل تحضير إقالة اليازغي من الكتابة الأولى للإتحاد الإشتراكي. هاته العملية قام تنسيقها صديقي سليمان انطلاقا من منزله الفسيح بالدار البيضاء….