يأتي إعلان سقوط دولة « داعش » بالموصل بعد ثلاثة أعوام من إعلان زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي قيامها في 29 يونيو 2014. ومع سقوط « داعش » في الموصل العراقية وقرب اعلان نهايتها في الرقة السورية تتناسل الأسئلة بخصوص مستقبل التنظيم وهل سينقل معاركه لمناطق جديدة وكذلك مستقبل المقاتلين في صفوفه ومعه تتناسل الأسئلة حول المغاربة الملتحقين بصفوف التنظيم الإرهابي منذ الإعلان عن ما سمي ب «الخلافة الإسلامية بالعراق والشام » وعن احتمالية عودتهم. وتفيد احصائيات المكتب المركزي للأبحاث القضائية إلى وجود 1664 يقاتلون في صفوف تنظيمات متشددة في العراق وسوريا، وتضم « داعش » العدد الأكبر ب929 مقاتلا متبوعة بحركة « شام الإسلام » ب100مقاتل ومايفوق 50 مقاتلا في « جبهة النصرة »، وعاد إلى المغرب 213 مقاتلا وقتل596 وفي بؤر القتال. الكنبوري: قضية العائدين مشكلة تواجهها بلدان كثيرة قال ادريس الكنبوري، الباحث في الحركات الاسلامية، إن قضية العائدين مشكلة تواجهها بلدان كثيرة بما فيها البلدان الأوروبية وليس المغرب فحسب »، مضيفا » فبعد استعادة الموصل وطرد تنظيم داعش توزع مقاتلو التنظيم ومنهم من عاد إلى بلدانهم الأصلية »، وبخصوص الطريقة التي ينهجها العائدون يقول الكنبوري »لكن ليس بالطريقة العادية بل بطرق مختلفة من بينها التسلل مع قوافل المهاجرين السريين، أي أن هؤلاء غير معروفين لدى الأجهزة الأمنية وبالتالي فإن وجودهم داخل بلدانهم بهويات مزورة لن يكون خاضعا للمراقبة ». »وأمام وجود احتمال بسقوط الرقة السورية أيضا، فإننا يجب أن نتوقع عودة عشرات الآلاف من المقاتلين إلى بلدانهم الأصلية، ومن بينهم مغاربة. وحول كيفية التعامل مع العائدين يجيب الباحث في الحركات الإسلامية »هناك بلدان وضعت سياسات لاستيعاب هؤلاء العائدين وإعادة دمجهم في الحياة الاجتماعية كما حصل في بعض البلدان الأوروبية، وهناك بلدان اتبعت خيار الاعتقال، والمغرب منها »، مردفا بالقول » وإذا كان الاعتقال ضروريا كخطوة أولى فإنه لن يحل المشكلة بشكل نهائي. داعيا إلى وضع تصورات واستراتيجيات للتعامل مع هذه الفئة وفتح حوار معها لمحاربة الفكر المتطرف واستئصال أفكار العنف منها بطريقة تدريجية، فمهما طالت مدة السجن يوما سيغادرونه، وقد يغادرونه وهم أكثر تطرفا تجاه الدولة والمجتمع ». وحول مستقبل « الدولة الإسلامية » يقول الكنبوري « المرجح أن التنظيم سيعيد بناء نفسه من جديد بعد الهزائم التي تعرض لها، فقد راكم خبرة قتالية كبيرة خلال السنوات الماضية، واستقطب عددا كبيرا من المقاتلين من مختلف البلدان العربية والإسلامية والأوروبية، كما صار يتوفر على دراية كبيرة باستعمال السلاح والمتفجرات، وعلى قدرة واسعة في توظيف شبكة الأنترنت واختراق المواقع الرسمية وغزو الهواتف النقالة عبر تقنية الواتساب وغيرها، وفتح جبهات له في مناطق عدة في آسيا وإفريقيا، وترتبط به جماعات إرهابية عدة بمقتضى ما يسمى بالبيعة الشرعية لزعيم التنظيم، كل هذه المؤشرات تجعلنا أمام تنظيم متعدد الرؤوس وقابل للتحول ». وهل سيفتح جبهات جديدة او يلتحق بمناطق توتر جديدة ؟ يقول الكنبوري »المبدأ الأساسي الذي يعتمده أي تنظيم متطرف ومسلح هو فتح جبهات متعددة، هذا ما فعله تنظيم القاعدة من قبل وما صنعه داعش، لأن بقاء التنظيم على الصعيد المركزي فقط دون فتح جبهات يعني إمكانية خنقه والقضاء عليه ». الجبهات المتعددة تحقق للتنظيم هدفين، حسب الكنبوري ، »الأول هو تقليص الخطر المحدق بالحلقة المركزية للتنظيم من خلال توزيع التركيز لدى الأجهزة الأمنية العالمية، والثاني ضمان استمرار القيادة المركزية ». ويضيف نفس المتحدث أن تنظيم « داعش » يراهن على منطقة الساحل الإفريقي بعد طرده من سرت الليبية، »لأنها منطقة واسعة وخالية من المراقبة الأمنية وغير خاضعة لأي دولة، وقد يفعل ذلك عبر التقارب مع التنظيمات المسلحة الموجودة في المنطقة، بل لا يستبعد أن يتم التحالف بينه وبين فروع تابعة لتنظيم القاعدة، رغم الخلافات بين التنظيمين، لكن وحدة الأهداف والمخاطر المحدقة بهما يمكن أن تدفعهما نحو التحالف المرحلي ».