رصد تقرير مؤسسة "كوليام" لمكافحة التطرف بعنوان «الدولة الإسلامية: الوجه المتغير للجهادية الحديثة»، وجود 1500 مقاتل مغربي في صفوف "داعش" بجبهات القتال، مصنفا المغرب في المرتبة الثالثة من ناحية جنسيات المقاتلين مع داعش بعد كل من تونس والسعودية، وهنا يطفو سؤال بسيط كيف أمكن لهذا التنظيم أن يستقطب هؤلاء المغاربة إلى تلك الجبهات؟ في محاولته للإجابة على هذا السؤال كشف تقرير "كوليام" عن اعتماد "داعش" لنشر فكرها، وجلب المقاتلين، وتحسين صورتها، على دعاية إعلامية هائلة تقوم بها شركتان هما «الحياة» و«الفرقان»، وهنا يبرز سؤال بسيط هل هاتين المؤسستين وحدهما كفيلتين باستقطاب عشرات الآلاف من المقاتلين من جنسيات متعددة أم أن هناك إمبراطورية إعلامية كبيرة تمول بأموال طائلة لجلب الشباب للقتال؟ بحث مرصد الشمال لحقوق الإنسان الميداني حول "المواصفات السوسيو ديمغرافية للشباب المقاتل بسورياوالعراق والمنحدرين من شمال المغرب"، حاول مقاربة الموضوع بالبحث في الوسائل التقليدية والحديثة التي يستعملها التنظيم ليخلص إلى أن هذه المرحلة تتميز بالتواصل والتفاعل المباشرة بين خلايا الاستقطاب التي يقودها مغاربة بسورياوالعراق عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي. جريدة التجديد الورقية فتحت هذا الملف للتعرف على أذرع "داعش" الإعلامية لاستقطاب الشباب المغربي، من خلال ما توصلت إليه الدراسات والأبحاث، وستعمل على مقاربة وتحليل الموضوع مع عدد من الباحثين والمهتمين، وذلك للتنبيه إلى الخطر المحدق القادم، وللتساؤل عن السبل الكفيلة بوقاية الشباب بشكل خاص من هذا الخطر، ودور كل المؤسسات في التوعية والتصدي لهذه المعضلة. الأخطبوط الإعلامي لتنظيم "داعش" أكد مركز الجزيرة للدراسات في دراسة جديدة بعنوان "تنظيم "الدولة الإسلامية": النشأة، التأثير، المستقبل"، أن الهيئة الإعلامية ل"داعش" شهدت تطورًا كبيرًا بالشكل والمحتوى، وتتمتع بدعم وإسناد كبيرين، وتعتبر مؤسسة "الفرقان" الإعلامية الأقدم والأهم، وقد ظهرت مؤخرًا مؤسسات إعلامية عديدة تتبع التنظيم، مثل مؤسسة "الاعتصام" ومركز "الحياة"، ومؤسسة "أعماق"، ومؤسسة "البتار" ومؤسسة "دابق" الإعلامية، ومؤسسة الخلافة، ومؤسسة أجناد للإنتاج الإعلامي، ومؤسسة الغرباء للإعلام، ومؤسسة الإسراء للإنتاج الإعلامي، ومؤسسة الصقيل، ومؤسسة الوفاء، ومؤسسة نسائم للإنتاج الصوتي، ومجموعة من الوكالات التي تتبع الولايات والمناطق التي تسيطر عليها، كوكالة أنباء "البركة" و"الخير" وغيرها. وأوضحت الدراسة أن التنظيم أصدر عددا من المجلات بالعربية والإنجليزية أمثال: "دابق" و"الشامخة"، وأنشأت هيئة التنظيم إذاعات محلية مثل إذاعة "البيان" في مدينة الموصل في العراق، وإذاعة أخرى في مدينة الرقة في سوريا، مضيفة أن التنظيم يواصل نشاطه الإعلامي من خلال العمل في المدونات، ومن أهمها مدونات باللغتين الروسية والإنجليزية؛ إذ تقوم الهيئة بترجمة الإصدارات الإعلامية إلى لغات أجنبية عديدة، كالإنجليزية والفرنسية، والألمانية، والإسبانية، والأوردو، وغيرها. استمرار حضور آليات الاستقطاب التقليدية لاحظ بحث ميداني حول "المواصفات السوسيو ديمغرافية للشباب المقاتل بسورياوالعراق والمنحدرين من شمال المغرب"، توصلت "التجديد" بنسخة منه، أن 40 في المائة من الملتحقين بسوريا تم استقطابهم بشكل تقليدي حسب ما أفاد به أقارب وأصدقاء المقاتلين، ويمثلون الجيل الأول الذي هاجر مباشرة بعد اندلاع الثورة السورية وإطلاق لنداء النفير العام لأرض الشام. وأوضح البحث أن هذه الفئة لوحظ عليها تغيرات في سلوكاته تتمثل أساسا في الالتزام باللباس الإسلامي والمحافظة على الصلوات الخمس مع المطالعة لكتب دينية بسيطة تحث على القتال والجهاد، يتبعها الانخراط في وقفات حركة 20 فبراير ثم اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، وحضور أنشطة اجتماعية لمجموعة من السلفيين تتميز بالانغلاق منها حفلات العقيقة. وأكد البحث أنه سرعان ما لوحظ أن البعض منهم تغيرت سلوكاته حيث تخلوا عن "اللباس الإسلامي" والصلاة في الجماعة قبل السفر، وهو أمر مرتبط أساسا بتمويه السلطات الأمنية. شبكات التواصل الاجتماعية أكد بحث ميداني حول "المواصفات السوسيو ديمغرافية للشباب المقاتل بسورياوالعراق والمنحدرين من شمال المغرب" توصلت "التجديد" بنسخة منه، أن 60 في المائة من الشباب الذين يمثلون الجيل الثاني (2013 و2014) تم استقطابهم عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي بعد حملة السلطة الأمنية المغربية التي عرفت توقيف الراغبين في الالتحاق بسورياوالعراق مع إحالتهم على محاكم المختصة وتفكيك خلايا إرهابية. وأوضح البحث أن هذه المرحلة تميزت بالتواصل والتفاعل المباشرة بين خلايا الاستقطاب الذي يقودها مغاربة بسورياوالعراق عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، وتتميز هذه الطريقة بالانفلات من المراقبة الأمنية، سرعة التواصل والتفاعل، وسهولة التغرير، ولا تبدأ مرحلة الشحن الإيديولوجي إلا بعد التحاقهم بمعسكرات متخصصة لذلك بسورياوالعراق قبل دمجهم بجبهات القتال. مكتبة إلكترونية ضخمة للاستقطاب تشير مجموعة من الدراسات إلى أن "داعش" لا تعتمد فقط على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام والدعاية المباشرة التقليدية، وإنما تعتمد كذلك على مكتبة إلكترونية ضخمة للاستقطاب، وأكد مركز الجزيرة للدراسات في دراسة حول "تنظيم "الدولة الإسلامية": النشأة، التأثير، المستقبل"، أن التنظيم يسيطر على عدد كبير من المواقع والمنتديات الإلكترونية، التي تحتوي على مكتبة هائلة وواسعة تختص بالأيديولوجيا والخطاب وآليات التجنيد والتمويل والتدريب والتخفي والتكتيكات القتالية وصنع المتفجرات، وكل ما يلزم "الجهاديين" في عمليات المواجهة في إطار حرب العصابات وسياسات الاستنزاف.