في هذه الحلقة يكشف الصحافي والسياسي خالد الجامعي عن طبيعة اللقاءات التي جمعته مبكرا مع فؤاد عالي الهمة. بالنسبة له الهمة ابن دار المخزن الذي عارض في لقاءاته معه الكثير من الاصلاحات السياسية التي اقترحت في العقد الأخير. قال إن الهمة من الذين يدافعون على أن يبقى مضمون الحكم بيد الملك، مع إدخال بعض الرتوشات لا أقل ولا أكثر، ولطالما قال "إلا خليناكم، راه الملك ما غادي تبقى عندو حتى سلطة ... إلى بقينا تابعينكم انتوما غادي تحيدو كلشي للملك". كيف تعرفت على فؤاد عالي الهمة؟ وما طبيعة العلاقة التي جمعت بينكما؟
تعرفت عليه قبل بضعة أشهر من وفاة الحسن الثاني، حيث اتصلت بي سميرة سطايل وأخبرتني أن فؤاد عالي الهمة يريد اللقاء بي، وفعلا التقينا عند سميرة سيطايل، وتناقشنا في العديد من القضايا السياسية ... في أي سنة؟ في نفس السنة التي توفي فيها الملك الحسن الثاني، أي في سنة 1998، وقد تناقشنا في الكثير من القضايا السياسية وتداولنا بشأن ملفات تهم مستقبل البلاد بعد وفاة الحسن الثاني الذي كان معروفا أنه كان مريضا، وقد بدى لي أن هذا النقاش لم يكن حينها حاضرا وأن الترتيب لمرحلة ما بعد الحسن الثاني لم تكن ضمن أجندتهم ...
وبعد وفاة الملك الراحل، تم الاتصال بي مجددا، وكنت أحضر للاجتماعات، وأعبر عن رأيي في القضايا المثارة، وكانت اللبنة الأولى حيث ربطت له الاتصال بالراحل إدريس بنزكري ...
وبأي صفة كنت تقوم بهذه المهام؟ بدون أي صفة رسمية، كنا نشتغل كأصدقاء لا غير، ولم أكن أتقاضى أي أجر ولا هم يحزنون، لأننا انطلقنا من مبدأ دعم التجربة الجديدة التي سيقودها الملك الجديد، لكن حينما تبين لي أنه لم يتغير شيء، قررت قطع علاقتي بفؤاد عالي الهمة، ولكي أوضح هذا الأمر أجريت استجوابا مع عبد الرحيم تافنوت في الجريدة التي كان يصدرها في الدارالبيضاء، وأوضحت كل هذه الأمور، ثم عدت للمعارضة، ومنها معارضة فؤاد عالي الهمة، حيث وجهت له رسالة عنونتها " يافؤادي لا تسل" ...
وما الذي يدفعك للقول بأن لا شيء تغير بين عهدي الحسن الثاني ومحمد السادس؟ ثم ما الذي تعيبه على فؤاد عالي الهمة، علما أن هناك من يعتبره واحدا من الوجوه الحداثية المجددة في محيط الملك هذا في الوقت الذي تدفع أطراف أخرى بالعكس؟ فأين تصنفون عالي الهمة؟
فؤاد من الذين تربوا في دار المخزن، وهو من الذين يدافعون على أن يبقى مضمون الحكم بيد الملك، مع إدخال الرتوشات لا أقل ولا أكثر، هذا هو موقف فؤاد، ولطالما قال "إلا خليناكم، راه الملك ما غادي تبقى عندو حتى سلطة ... إلى بقينا تابعينكم انتوما غادي تحيدو كلشي للملك" علما أنني من الذين مع أن يبقى الملك رمزا للبلاد على أساس أن لا يحكم، أما فؤاد فليس حداثيا، إنه وليد الفكر المخزني الحديث، هذا هو فؤاد بالضبط في اعتقادي...
لكن الشائع بين السياسيين أن فؤاد عالي الهمة يمثل الوجه الحداثي المجدد في محيط القصر وأنه يؤيد مسلسل طي صفحة الماضي ومحاربة الفساد والقطع مع اقتصاد الريع ودخول البلاد في مسلسل التنمية ... لكن فؤاد عالي الهمة لم يكن مع الموقف الذي عبرنا عنه بشأن مساءلة الجلادين حينما أطلق ورش الإنصاف والمصالحة... فهل يعقل أن تتم المصالحة بيت الضحية والجلاد؟ أبدا، ولذلك فقد كان مفهوم المصالحة مفهوما غير دقيق، ولذلك قلنا، على الأقل، أن تتم محاكمات رمزية للجلادين دون إصدار العقوبات، ولكن على الأقل أن يعترف هؤلاء الجلادين بما اقترفوه من تعذيب ...
وماذا كان رأي الهمة؟ كان ضد هذه المقاربة... ولذلك فأعتقد أن ما عشناه لا يتجاوز تغيير الشكل في الوقت الذي حافظنا فيه على نفس المضمون، أي أن الملكية المطلقة ظلت كما هي "غير لبسناها كسوة جديدة"، وهذا ما حدث أيضا في الدستور الجديد، حيث يتحكم الملك ...