فسرعبد اللطيف كيداي أستاذ باحث في علم الاجتماع في تصريح ل"فبراير.كوم" ظاهرة إقدام رجال الأمن على محاولات الانتحار، قائلا: "رجال الأمن غالبا ما تكون علاقاتهم محدودة نظرا لطبيعة وظيفتهم، وحتى علاقات الصداقة ترتبط بالوظيفة، والوظيفة هي كل شيء في حياتهم، فإذا ما سقطت وظيفة رجل امن، شيء طبيعي أن يكون رد فعله،، أنه انتهى ولم يعد له دور في المجتمع، على عكس وظائف أخرى التي ينتهي رجال الأمن منها، ويدخلون في علاقات أخرى من نوع أخر، فغياب هذه العلاقات الاجتماعية الداعمة للشخص والمحتضنة له، والتي تجعله مندمجا أكثر داخل المجتمع، يُسرع من وثيرة وجود أفراد ينتحرون بهذه الطريقة، يورد كيداي". وبخصوص انتشار ظاهرة إقدام رجال الأمن على الانتحار في المدن الكبرى بالمقارنة مع باقي المدن، أوضح كيداي بأن الأفراد في المدن الكبرى يعيشون عزلة أكثر، ولا أحد يعرف أحد، وهناك غياب التضامن الطبيعي الموجود في القرى وفي المدن الصغرى، حيث الناس يعرفون بعضهم البعض، بعكس العلاقات في المدن الكبرى، حيث تنتفي وتكون مبينة على المصالح وذات طابع ميكانيكي وآلي، حيث لا يُحس الفرد في المدن الكبرى بأنه مندمج، ويشعر بضغط وتوتر أكثر، مما يبين ارتفاع باقي المشكلات الاجتماعية من انحراف وجريمة وغير ذلك في المدن الكبرى بالمقارنة مع المدن الصغرى. وأضاف كيداي أن رجال الأمن لهم وظيفة خاصة وصعبة جدا، ويحتاجون إلى دعم ومواكبة نفسية اجتماعية أكثر ربما من الأشخاص العاديين نظرا لكثرة المشاكل التي يواجهونها نظرا لطبيعة عملهم، مشيرا في الوقت نفسه أنه ليس فقط رجال الأمن وحدهم من يقدمون على الانتحار، بل هناك فئات تشبه رجال الأمن في عملهم من قبيل أولئك الذين يشتغلون في المؤسسات السجنية والذين يشتغلون في ظروف صعبة مماثلة. وأفاد كيداي أن رجل الأمن يعاني من إرهاق نفسي كثير، وللأسف فإن الخلايا التي تعمل في مجال المواكبة النفسية غير نشيطة وغير فعالة وقليلة جدا، ولا تملك التجربة والخبرة الازمتين للاشتغال في هذه المهنة، وهي موجودة فقط داخل الإدارة العامة، حيث يتعين أن تكون على امتداد التراب الوطني، ويجب أن تتوفر على أشخاص مؤهلين للمواكبة النفسية لرجال الأمن في وضعيات مختلفة التي يعيشونها. وخلص كيداي الى أن إقدام رجال الأمن على الانتحار، ترتبط في جزء منها بطبيعة المهام الصعبة وبغياب الاندماج الاجتماعي، فكلما كان الوضع الاجتماعي للشخص جيدا، وكلما كان له قبول في أهله وفي المجتمع، كلما كانت فكرة الانتحار بعيدة. وتجدر الإشارة أن رجل أمن سابق، أقدم في الأيام الأخيرة على محاولة انتحار داخل منزله الموجود بحي الهناء، بتراب مقاطعة الحي الحسني بالدار البيضاء عن طريق تفجير قنينة غاز، وذلك بعدما تم توقيفه عن العمل وطرده من طرف المديرية العامة للأمن الوطني.