لم تكن الطريق إلى عقد جلسات الاستماع العمومي التي أشرفت عليها هيئة الإنصاف والمصالحة وردية، بل على العكس مما قد يكون تبادر إلى الأذهان، فلم تكن كل الأطراف مقتنعة بهذا الأمر. وعلى نحو ما يؤكده امبارك بودرقة وأحمد شوقي بنيوب في مذكراتهما عن تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، فقد تلقى أعضاء آخرون مبادرة إدريس بنزكري بتردد وتحفظ، وتمثلت « الحجج » في كون التجربة المغربية، بفعل استمرارية نظامها السياسي والدستوري، تتميز عن باقي تجارب لجان الحقيقة والمصالحة عبر العالم. وهذه الأخيرة كانت سياقاتها إما في إطار القطيعة مع نظام منهار، شمولي أو عسكري كما هو الحال في دول أمريكا اللاتينية، أو على أنقاض نظام عنصري كما هو الحال في تجربة جنوب إفريقيا. غلاف كتاب مذكرات بودرقة وشوقي بنيوب وأضاف امبارك بودرقة وشوقي بنيوب في مذكراتهما التي ستخرج إلى الأسواق ابتداء من يوم الخميس المقبل:« إذا كان التباين في التقدير على مستوى الهيأة محكوما بتردد مسنود باعتبارات ثقافية وسياسية، فإنه كان بالنسبة إلى مخاطبيها على مستوى الحكومة ووزارة الداخلية صريحا ويميل إلى الإعتراض. وتدرجت المواقف من التحفظ إلى التشكيك في جدوى جلسات الاستماع العمومية، وصولا إلى إثارة مخاطر انعقادها علنيا. ولم يكن من السهل إقناع مخاطبي الهيأة في الحكومة والسلطات العمومية، بعقد جلسات الاستماع العمومية». وقال المسؤولان السابقان في هيئة الإنصاف والمصالحة في مذكراتهما بعنوان «كذلك كان» أن الوضع أصبح، بالنظر إلى التحفظات الحاصلة داخل الهيأة والاعتراضات القائمة من خارجها، يكتسي طابع أزمة، مما تطلب وقفة تفكير لإعادة تنظيم سبل مقاربة تنظيم جلسات الاستماع العمومية، مما دفع إدريس بنزكري إلى سلك نهج بيداغوجي لتدبير هذه الأزمة. وهكذا، وفي ضوء مشاورات معمقة مع مؤيدي تنظيم الجلسات، اتخذ عدة قرارات مفتوحة في التطبيق ومتوازية في الإيقاع. « لكن، يضيف شوقي وبودرقة:«كانت المفاجأة الكبرى، استمرار جلسة الاستماع العمومية واسترسالها لما بعد الساعة الثامنة مساء. ويعود الفضل في هذا للقرار التاريخي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي تابعها مع عموم النظارة منذ انطلاقتها، وأصدر أمره بعدم توقيف البث وتركها تأخذ وقتها كاملة. وبذلك تم تأمين نجاحها. »