اليوم 19 ديسمبر 2013، فى المدينة الساحرة، بقدرتها على المقاومة المتجددة، عشت فيها عام 1980 والحرب مشتعلة، وظلت بيروت كما هى تتفجر بالحيوية، تقاوم، وتحارب، وتعيش حياتها رغم الأهوال، تتلألأ الأنوار، والأنغام على شاطئ البحر وفوق الجبل الشامخ، والناس يأكلون، ويشربون، ويضحكون، ويتسامرون، ويعشقون الحياة بكل ما فيها من لذة وألم. دعيت لندوة بمعرض الكتاب الدولى حول روايتى الجديدة المنشورة اليوم فى بيروت، أغلب كتبى نشرتها فى بيروت، مدينة الحرية الفكرية والإبداع، الرئة يتنفس من خلالها الكتاب والكاتبات، ألتقى فيها بأصدقائى وصديقاتى وقرائى وقارئاتى، من مختلف الأجيال والبلاد.
يدهشنى جبل لبنان والشابة اللبنانيةالجديدة، لا شىء يقهرها، إنها «زينة» الفتاة المتمردة، قاومت التقاليد الموروثة، وقررت الزواج من زميل لها مسيحى مارونى، نجحت فى إقناع أسرتها المسلمة بأن الحب والتفاهم العقلى والإنسانى يعلو على الطوائف والأديان، رغم ازدياد النعرات الطائفية فى لبنان والمنطقة كلها، اقتنعت أمها بحق ابنتها فى اختيار شريك حياتها، وتستعد للسفر معها وخطيبها إلى بلد يبيح لهما الزواج المدنى، بصرف النظر عن اختلاف الأديان، لاتزال القوانين فى لبنان لا تسمح إلا بالزواج الدينى، حسب الطائفة، تسع عشرة طائفة فى لبنان تخضع كل منها لقانون الأحوال الشخصية الخاص بها، وسألتها: عندكم تسعة عشر قانونا للأحوال الشخصية؟
قالت «زينة»: نعم، وهى تدعم التفرقة والفتن الطائفية فى البلاد.
وقالت والدتها الدكتورة حُسن عبود، أستاذة الأدب العربى النسائى بجامعة هاجايزان فى بيروت: قانون الزواج المدنى الموحد لكل اللبنانيين أصبح ضروريا لتوحيد بلدنا ضد التقسيم الطائفى.
تقوم الدكتورة حُسن عبود بتدريس الكتابات النسائية التى تناولت حقوق المرأة من القرن ال19. وأضافت د. حسن عبود، تحت عنوان «السرد شفاء»: أقوم بتدريس ثلاثة من كتبك يا د. نوال، المرأة والجنس، والمرأة والصراع النفسى، وروايتك «امرأتان فى امرأة». يلعب السرد فى كتاباتك دورا فى الصحة النفسية والشفاء، فأنت كاتبة وطبيبة نفسية، وأدرس أيضا أدب شهادة السجينة سها بشارة، وهى لبنانية فدائية سجنت عشر سنوات من 1988 إلى 1998 فى سجن الخيام، وكان جنوبلبنان تحت الحكم الإسرائيلى، اتهموها باغتيال «أنطوان لحد» -تعاون مع الجيش الإسرائيلى المحتل ضد وطنه- تعاطف الشاعر أنطوان أبوزيد مع شجاعتها، وقام بتحويل عملها الصحفى العسكرى إلى عمل أدبى وطنى.
الكاتبة اللبنانية جمانة حداد عانقتنى بحرارة، وقالت: «أنا حفيدتك، قرأت لكِ وأنا طفلة». نشرت جمانة كتابها الجديد بعنوان: لماذا أنا ملحدة؟!
يختلف معها الكثيرون، لكنهم يؤمنون بحرية العقيدة والفكر، نشأت جمانة فى أسرة كاثوليكية، كانت تصلى، وتحفظ القداس عن ظهر قلب، ورثت جينات التمرد عن جدتها التى انتحرت وهى طفلة فى السابعة، منذ الحادث تتساءل: لماذا انتحرت جدتها؟ وقادها التساؤل إلى كتابها الجديد.