قراءة رواية "جوستين" للماركيز دو ساد في العاشرة أو الثانية عشر من عمرها، كانت بالنسبة للشاعرة والصحفية اللبنانية جمانة حداد "معموديتها للفساد"، بينما كانت مكبلة بقيود الحرب أو أسرتها الحازمة، ولكنها الآن تحارب من أجل تفادي استخدام الاستعارات عند الحديث عن الجسم البشري في العالم العربي. ويعتبر مخطئا من يبحث عن الإباحية في مجلتها "جسد" التي تطبع باللغة العربية والمتخصصة في أدب وفنون الجسد والتي بسببها تلقت تهديدات، ولكنها ببساطة لم تعد تستخدم الاستعارات فيها عند الحديث عن الجسم البشري. وقالت حداد في ملتقى عقد الجمعة بمهرجان "هاي" الأدبي في مدينة سيجوبيا الإسبانية مع الناشر مالكون أوتيرو بارال : "لست مجنونة.. إنني مجرد امرأة عاشقة"، في الوقت الذي عولت فيه على قيم مثل الكرامة الإنسانية والحرية قبل الأديان. ولا تروق لبنان لجمانة حداد، فهي لا تحتمل بلدها، ولكنها تؤكد أنها تقيم به لأن "الجدار" يمكن هدمه فقط من الداخل، قائلة "أقيم في بيروت رغم أنها لا تعجبني ولكن بإمكاني الإسهام في تغييرها". وحذرت جمانة حداد، فيما يتعلق بآثار ما يعرف باسم "الربيع العربي" في دول مثل تونس وليبيا أو سوريا، من احتمالية تكرار ما حدث عندما يتحول نظام علماني إلى ديكتاتورية تعزز من سطوة التطرف الديني، لأنه يحمي على الأرجح أكثر الأشخاص المصابين بخيبة أمل. ولكن أكثر ما يثير قلق حداد على وجه الخصوص هو وجود أناس يحاربون نظريا من أجل الحرية، في حين يتم وضع المرأة وقضاياها في المرتبة الثانية، ولا يتم الحديث عن مساواة ولا حقوق خاصة بها. وقالت الكاتبة اللبنانية إنه ليس لديها أدنى شك في "ضرورة رحيل الديكتاتوريين" في الدول العربية، ولكنها تساءلت إذا كان الآتي سيكون أفضل ولن يتحول إلى تطرف ديني. وعابت حداد على الغرب أن لديه قوالب نمطية عن العالم العربي كأن المرأة ضحية للقمع ولا تتحكم في مصيرها، وهو الأمر الذي أكدت أنه موجود للأسف و"لكن هناك أيضا نساء أحرار وقويات ومتعلمات يعملن من أجل المال"، مضيفة إنهن "أقلية ولكن يتعين الاستماع إليهن". كما لامت على المرأة العربية التي في رأيها، هي عدوتها الشخصية، والتي تسهم في الترويج لصورة الضحية الملتصقة بها ولا تفعل كل ما بوسعها للخروج من الدائرة. وبلغة إسبانية واضحة وسليمة، جذبت جمانة انتباه الحاضرين في متحف الفن المعاصر بسيجوبيا بعبارات مثل " الحجاب أو النقاب ليسا مرتبطين بالثقافة، والجذور، بل بوسيلة للضغط". يذكر أن اسم مهرجان هاي يرجع إلى مدينة "هاي أون واي" الواقعة بويلز البريطانية وهو أحد أكبر المهرجانات الأدبية وأكثرها شهرة في الأوساط الأدبية في العالم، وتم إقامة نسخ دولية منه في عدة دول من بينها إسبانيا.)