حذفت صحيفة سلفية إسرائيلية (هاميفاسر) صور المشاركات فى مسيرة باريس يوم 11 يناير 2015، لأن وجه المرأة عورة، يجب إخفاؤه. رأينا الصورة الأصلية بالصحف العالمية، الرجال والنساء يسيرون بالأيادى المتشابكة متضامنين ضد الإرهاب، منهم رؤساء ورئيسات دول أوروبية وأمريكية، تعرضوا أنفسهم للإرهاب بعد أن شاركوا فى تغذيته وتطعيمه، منهم الدولة الإرهابية العظمى (الولاياتالمتحدة) الحاضنة الرؤوم للجماعات الإسلامية والمسيحية واليهودية والبوذية والهندوكية، على رأسها دولة إسرائيل، التى لم تنشأ ولم تستمر، إلا بالإرهاب وقوة السلاح الكيمائى والنووى والحماية الأنجلو أمريكان النظام العالمى، قديمه وجديدة، يقوم على الإرهاب، المعلن أو المستتر، تحت اسم الشرعية الدولية أو الأممالمتحدة أو هيبة الدولة. وجه المرأة المبتور بالصحيفة اليهودية السلفية يعبر عن خوف من عقل المرأة والتفكير الحر، مما يؤكد عدم ثقته فى عقله وتفكيره تختلف التيارات السلفية باختلاف الطوائف والأديان، إلا أنها تتشابه فى شئ واحد هو الخوف من العقل المفكر، خاصة عقل المرأة، لهذا يتركز عداؤهم لرأسها، يحاولون بتره وإلغاءه بشتى الطرق المادية والروحية. منعت الحكومات المسيحية المرأة الأوروبية من الكتابة قبل عصر النهضة، فالكتابة تنبع من العقل وتقود الى المعرفة، والمعرفة قوة تنتصر على أقوى الأسلحة، وحرمت الكنيسة الضحك على النساء، لأن الضحك يفتح الصدر والعقل للهواء والحرية وبالتالى للمعرفة والقوة. عمدت جماعات إسلامية الى إخفاء رأس المرأة بالحجاب. مثل جماعة الإخوان المسلمين، أما التيارات السلفية الإسلامية فهى تفرض إخفاء وجه المرأة بالنقاب إلا ثقبين للعينين، واستبدال صورتها فى الانتخابات بالوردة أو صورة زوجها. فى نوفمبر 2014، اتهمت وزارة الداخلية بالسعودية المرأة التى تقود سيارتها بنفسها بتهديد اللحمة الاجتماعية (بالضمة على اللام) وتعنى تهديد السلام الاجتماعى فى الدولة والأسرة. كانت هيئة كبار العلماء تمنع المرأة من قيادة سيارتها بنفسها، ولا تصدر إدارة المرور تصاريح القيادة إلا للرجال، لكن فى نوفمبر 1990 بدأت مجموعة من 47 امرأة بقيادة سياراتهن بأنفسهن فى شوارع الرياض العاصمة، دافعت جمعية تضامن المرأة العربية، عن حق المرأة السعودية فى قيادة سيارتها، لكن بعض الشيوخ أفتوا بأن الإسلام لا يبيح للمرأة قيادة السيارة، حماية لها من المخاطر، لم تكن السيارة اكتشفت حينئذ، وكانت المرأة تركب الخيل والإبل، الأقل أمانا من السيارة، لأنها بلا سقف ولا أبواب، وكانت حرب البترول الاستعمارية مشتعلة ضد العراق تحت اسم تحرير الكويت، خلال يناير 1991، كانت جمعية تضامن المرأة العربية، ضمن القوى الشعبية التى عارضت الحرب والهيمنة الأمريكية، فتم إغلاقها بقرار ضد القانون فى مايو 1991. وتلقت الحركة النسائية السعودية الضربات تحت اسم حماية الإسلام من تمرد النساء، لكن الحركة عادت بعد قيام الثورتين التونسية والمصرية فى يناير 2011 بدأت بعض السعوديات بقيادة سياراتهن، فى مايو ويونيو 2011 تحت شعار سأقود سيارتى بنفسى ما الذى يخيف سلطة الدولة أو الزوج إن قادت المرأة سيارتها بنفسها؟ لكنه الخوف التاريخى من قوة المرأة وعقلها، وقدرتها على التفكير الحر وإنتاج المعرفة والحكمة، وإلا فلماذا فرض على المرأة أن تخفى رأسها بالذات؟ كانت المرأة فى الحضارات القديمة إلهة ترمز للعقل والحكمة، قبل إدانة حواء والمعرفة فى كتاب يهوه، هذه الخطيئة توارثتها البشرية، بدرجات متفاوتة، حتى اليوم. بترت الصحيفة اليهودية وجوه النساء اللائى شاركن فى مسيرة باريس خضوعا للقيم السلفية، التى تعادى النساء وحرية الفكر، وتمنع ظهور وجوه النساء بحجة الحفاظ على الأخلاق والدين، وفى عام 2009 حذفت صحيفة إسرائيلية تابعة لهذه الطائفة، وجوه نساء من عضوات الحكومة الإسرائيلية، وصحيفة أخرى وضعت صور رجال مكان النساء، ولا تزال التعاليم اليهودية التقليدية تمنع وجود النساء بين الرجال مثل مذاهب أخرى فى الإسلام والمسيحية. سألنى صحفى بالأمس: لماذا تواصلين الدفاع عن حقوق المرأة رغم أنها أخذت حقها وزيادة؟ ألا يرى وجوه النساء المختفية بالنقاب؟ ألا يرى رءوس النساء الملفوفة بالحجاب؟ ألا يرى طوابير الأمهات المطرودات للشارع بكلمة من الزوج طالق؟ ألا يقرأ صفحات الحوادث عن الاغتصاب والتحرش بالبنات؟ ألا يرى ظاهرة زواج القاصرات وزنا المحارم وبيع الأطفال البنات لعجائز الرجال؟ هل تستطيع امرأة أن تشم الهواء على شاطئ النيل دون أن يطاردها الرجال؟ ألا يتزوج الرجل أربع نساء ثم يذبح زوجته إن نظرت بطرف عينها لرجل آخر؟ ألا يرى الأحزاب السياسية التى تتعمد إقصاء النساء بعد أن قدمن أرواحهن للثورة؟ ألا يرى أن أخطر أنواع الإرهاب هو فرض الظلم الجنسى العنصرى بقوة القانون والشرع والعرف والهوية والفضيلة؟.