دعم الاتحاديون الصحراوين، خلال المؤتمر التاسع للاتحاد الاشتراكي بكل ما يملكون من تعداد وعتاد، الكاتب الأول الحالي لحزب الوردة إدريس لشكر، حتى ينال هاته الصفة. ولن تسقط من مخيلة أحد المؤتمرين ما عاينوه ونقلوه ل"فبراير.كوم" عن لشكر:"..وأنا أهم بالخروج من قاعة التصويت والفرز، ممسكا هاتفي النقال، وورقة دونت عليها الأرقام الخارج من الصناديق الشفافة، وشفتاي تنطقان لزميل بالفائز مع عدد الأصوات الممنوحة له، فما كان من أحد المؤتمرين الاتحاديين القادم من "كلميم" إلا أن عانقني بقوة، والدموع تنهمر من عينه، وهو يقول "شوف دبا كي خارج من فمك إدريس لشكر داها وربح بحال لعسل ".
وحينها، وسط صخب الشعارات المهنئة للزعيم الجديد، تذكرت دردشة على مائدة الغداء في اليوم الثاني من المؤتمر جمعتني ب "الكلميمي" المتأثر، دافع خلالها عن لشكر بقوة وكأنه ابن الاتحاد بالفطرة، أو لنقل منذ المؤتمر الاستثنائي سنة 1975 الذي رسم الخط الأيديولوجي والسياسي، بعد تلاوة عمر بن جلون الخطوط العريضة للهوية الاشتراكية الجديدة وسط الاتحاد..
ولعل ما استوقفني بعد العناق الحار، ورؤيتي لدموع الفرح، حكايات ابن بلدي الصحرواي، خلال دردشة الغداء، عن بطولاته أيام إيمانه بالخيار "الانفصالي" عن المغرب، ورفضه الشديد طيلة الجلوس قربه حول المائدة، لاستثناء "كلميم" من الأراضي المتنازع عليها، مع استحضار الموقف التاريخي لعبد الرحيم بوعبيد، الذي رفض فيه إجراء استفتاء كما طرحه الملك الراحل الحسن الثاني على أراضي هي في الأصل مغربية. انتهت رواية أحد المؤتمرين التي رواها ل"فبراير.كوم" ومعها يطرح أمام كل ما سبق سؤالين: لماذا دعم آل الصحراء لشكر ؟ ولماذا كل هذا الفرح والدموع ؟
اشتكى الصحراوين الاتحاديون، طيلة أيام المؤتمر الثلاث، من استغلال صورة المرأة الملتحفة باللباس الصحراوي من طرف مختلف الأحزاب والمنظمات لتأتيت المشهد، ونقله عبر شاشات التلفاز، كي يقولوا للعالم، ينشط وسطنا صحراويون يؤمنون بمغربية صحراء، دون أن يكون لهم دور سياسي وتنظيمي حقيقي، خارج ما يتمتع به بعض النافذين والأثرياء منهم.
هذا الإحساس بالانتقاص من حضورهم كمناضلين، وحسب ما يروج داخل البيت الاتحادي، يوضح بجلاء لماذا ذرف مؤنسي في وجبة الغداء الدموع بفوز لشكر. لأن المسألة لا تقف عند انتخابه، بل تتعدى ذلك إلى رغبة حقيقية عند أبناء الصحراء المغربية لاحتلال مكانة كاتحاديين يتوفرون على بطاقات الانخراط، في تقلد إحدى المهمتين: إما رئاسة اللجنة الإدارية التي أجل الحسم في تشكيلتها إلى غاية 12 من الشهر القادم في السنة القادمة، وإما إنزال أحمد الزيدي من رئاسة الفريق النيابي لمجلس النواب وستكون المهمة سهلة هنا، لأن التوجه يسير داخل الفريق للتعامل مع لشكر بطريقة أخرى قد تعصف بالتنسيق بين القيادة والنواب، فيصبح بذلك مطلب تغيير دفة ممثلي الأمة عن الاتحاد داخليا، ومشروعا لاستمرار حياته النيابية.
ما أشبه الأمس باليوم، حميد شباط يدفع بقضية تمثيلية الأقاليم الجنوبية في قيادة الاستقلال والحضور داخل تشكيلة الحكومة، وإدريس لشكر يعد سرا بأبناء المنطقة برفع الحيف عنهم والأخذ بيدهم للوصول إلى إحدى الكرسيين، وتفيد مصادر اتحادية عليمة أن الطرح ثاني هو الأقوى.
وبالعودة لحدث العناق، والفرح، والدموع، الصحراوي، كما رواها لنا مصدرنا، يعلم جيدا مع رفاقه الذين اجتمعوا ساعة قبل الدور الثاني للتصويت على الكاتب الأول للاتحاد، داخل قاعة في مركب بوزنيقة قرب المسبح الداخلي، ما الغاية من الدعم المطلق المختلط بالأحاسيس لإدريس لشكر الوافد الجديد على حلبة محترفي الكلام.